إرشاداتصحافة

العمل التطوعي والمبادرات المجتمعية من أجل الاستدامة

الدكتور/ يوسف المخرفـي

تعد المبادرات المجتمعية التطوعية من العوامل الدالة على تطور المجتمعات، وركيزة أساسية لبنائها، ودالة على تماسك أفرادها ومؤسساتها وعلامة على نهضة وتحسن مستواها التعليمي، وآية رقيها المتمدن ومصداقاً لتعبد أفرادها الديني بالعمل الصالح المنتج.
وفي عصر الانفجار السكاني والمعرفي الذي نعيشه والذي يمتاز بالتعقيد والتعقد؛ بحيث لم يعد بمقدور دولة ما من دول العالم- مهما بلغت قوتها-الوفاء بالتزاماتها لمواطنيها وتلبية احتياجاتهم وتحقيق رغباتهم وأهدافهم وتطلعاتهم بمعزل عن المشاركة الاجتماعية من خلال العمل التطوعي والمبادرات المجتمعية.
وفي ديننا الإسلامي الحنيف يحث على العمل المخلص المثمر الذي يبتغى به وجه الله بدون أجر أو مقابل دنيوي؛ فلم يعهد بالنظافة إلى عامل النظافة؛ أو بالنهي عن المنكر إلى ممثل الدولة؛ بل كواجبات تعبدية ملقاة على كاهل كل مسلم ومسلمة.
ويتم تقديم خدمات العمل التطوعي بشكل فردي أو مؤسسي عبر منظمات المجتمع المدني التي يفوق تعدادها ٥٠ ألف منظمة مجتمع مدني في اليمن، ولكن جميعها غير فعالة وغير منتجة للأسف.
والمتأمل والمشاهد لأحداث العدوان على غزة العزة- في الآونة الأخيرة- يجد أن العمل التطوعي والمبادرات المجتمعية قد حلت محل حكومة غزة التي استهدف العدوان الصهيوني مقراتها وأعمالها وخدماتها؛ حيث قام مواطنو غزة تطوعياً بمهام انتشال الجثث والمصابين من تحت ركام المنازل وإسعافهم، وكذا تقديم الخدمات للمواطنين من مياه ووقود، وكذا تقديم الدعم النفسي والمواساة للجرحى والمصابين، وإجلاء السكان من المناطق المستهدفة، وهو ما يؤكد على استدامة العمل التطوعي والمبادرات المجتمعية حتى في ظل غياب الدولة ومؤسساتها قسراً أو تقصيراً منها.
ونؤكد على أن العمل التطوعي والمبادرات المجتمعية ما هي إلا تطبيقات وسلوكيات للمواطنة الحقة التي تؤكد على الانتماء للوطن ومحبة مواطنيه من خلال تقديم الخدمات الإنسانية والتنموية لهم، وآية من آيات تماسك المجتمع وتلاحمه وترابطه بروح ويد جماعية واحدة في سبيل تحقيق أهدافه وغاياته وثوابته ومصالحه العليا.
كما أن للعمل التطوعي والمبادرات المجتمعية مجالات عديدة ومتنوعة واهمها مجالات الصحة والتعليم والتوعية والتدريب والتأهيل والدعوة والبيئة سواء داخل الوطن أو خارجه لخدمة الإنسانية التي تؤكد خلافة الإنسان لله في الأرض.
ونؤكد أنه لا يمكن بناء مجتمع قوي متقدم متماسك أو تحقيق تنمية مستدامة بدون مشاركة مجتمعية وأعمال تطوعية سواء من المجتمع أو القطاع الخاص كرديفين أساسيين للدولة في تنفيذ التزاماتها لمواطنيها في سبيل تحسين مستوى معيشتهم.
كما نؤكد على أ روح العمل التطوعي والمبادرات المجتمعية تعد بمثابة قيم يتم غرسها في نفوس النشء بحيث لا يشعروا بحرج في نفوسهم حينما يقومون بالعمل التطوعي من قبيل النظافة ورفع المخلفات وإسعاف المصابين وغيرها، كما أن المساهمات التطوعية تؤكد على استدامة البناء؛ فمن المستحيل أن يخرب افراد المجتمع ما بنوه بأيديهم.
من هنا لابد من الاهتمام بتضمين قيم ومبادئ العمل التطوعي في المناهج الدراسية والبرامج الجامعية والتأهيلية بما يسهم في تعزيز قيم المواطنة والإخلاص بالعمل لوجه الله ووطننا الحبيب.

  • أستاذ العلوم البيئية والتنمية المستدامة المساعد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى