زراعـــة البقـوليــات فـي تهــامــة
أيوب أحمد هادي – اليمن الزراعية
تعتبر زراعة البقوليات من أهم الزراعات في اليمن؛ كونها تلعب دوراً رئيسياً في تغذية الإنسان والحيوان، فهي تأتي بعد الحبوب من حيث الأهمية الغذائية.
وتعد المنطقتان الوسطى والغربية في اليمن من أكثر المناطق التي تنجح فيها زراعة البقوليات غير أن زراعتها تعتبر محدودة بالنظر إلى أهميتها، ومن أشهر محاصيل البقوليات المزروعة في اليمن الفول (الباقلاء) والعدس والفاصوليا بأنواعها واللوبيا والبسلة والحلبة.
في تهامة تزرع البقوليات بنسبة قليلة عدا محصول اللوبيا “الدجرة” التي تزرع فيها بشكل كبير، وقد اشتهرت تهامة بزراعتها منذ زمن بعيد.
وبحسب بيانات الاحصاء الزراعي لوزارة الزراعة للعام 2021 فإن محافظة الحديدة تتصدر المحافظات اليمنية في زراعة وإنتاج البقوليات، وقد بلغت المساحات المزروعة بالبقوليات في تهامة بمحافظة الحديدة بنحو 21894 هكتار وكميات الانتاج 62710 طناً، ما نسبته 56.6% من إجمالي المساحة المحصولية للبقوليات في اليمن.
%99.16 من هذه المساحة يتم زراعتها بمحصول اللوبيا، يليها محصول الفاصوليا البيضاء بنسبة 0.84%، غير أن زراعة محاصيل البقوليات بدأت في الانتشار بشكل واسع مؤخراً في تهامة، وقد أجريت العديد من التجارب لزراعة مختلف المحاصيل منها البازلاء والفاصوليا بأنواعها المختلفة والفول السوداني وفول الصويا، وأظهرت تلك التجارب نجاحات نسبية متفاوتة إلا أنها لم تحقق تطوراً كبيراً في إنتاجها، ويعود ذلك إلى انعدام المناخ الملائم لزراعة بعض المحاصيل في عائلة البقوليات بحسب محطة البحوث الزراعية بمحافظة الحديدة.
وفي هذا الشأن يقول المزارع عبده طعام، وهو من منطقة القرشية بمديرية زبيد: “كنا نزرع الدجرة “اللوبيا” بشكل كبير وقد توارثنا هذه الزراعة عن أجدادنا حتى أننا كنا نستخدمها في غذائنا كوجبة رئيسية منذ القدم، ولم نكن نزرع أي محصول من البقوليات الأخرى سوى الفاصوليا البيضاء بشكل قليل جداً يعود ذلك إلى قلة وعينا بأهمية هذه المحاصيل الغذائية في تحقيق الأمن القومي”.
ويضيف: “بدأنا خلال هذا العام بالتوجه نحو زراعة بعض البقوليات بشكل واسع من خلال دعمنا وتشجيعنا من قبل الجمعية الزراعية وقد قدمت لنا بذور الفاصوليا الرقشاء الذي يعتبر بمثابة محصول جديد علينا في مديرية زبيد، حيث زرعناها، والحمد لله وجدنا نمواً جيداً، ونأمل بمشيئة الله إلى نجاح هذه الزراعة لنتمكن من التوسع أكثر في زراعتها.
موجهات القيادة
من جانبه يشير المدير التنفيذي لجمعية زبيد إبراهيم العمار إلى أن مشروع التوسع في زراعة الأولويات الزراعية من بينها البقوليات، موضحاً أن ذلك يأتي تنفيذاً لموجهات القيادة العليا، والتي وجهتنا، وحثتنا للتوسع في زراعتها.
ويضيف: “رأينا أن زراعة البقوليات لها أهمية وفوائد هائلة ومتنوعة، حيث قمنا بالتنسيق مع وحدة تمويل المشاريع والمبادرات الزراعية والسمكية ووحدة البذور، وتمكنا بعون الله من الحصول على ألف كيلو جرام من بذور الفاصوليا الرقشاء، وتم توزيعها على 78 مزارعاً في مختلف مناطق المديرية، والتي غطت مساحة زراعية قدرها 350 معاداً، والآن نحن في الطور الأول للنمو، وهناك بشائر خير بفضل الله.
ويشير إلى أن توجه الدولة نحو دعم التوسع في زراعة البقوليات اعترافاً بقيمتها الغذائية وأهميتها في تأمين الغذاء، مؤكداً أن التوسع فرصة فريدة لتسليط الضوء على دور البقوليات في تكوين الأنظمة الغذائية عالية الكفاءة.
ويطالب بشير العمار بضرورة توعية المجتمع بأهمية زراعة البقوليات في تحقيق الأمن الغذائي من خلال تحسين الإنتاج وتحسين التغذية وتحسين البيئة الزراعية حتى تتحسن الحياة الاجتماعي للمجتمع والمزارعين وعدم ترك أحد يتخلف عن زراعة هذه المحاصيل الهامة.
ويقول: “كان مزارعو زبيد في السابق يزرعون محصول الفاصوليا البيضاء بشكل كبير، ولكن بسبب عدم وجود الدعم لهذا المحصول من قبل الدولة تراجعت زراعتها حتى أتت توجيهات القيادة السياسية الأخيرة لضرورة التوسع في زراعة محاصيل البقوليات لتعيد الأمل للمزارعين بالعودة إلى زراعة هذه المحاصيل الهامة، وبدأنا في زبيد بزراعة محصول الفاصوليا الرقشاء ومستمرون في مواصلة الجهود لتنفيذ كل الموجهات في سبيل تحقيق الأمن الغذائي”.
قليلة التكاليف
وفي السياق ذاته يشير مدير الخدمات الزراعية بالهيئة العامة لتطوير تهامة المهندس محمد هديش إلى أن محاصيل البقوليات تتميز بتعدد استخداماتها، موضحاً أن البقوليات يمكن أن تنمو في التربة شديدة الفقر، وهذا يعني إمكانية زراعتها في المناطق التي لا يمكن زراعة محاصيل أخرى فيها كما تمكنها جذورها الأعمق والأكثر وفرة بالصمود في وجه الجفاف بشكل أفضل، وهذا أمر مهم بشكل خاص في الأماكن التي يستمر فيها الجفاف، كما أن محاصيل البقوليات قادرة على الصمود وتعتبر من المحاصيل المستدامة.
ويؤكد أن الهيئة العامة لتطوير تهامة ستعمل على المتابعة المستمرة وتقديم كافة الإرشادات اللازمة عبر مراكز الارشاد الزراعي في كافة المناطق الزراعية حتى نجاح زراعة مختلف محاصيل البقوليات التي نجحت زراعتها في تهامة باعتبار أنها تمثل قفزة نوعية لتحول المسار الزراعي نحو تحقيق الأمن الغذائي والقومي.
ويشيد هديش بدور اللجنة الزراعية والسمكية العليا ممثلة في وحدة البذور ووحدة تمويل المبادرات الزراعية والسمكية، بالإضافة لدور الجمعيات الزراعية التي تتبنى المشاريع الزراعية لمختلف المحاصيل في مقدمتها الحبوب والقمح والبقوليات والقطن، مشدداً على أهمية استمرار هذه الجهود حتى يتحقق الاكتفاء الذاتي المنشود والتغلب على كل التحديات الرامية إلى خلق الأزمات الغذائية في اليمن في مقدمتها الحصار الاقتصاد.