إرشاداتصحافة

الطب البيطري والثروة الحيوانية

الطب البيطري والثروة الحيوانية

قراءة طبية وصحية وتنموية

الدكتور/ يوسف المخرفـي

يعد الطب البيطري فرعاً من فروع علم الطب إلى جانب الطب البشري؛ والأول معني بتشخيص وعلاج الأمراض التي تصيب الحيوانات التي تعد أحد شركاء الإنسان في الحياة ومسخرة لخدمته ومنفعته، ولها الحق في الحياة، وفي التمتع بصحة جيدة لأجلها ولأجل صحة الإنسان الذي يعتمد في غذائه الأساسي البروتيني عليها.
كما يشير مفهوم الصحة إلى مستوى الكفاءة الأيضية والوظيفية التي يتمتع بها الكائن الحي سواء الإنسان أو الحيوان.
وبحسب تعريف منظمة الصحة العالمية للصحة في مؤتمر الرعاية الصحية ١٩٧٨م بأنها حالة من تكامل سلامة الكائن الحي من النواحي الجسدية والنفسية والاجتماعية، وليس مجرد الخلو من العجز أو المرض؛ ويركز المفهوم على سلامة الكائن الحي سواء الإنسان أو الحيوان أيضاً ولكلاهما جوانب صحة جسدية ونفسية واجتماعية.
فالحيوان عرضة مثله مثل الإنسان للأمراض الجسدية؛ كما أن لحياته أبعاد اجتماعية يتزاوج، ويتناسل، ويحمل، ويلد ويرضع، ويربي صغاره ويعيش في قطعان؛ كما يتأثر نفسياً بالظروف الداخلية والخارجية التي تحيط به أو التي يمر بها أو يتعرض لها.
من هنا صار الحيوان ميداناً للبحث والدراسة الجسدية والنفسية والاجتماعية؛ ليس لتحسين مستوى إنتاجيته فحسب؛ بل وبحسب مقتضيات أخلاقيات البيئة والدين الإسلامي الذي حث على رعاية وتربية الحيوان من جهة كفعل إنساني؛ وعلى تسخيره لخدمة ومنفعة الإنسان من جهة أخرى.
ونظراً لأهمية الحيوان كمصدر لغذاء الانسان من مصادر حيوانية عاشبة غير لاحمة كالأبقار، أو الأغنام، أو الجمال، والغزلان والظبى أو الدواجن، والحمام، والأرانب.
كما سخر للإنسان حيوانات أخرى كالحمير، والبغال والخيول في حمل الأثقال والتنقل والترحال، والكلاب في الحراسة؛ والقطط للحماية من أضرار الفئران والزواحف السامة.
ومن خلال كل ما سبق ونظراً لأهميته؛ فقد أطلق على كل ذلك مجتمعة مصطلح(الثروة الحيوانية) وهو مصطلح يشير إلى استراتيجية ذلك في الاقتصاد المنزلي والريفي والحضري على حد سواء، وكعماد اقتصادي حيوي هام يحتاج إلى الاهتمام والرعاية التغذوية، والطبية، والصحية والإيوائية أيضاً.
وسبقت الإشارة في مقالات سابقة إلى أن برامج الإرشاد الزراعي والطب البيطري اللذين قرر لهما الانتشار والممارسة في المناطق الريفية؛ إلا أنهما لا يزالان حبراً على ورق يقيمان في المدن الحضرية.
وغالباً ما نسأل القادمين من أريافنا عن أحوالهم؛ فيوردوا لنا أخباراً عن نفوق الأغنام تارة والأبقار تارة أخرى، عن طريق العدوى؛ نظراً لتفشي الأمراض المعدية في أوساط الحيوانات على مستوى القرية، أو المديرية كلها أحياناً؛ فتسألهم؛ هل بلغتم بالمرض؟ وهل طلبتم فرق الطب البيطري؟ ونظراً لتدني مستوى الوعي بالطب البيطري لديهم تكون الإجابة باللاءات للأسف.
كما زودنا الطب البيطري بدراسات تثقيفية تشير في مرجعياتها الدينية إلى نهي الإسلام كشريعة عن ذبح صغار الحيوانات؛ وحدد لنا سن ومواصفات وشروط الأضاحي التي فيها من حكمة حماية صغار الحيوانات ما لم يتوصل إليه علم من جهة؛ ومن جهة أخرى كشف الطب البيطري أن لحوم صغار الحيوانات غير مغذية، كونها ما زالت في مرحلة دهنية لم تصل إلى مرحلة تغذوية بروتينية بعد؛ فيكون ضررها الدهني بالغ على الجسم والصحة الجسدية.
ونخلص من كل هذا إلى التوصية بضرورة تنمية الثروة الحيوانية بالاعتماد على صغار المربيين من جهة، وعلى إنشاء الحضائر والمزارع العلمية لتربية الحيوانات من جهة أخرى، كما نوصي بضرورة انتشار وممارسة الطب البيطري ميدانياً في الأرياف، وإجراء الفحوصات الدورية أو النوعية للتحقق من المهددات الصحية للحيوانات، وفي ذلك تحقق من المهددات الصحية للإنسان أيضاً من وجهة نظر الدورة الغذائية العامة، ومن ضمن المهددات الصحية لها تلوث الأعلاف بالمبيدات والأسمدة وتراكمها في أنسجة الجسم، وتعرض الحيوانات للنفوق نتيجة ابتلاعها للأكياس البلاستيكية وتجمعها في أحشائها حتى تصل إلى مرحلة التسبب في نفوقها؛ ومن ضمن المهددات أيضاً تناول الأبقار بالذات للمخلفات العضوية البشرية الميكروبية المسببة للأمراض المعدية، كما نوصي بضرورة تنمية الاتجاهات الإيجابية لدى جميع المواطنين في الريف والحضر نحو امتلاك وتربية الثروة الحيوانية المنزلية، وإكسابهم مهارات رعايتها وتربيتها والاعتناء بصحتها وسلامتها.

*أستاذ العلوم البيئية والتنمية المستدامة المساعد بجامعة 21 سبتمبر للعلوم الطبية والتطبيقية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى