محمد السليماني
تعتبر البحار والمحيطات بيئات شاسعة ومفتوحة تمتلئ بمجموعة متنوعة وكبيرة من الأنواع النباتية والحيوانية، وبالأخص المحيطات الصحية التي تعد أمراً حيوياً للشبكة البيولوجية للكوكب، لكنها وللأسف تتعرض صحة واستدامة تلك النظم للتهديد كما لم يحدث من قبل.
عدد لا يحصى من التهديدات تتعرض لها الكائنات التي تعيش في المحيط معظمها من صنع الإنسان، أضف إلى ذلك الممارسات المدمرة للصيد، وزيادة حركة السفن، والتنقيب عن الطاقة والتنمية، والتلوث، والتنمية الساحلية والصيد التي ليست سوى بعض من تهديدات تلوث الحياة البحرية.
ومن آثار التلوث على الحياة البحرية:
نفايات البلاستيك التي تقتل الحيوانات فعندما تبتلع الطيور البحرية والسلاحف البحرية والحيوانات الأخرى البلاستيك فإن النفايات تسد معدتها، مما يتسبب في موتها جوعاً، وحوالي 60 ٪ من جميع أنواع الطيور البحرية قد ابتلعت قطعاً من البلاستيك ويتوقع العلماء أن يرتفع الرقم إلى 99 ٪ بحلول عام 2050.
وتفيد تقارير رسمية أن هناك ما يقدر بنحو 13 مليون طن متري من البلاستيك يتم التخلص منها في المحيط كل عام، ونتيجة لذلك تتشابك الأسماك والطيور البحرية والسلاحف البحرية والحيوانات البحرية الأخرى في الأنقاض، حيث أن أولئك الذين يبتلعون حطام البلاستيك يختنقون أيضاً ويتضورون جوعاً ويغرقون حتى الموت.
والمشكلة أن البلاستيك لا يتحلل بالكامل حتى بعد مئات السنين، لهذا السبب ينتهي المطاف ببعض المواد البلاستيكية التي تتناولها الأسماك والثدييات البحرية الأخرى إلى الأسماك التي نتناولها على موائدنا، فنأكل نحن الحطام البلاستيكي الذي ألقينا به في المحيطات.
كما تؤدي النفايات البلاستيكية إلى تسريع نمو مسببات الأمراض في المحيط، إذا لامست مسببات الأمراض الشعاب المرجانية فهناك فرصة بنسبة 89٪ للإصابة بالأمراض المرجانية مقارنة باحتمال 4٪ للشعاب المرجانية التي لا تصيبها.
بالإضافة إلى التلوث الضوضائي الذي يعطل الحياة الطبيعية للحيوانات البحرية، حيث تنتقل بعض الأسماك والثدييات البحرية إلى مصادر الصوت أو بعيداً عنها، وبالتالي فإن التلوث الضوضائي يغير أنماط النطق والغوص والسباحة للحيوانات والأسماك المذكورة، نتيجة لذلك يمكن أن تتضرر بعض الحيوانات بسبب التغيرات السلوكية.
ويمكن أن يتسبب التلوث الضوضائي أيضاً في موت الحياة البحرية، كما ذكرنا سابقاً بسبب أن بعض الحيوانات ستهاجر إلى مناطق جديدة، نتيجة لتعطل حياتها الطبيعية بسبب التلوث الضوضائي، أيضاً يمكن للضوضاء الصاخبة أن تخفي الإصابات والملاحة المناسبة لبعض الحيوانات البحرية، وبسبب هذا فإنها ستصبح فريسة للحيوانات البحرية الأخرى وقد تجعلها سهلة للصيد من قبل الصيادين.
ومن المرجح أن تطفو القمامة التي يتم إلقاؤها في مياه المحيط على الماء، وتقطع إمداد الأكسجين بالمياه، وهذا يعني أن الأكسجين الموجود في الماء سوف ينضب مما يؤدي إلى تدهور صحة الحياة البحرية.
والنتيجة هي أن المخلوقات البحرية مثل الفقمات وطيور البطريق والأسماك والدلافين والرنجة والحيتان وأسماك القرش وغيرها من الحيوانات سوف تموت من نقص الأكسجين.
كما تشكل الانسكابات النفطية خطورة بالغة على الحياة البحرية والشعاب المرجانية، فالنفط يسد خياشيم الأسماك ويسد جهازها التنفسي مما يؤدي إلى موتها، بالإضافة إلى أن النفط يطفو على الماء ويخلق طبقة تمنع أشعة الشمس من اختراق الماء.
وفي مثل هذه الحالات تموت النباتات البحرية؛ لأنها لا تستطيع صنع الغذاء من خلال عملية التمثيل الضوئي التي تتطلب ضوء الشمس.
في هذا العدد استعرضا بعضاً من المسببات لتلوث البيئة البحرية، وإن شاء الله في العدد القادم نستعرض الحلول الواجب اتخاذها لحماية البيئة البحرية.