صحافةمقالات

البيئة البحرية مخاطر تهددها ملوثات البحر (الحلقة الثانية)

الدكتور /  عبد العزيز أحمد قشرة*

1)          التلوث النفطي:

إن الموقع الاستراتيجي البحري الذي تشغله الجمهورية اليمنية على الطريق البحري الهام سيعطي لمشكلة التلوث في المنطقة بعداً أكبر، خاصة وإن هذا الطريق أصبح من أكبر الممرات البحرية العالمية أهمية في الملاحة عبر دول آسيا وأستراليا وأوروبا والأمريكيتين.

ومما يصور ضخامة الحركة الملاحية في المنطقة إن مضيق هرمز، وهو على مقربة من سواحلنا تعبره دخولاً و خروجاً بمعدل سفينة تجارية كل خمس دقائق، لذا فان السفن سواء التجارية أو ناقلات النفط ستحدث تلوثاً كبيراً بما تقذفه من ملوثات و نفايات و مياه ملوثه ببقايا بترولية سيصل أثرها إلى سواحلنا خاصة و أن الكثير من هذه السفن تمر عبر الطريق البحري في خليج عدن وباب المندب إذ أن ارتباط دول الخليج التجاري بالدول الأوربية و الأمريكية أكبر ارتباطها بالدول الآسيوية، إضافة إلى أن البواخر التي تأتي أو تتجه نحو الجنوب الشرقي ستصل ملوثاتها إذا ما ألقتها بالقرب من بوابة الخليج العربي (مضيق هرمز) خاصة في فصل الشتاء حيث يكون اتجاه التيارات من الجنوب الشرقي نحو الغرب.

 ونتيجة لكون ناقلات النفط تسهم في تلوث البحر لحركة نقل النفط سيكون كبيراً خاصة والخليج العربي تصله بمعدل أربعة الآلاف ناقلة سنويا.

 ونتيجة لكون ناقلات النفط تملأ خزاناتها بمياه الاتزان أثناء عودتها إلى موانئ الشحن، وهذه المياه خاصة -حسب اتفاقية لندن- إضافة إلى وجود الرقابة الشديدة على التخلص من هذه المياه في موانئ الشحن؛ لذا فان المنطقة المناسبة للتخلص من مياه التوازن هي خليج عدن والتي لا توجد فيها رقابة شديدة على هذه السفن.

إضافة إلى أن هذه السفن تقوم بعمليات صيانة داخلية وتتخلص من نفايات مختلفة خاصة (المازوت) ومما يثبت ذلك هو انتشار كتل من الزيت في كثير من سواحلنا خاصة حضرموت (بير علي، شقرة، وعدن، وباب المندب).

 (أبوبكر، أبو الفتوح 1995م).

 ومع استخراج النفط في الجمهورية اليمنية ووجود منافذ بحرية لتصدير النفط اليمني في كل من الحديدة (رأس علي) وحضرموت الشحر(ضبة) ومصافي عدن؛ لذا فان ناقلات النفط تقوم برمي مياه التوازن إلى البحر مباشرة نظراً لعدم وجود خزانات استقبال لهذه المياه، مما يسبب تلوثاً بحرياً نفطياً آخر.

 كذلك القوارب العاملة في مجال الاصطياد فإنها تقوم برمي مخلفاتها من الزيت في البحر مباشرة، لذا فان معظم التقارير عن الساحل اليمني دلت على وجود تلوث نفطي في المناطق التالية:

–            فوة بيرعلي، رأس الكلب، شقرة، ومن عدن إلى باب المندب، جنوب المخا (دعيبل أبو بكر 1996م) و (ورشدي 1944م) وباب المندب (أبو بكر، أبو الفتوح 1995م).

ونتيجة لوجود هذا التلوث النفطي فانه يتسبب خطورة على الكائنات البحرية، حيث يتم تدمير مساكنها وتغطية وسائل الإحساس فيها وأعضاء التنفس وما يحتوي تلك الملوثات من مواد كيميائية خطرة وسامة تسبب في قتلها.

2)          المخلفات الصلبة:

عن عملية التخلص من المخلفات الصلبة وطريقة رميها إلى الشواطئ سواء كانت قمامة أو مخلفات البناء، هذه المخلفات المتراكمة من قبل الإنسان متحللة، ستؤثر على المنطقة الساحلية خاصة الكائنات البحرية التي تعيش بالقرب من الشاطئ وقد لوحظت هذه المخلفات حول مراكز التجمعات السكانية.

3)          مياه المجاري: تعتبر مياه المجاري أحد الأسباب الخطيرة التي تؤثر تأثيراً مباشراً على البيئة البحرية نتيجة لزيادة المواد الغذائية في احتوائها على كميات كبيرة من المواد الصلبة، و أيضاً تحتوي على مخلفات المصانع و المختبرات و المستشفيات و هذه العملية تتم دون معالجة وترمى مباشرة في أغلب المدن اليمنية الساحلية مثل الحديدة، وهي الوحيدة التي توجد بها محطة معالجة أولية للمجاري المتدفقة، حيث تعتبر عملية تصريف مياه المجاري إلى البحر من المخاطر البيئية الرئيسية كونها تحمل نسباً عالية من العضويات و تصريفات المياه ذات الطلب للأكسجين في المياه الساحلية هذا بدوره يؤدي إلى تغيير التوازن الاحيائي للكائنات البحرية و خاصة الهائمات منها النباتية و الحيوانية، و بحيث أن بعض الأنواع النباتية لها القدرة على مقاومة التلوث أكثر من غيرها فتتكاثر فتفرز مواداً سامة تقتل بقية الأنواع وكذلك الأسماك و الطيور مما يقلل من عملية التنوع في هذه البيئة، كما أن تصريف مياه المجاري إلى البحر يعمل على تدمير مواقع تكاثر الأسماك  ويعمل على انتشار الأمراض و الأوبئة التي تسبب التلوث وكذا تعمل على تراكم المواد السامة و المعادن الثقيلة في الأسماك مما يسبب أمراض للإنسان الذي يتناولها و ربما تؤدي به الى الموت و تسبب  أيضا زيادة كميات الأعشاب البحرية و المواد العالقة و العكارة مما يسبب تقليل للطبقة المضادة حيث قد لا تتمكن بعض الكائنات من القيام بوظائفها الحيوية مما يؤدي إلى موت هذه الكائنات البحرية وهذا يسبب كارثة بيئية خطيرة على الساحل.

4) التلوث الصناعي: كثير من المصانع المتوسطة و الصغيرة التي شيدت على طول الساحل اليمني ترمي مخلفاتها إلى البحر مباشرة، مثال مصانع الطلاء البطاريات و النسيج، هذه المصانع ترمي مخلفاتها إلى البحر مباشرة، و هذه المخلفات التي تحتوي على مواد ملوثة من مركبات كيميائية سامة و عناصر المعادن الثقيلة، هذه الملوثات التي تؤثر على البيئة البحرية، أيضاً مخلفات مصنعي تعليب الأسماك (المكلا وشقرة) ترمي مخلفاتها إلى البحر مباشرة، وكذا عملية استخراج مادتي الملح و الجبس في منطقة الصليف لها تأثير على البيئة الساحلية، حيث يتم استخراج الملح و تصدير على الساحل ويتم فقد كميات أثناء النقل للمياه الشاطئية مما يسبب رفع الملوحة للبحر، و بالتالي تتفاعل بقية العوامل الفيزيائية لمياه البحر من كثافة و ضغط و حرارة، وبالتالي تختلف طبيعة البيئة، فلا تستطيع بعض الكائنات التحور مع التغيرات الحديثة في هذه المنطقة.

*رئيس جمعية ساحل تهامة التعاونية

المصادر: الباحث ماجد الصرمي

البيئة البحرية مخاطر تهددها ملوثات البحر (الحلقة الثانية)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى