نموذج لدعم المنتج المحلي وتحسين جودته
شابٌ طموحٌ لديه عدة مشاريع يسعى لتنفيذها، ومنها استيعاب منتجات الخضروات، وتعبئتها، وتغليفها، وعرضها بطريقة صحيحة بما يحافظ على جودتها وتقليل الفاقد ويطمح إلى تصدير الفواكه والمنتجات اليمنية إلى الخارج مغلفة ومعبأة بطرق صحيحة
في ريف عتمة بمحافظة ذمار من وسط الخضرة، والمناظرِ الخلابةِ، ولد صدام الشرع في العام 1992م..غادر قريته، وعمره ثلاث سنوات، وانتقل إلى العاصمة صنعاء مع أسرته، وهو وحيد والديه من الذكور، حيث ترك المدرسة، وهو في الصف السادس الابتدائي، وتحمل مسؤولية أسرته، عندما رأى أبيه ذي الخامسة والسبعين من العمر، يتعب في توفير مصاريف الأسرة.. هنا قرر صدام الشرع أن يتولى المسؤولية بديلاً عن أبيه، وأن يريحه فيما تبقى له من العمر.
كان شاباً طموحاً، لم يعرف اليأس، ذهب وعمل مع إحدى المؤسسات الخاصة في استيراد وبيع الفواكه، وعمل لمدة 12 عاماً، حيث كان راتبه الذي لا يتجاوز 30 ألف ريال هو مصدر الدخل الوحيد، يخصص منه 20 ألف ريال إيجار البيت، والعشرة الآلاف الباقية مصاريف الأسرة.
عمل صدام في البداية مع المؤسسة مباشراً لطلبيات الزبائن، ومنذ عام 2004م إلى عام 2008م، ونظراً لأمانته، ونشاطه وذكائه، فقد تم ترقيته إلى أمين مخازن، والذي تعرض للكثير من الخسائر، والعجز، الذي كان عليه، ويضطر لدفعه من راتبه، والذي كان العجز أحياناً يفوق مرتب نصف عام، وبعدها عُيّنَ موزعاً في المؤسسة نفسها.
صدام كأحد أبناء الشعب اليمني المكافح والمثابر، لم يستسلم، وقرر أن يجعل من معاناته نقطة انطلاق نحو الاستقلال، وتأسيس مشروع خاص به.
لم تكن الطريقة أمامه مفروشة بالورود، ولا يمتلك رأس مال يستطيع من خلاله تأسيس مشروعه، ولكن بعزيمة الإنسان الواثق بالله، قرر صدام فتح محل بيع فواكه، وكان أغلبها مستوردة، كانت البداية بعشرة كراتين يأخذها من التاجر في الصباح، ويحاسب ثمنها في الليل، وظل هكذا لفترة، وكل يوم تزداد الكميات التي يستطيع صدام بيعها، ظل يعمل حتى العام 2021م في بيع الفواكه المستوردة، وعانى كثيراً، حيث كان التجار يبيعون له جملةً بسعر، ويبيعون بالسعر نفسه في محلاتهم تجزئة.
وعندما بدأت اللجنة الزراعية والسمكية العليا، ووزارة الزراعة والري تخفيض كميات الاستيراد من الفواكه، وإحلال المنتج المحلي، كان صدام هو الوحيد المبادر الذي تجاوب بشكل كبير، فقد غلب مصلحة الوطن على مصلحته الشخصية، فتوجه نحو تحسين المنتج المحلي، وقرر إنشاء مشروع تعبئة، وتغليف الفواكه، وذلك بهدف إظهار المنتج المحلي بالمظهر اللائق، وحفظ جودته.
يقول صدام: “كانت مغامرة مني، لاقيت صعوبة كبيرة، وخسائر، وسخرية حتى من أقرب المقربين مني ومنهم عمالي”.
بدأ صدام الشرع بتعبئة سلة، وتغليفها في 20 صحناً فلين أبو كيلو، وكانت معظم الكميات تتلف، وترجع إلى البيت، لكنه لم يستسلم، ولم ييأس، بل أن خسارته، كانت حافزاً وداعماً له للمضي قدماً حتى يرى مشروعه النور.
اليوم صدام يبيع ما يقارب من 1000 طبق، يمتلك ثلاجات كبيرة في العاصمة صنعاء سعتها 14000 سلة، ومثلها في محافظة صعدة، في كل براد 3 طبليات، يقوم بتعبئة وتغليف التفاح والرمان، والعنب، والسفرجل، والبرتقال، والتوت، والجوافة، والمرمش، والموز العنبرود، الفرنك، البرقوق، وبقية الفواكه، يشتري من المزارعين مباشرة، وأحياناً يشتري مزارع في محافظة صعدة، يقوم بنقل الفواكه بطرق صحيحة ويلتزم بالعبوة المحددة.
صدام الشرع وأنت تستمع إليه وهو يتحدث، تشعر وكأنه يتكلم بلسان المزارع، والمستهلك وليس تاجر، يحلمُ أن يخفف من كلفة الإنتاج، يسعى أن يقلص عدد الوسطاء الذي يقفون بين المزارع والمستهلك ويحصلون على أكثر من المزارع الذي يتعب ويخسر، وينتظر المحصول، وتجار الوسط والسماسرة والدلالين يحصلون أكثر من المزارع.
مشاريع قادمة
صدام الشرع، شابٌ طموحٌ لديه عدة مشاريع يسعى لتنفيذها، ومنها استيعاب منتجات الخضروات، وتعبئتها، وتغليفها، وعرضها بطريقة صحيحة بما يحافظ على جودتها وتقليل الفاقد.
ومن مشاريعه كذلك هو تأسيس خط إنتاج عبوات خاصة لكل منتج، وخط فرز وتعبئة وتغليف، وإنشاء عشرة معارض نموذجية بأمانة العاصمة 30 × 20 متر تكون مراكز بيع وتوزيع للمنتجات الزراعية المحلية خضار وفواكه، ويأمل أن يجد التعاون والدعم والتسهيلات من قبل الجهات المختصة، في إيجاد أماكن لإنشاء هذه المشاريع، بالإضافة إلى إيجاد 70 نقطة بيع في أمانة العاصمة، و30 نقطة في صعدة، و20 في عمران ومثلها في ذمار وأب وبقية المحافظات. كما يسعى لتشغيل الأيادي العاملة وبطريقة منظمة من خلال توفير عربيات نموذجية لبيع الفواكه تعمل على حماية المنتج من الأتربة، وأشعة الشمس، وبما لا يؤدي إلى ازدحام في الطرقات والشوارع، ولم يتوقف طموح هذا الشاب عند هذا الحد، بل يسعى لتصدير الفواكه ومنتجات اليمنية إلى الخارج بما يليق بها، مغلفة معبأة بطرق صحيحة.
صدام الشرع يشكوا من ضعف الإقبال من قبل المستهلك، والذي لم يقتنع بعد بشراء الفواكه مغلفة وبالوزن، ويدعو وسائل الاعلام للترويج للمنتج المحلي أكثر، وخلق وعي لدى المواطن بأهمية شراء الفواكه النظيفة والمغلفة نظراً لفوائدها الصحية والغذائية.
حظي صدام الشرع بتكريم رسمي من قبل وكيل قطاع الخدمات الزراعية الأستاذ ضيف الله شملان، والذي يعد الداعم والمشجع والمحفز لصدام الشرع، وهو من وقف معه، وشجعة بشكل كبير.
صدام الشرع، عنوانٌ للشابِ اليمني الطموح المخلص، والمحب لوطنه، ومنتجاتها، وأنموذجٌ نتمنى أن يحتذى به، وأن يحقق كل أحلامه وطموحاته.