إرشاداتصحافة

أهـمية العـرف الـبحـري

أهـمية العـرف الـبحـري

محمد السليماني

في القدم كانت مجتمعات الصيادين تعيش حياة الفطرة التي كانت توحي أن ينظموا حياتهم في مجتمعاتهم فيما يخص استغلالهم للثروة السمكية؛ لأنهم كانوا يدركون أن هذه الثروة ملكيه عامة، وهي مورد اقتصادي وغذائي مهم، وتتسم بالتجدد والاستدامة، ولابد من وجود ضوابط وقوانين تعمل على حمايتها والحفاظ عليها من الاستنزاف.
فمجتمع الصيادين على ساحل البحر اليمني، لجأت إلى تنظيم حياتها، والحفاظ على سبل العيش المستدام عبر المعارف والعرف البحري الذي يعتبر قديم قدم مهنة الصيد في اليمن.
فالصياد اليمني عندما يذهب إلى البحر كان يراقب كل شيء من حوله، من تشكيلات النجوم، ولون البحر، وحركته، وسلوك الأسماك، والبيئة البحرية، وأهميتها للأسماك والأحياء البحرية، وما السلوكيات الضارة التي تؤثر على استغلاله للبحر.
ومع مرور الزمن تراكمت لديه هذه المعارف والخبرات، التي سخرها للاستفادة منها واستدامة مصدر رزقه التي هي الثروة السمكية، وكان الصياد القديم يحاول أن يندمج ويتفاعل مع البحر بانسجام ليخدم كلاً منهما الآخر وتتحقق خلافة الله للإنسان في الأرض فيما يخص البحر.

فكانت المعارف البحرية:
1- الصياد والنجوم والموقع.
٢- الصياد والنجوم والمواقيت.
٣-الصياد والقمر.
٤- الصيد والأسماك.
فقام البحارة في التفكير في وضع تشريعات وقوانين تنظم عملية استغلال الأحياء البحرية تضمن الحفاظ على بيئة الأحياء البحرية، كما أنهم حاولوا أن ينظموا العلاقات فيما بينهم أثناء مزاولة مهنه الاصطياد، إذا حدثت حوادث، أو خلافات أو تعدي، أو ظلم فيما يخص مهنه الاصطياد خصوصاً في البحر، وفعلاً كان مجتمع الصيادين قديماً يحتكم للعرف البحري، والذي ساهم في حماية الثروة الأحياء البحرية.
لكن في السنوات الأخيرة، ضعف العرف البحري، ودوره في استدامة الثروة السمكية لعده أسباب وعوامل، فأصبح البحر مباحاً لفعل فساد الانسان فيه.
كان متعارفاً بين الصيادين أن أكبرهم سناً وخبرة في البحر، وأصحاب ثقة هم من يسنون العرف البحري، وفي بعض المناطق كان العرف البحري يتوارث داخل العائلة الواحدة، حيث كان الابن يتعلم من الأب، ومن الملاحظ أن قوانين العرف البحري قد تختلف من منطقة إلى أخرى، حسب طبيعة المنطقة، وما يتواجد فيها من بينات بحريه، وطرق وأساليب وأدوات الصيد المستخدمة في المنطقة.
والعرف البحري قد يكون أكثر من صياد في كل منطقه، من كبار السن ومن أهل الخبرة والثقة ولديهم معرفة بمشاكل الصيادين والبحر، والاصطياد ومن مهامهم الاستماع إلى الصيادين، وحل مشاكلهم التي قد تنشأ فيما بينها، فيما يخص مهنة الصيد، أو حل مشاكل المخالفات التي يرتكبها الصيادون أثناء عمليه مزاولتهم لمهنه الصيد
وعندما كان الصيادون يستخدمون أدوات ومعدات للصيد مخالفة تتسبب في استنزاف المخزون السمكي، وتلحق الضرر بالبيئة البحرية، هنا بدأ التفكير في وضع معايير محددة لأدوات الاصطياد المسموح بها، فتعارف الصيادين على استخدام معدات وأدوات مناسبة لعملية الاصطياد حسب نوع الأسماك من حيث الحجم والزمان والمكان، وعند استخدام أدوات مخالفة، يتم تطبيق عقوبات على الصياد المخالف للأعراف المتفق عليها.
لقد كان مجتمع الصيادين اليمنيين منظماً تحكمه القوانين والأعراف البحرية، وهو ما ساهم في الحفاظ على البيئة البحرية والمخزون السمكي طيلة القرون السابقة، وما يتوجب علينا اليوم هو إعادة احياء العرف البحري، وجمعه وتوثيقة وتدوينة للحفاظ عليه من الاندثار والضياع، وتعليمه لجيل الشباب الحالي ليتم من خلاله الحفاظ على البيئة البحرية اليمنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى