خلقت حالة الحصار والعدوان المستمر على بلادنا منذ مارس 2015م، وعياً لدى المئات من الأسر اليمنية عن أهمية الصناعات الغذائية، واستطاعت بعض الأسر توفير غذائها المحلي خصوصاً مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
ولإنجاح ذلك سارعت الجهات الرسمية لدعم هذا التوجه عبر الهيئات والمؤسسات الحكومية لما له من أهمية في خفض فاتورة الاستيراد.
اليمن الزراعية – الحسين اليزيدي
وفي هذا الجانب يؤكد وكيل وزارة الصناعة والتجارة لقطاع الصناعة الأستاذ أيمن الخلقي على أهمية السلع الغذائية لكونها سلعاً استهلاكية، وعليها طلب مستمر ومتزايد، مشيراً إلى أن توطين صناعة هذه السلع له دور كبير في خفض فاتورة الاستيراد وتخفيض وخروج النقد الأجنبي من البلد، وتحقيق استقرار الأسعار وارتفاع القوة الشرائية للنقود داخل البلد، وتقليل نسب البطالة عن طريق توفير فرص عمل كثيرة، وتحقيق استقرار وأمن اقتصادي داخلي، يستطيع مواجهة أية متغيرات خارجية.
وعن دور الوزارة يشير الخلقي إلى أن دور وزارة الصناعة والتجارة يكمن في توفير حصة سوقية لهذه المنتجات المحلية، وأيضاً إرشاد وتوجيه صغار المنتجين للتوجه نحو الصناعات، التي بمقدروهم إنتاجها والتي تعتبر ذات جدوى بالنسبة لهم، بالإضافة لتسهيل إجراءات تسجيل المنتجين في الوزارة، والمساهمة في ايجاد الممولين لهم.
ضرورة المقاطعة
وعن صعوبات التسويق أوضح وكيل وزارة الصناعة والتجارة لقطاع الصناعة أن دور الوزارة هو تقييد السلع المستوردة والذي بدوره يوجد الحاجة لتوفير بدائل محلية، وبذلك تتوفر حصة سوقية لهذه المنتجات المحلية، وتقديم جانب إرشادي للمنتجين المحليين بما يسهم في تحسين جودة المنتج المحلي وبما يخفض تكاليف الإنتاج.
ويؤكد وكيل وزارة الصناعة والتجارة لقطاع الصناعة إن المقاطعة هي حجر الأساس لتشجيع الاستثمار في المجال الصناعي كونه يوفر حصة سوقية كبيرة للمنتجات المحلية واحلالها بدل المقاطعة.
بدوره يقول رئيس جمعية حماية المستهلك الدكتور فضل منصور إن الصناعات الغذائية تكمن أهميتها في تلبية احتياجات السكان من الأغذية وتوفير فرص عمل محلية، وتساهم في تعزيز الاقتصاد المحلي وتقليل الاعتماد على الواردات الغذائية، ورغم ذلك لاتزال محدودة وتعتمد اعتماداً كلياً على المدخلات المستوردة لضمان جودة وسلامة الأغذية المحلية ومطابقتها للمعايير والمواصفات المتعارف عليها.
ويؤكد منصور على ضرورة مراقبة ومراجعة الصناعات الغذائية المحلية بصورة دورية من قبل الجهات المختصة، والعمل على وضع وتنفيذ اللوائح والقوانين الصارمة لضمان سلامة وجودة الأغذية، مشيراً إلى أهمية النظافة والتعقيم، وجودة المواد الخام المستخدمة، والتعبئة والتغليف، والتخزين، وعمليات الإنتاج والتصنيع الجيد، وعلى الجهات المختصة التحقق من تطبيق هذه المعايير من خلال التفتيش المنتظم واختبار العينات، وبالإضافة إلى ذلك، يتم تحديث المعايير والمواصفات بشكل دوري لمواكبة التطورات التكنولوجية والعلمية، وضمان جودة وسلامة الأغذية المحلية.
ويرى أن دعم الصناعات المحلية وحمايتها يتم بواسطة عدة إجراءات:
-1 التشجيع على شراء المنتجات المحلية: يمكن تعزيز الصناعات المحلية عن طريق دعم وتشجيع المستهلكين على شراء المنتجات المحلية، ويمكن ذلك من خلال حملات توعية وترويج للمنتجات المحلية، وتشجيع المتاجر والمطاعم على توفير تشكيلة واسعة من المنتجات المحلية.
-2 توفير الدعم المالي والتقني: يمكن توفير الدعم المالي والتقني للصناعات المحلية من خلال توفير القروض والمنح والتدريب والاستشارات، وتقديم التسهيلات يساعد ذلك المصنعين المحليين على تحسين جودة منتجاتهم وتطوير تقنيات الإنتاج.
-3تعزيز التعاون بين الجهات الحكومية والخاصة: يمكن تعزيز التعاون بين الجهات الحكومية والخاصة لتوفير بيئة مناسبة للصناعات المحلية. يشمل ذلك تسهيل الإجراءات الإدارية وتقديم الدعم اللوجستي وتوفير فرص التدريب والتطوير وغيرها.
-4 تعزيز جودة وسلامة المنتجات: يجب تطبيق معايير صارمة لضمان جودة وسلامة المنتجات المحلية. يشمل ذلك التفتيش المنتظم واختبار العينات وتنفيذ اللوائح والقوانين المتعلقة بالصناعات الغذائية والمنتجات الأخرى.
-5 تشجيع الابتكار والتنويع: يمكن دعم الصناعات المحلية من خلال تشجيع الابتكار والتنويع في المنتجات، والاعتماد على مدخلات الإنتاج المحلية بالتدريج إحلال الصناعات المحلية الغذائية محل المستورد.
فوائد مشتركة
من جانب متصل يقول رئيس الجمعية اليمنية لحمايةوتشجيع الإنتاج المحلي وليد الحدي إن الصناعات الغذائية المحلية أهميتها بالغة في دعم الاقتصاد الوطني لارتباطها المباشر بتنشيط القطاع الزراعي والحيواني والسمكي، فالصناعات الغذائية يمكن أن تضمن للمزارع والمربي والصياد سوق لتصريف منتجاته، لأن العملية تبادلية يدعم كل طرف فيها الآخر، فالمزارع والمربي والصياد يوفر للصناعات الغذائية مواد خام بتكلفة معقولة تحقق للمصنّع هامش ربح مجزي، وكذلك يضمن المصنّع للمزارع والمربي والصياد تصريف منتجاته بطريقة سهلة وبسيطة، ولعل الزراعة التعاقدية احدى ثمار تلك العلاقة التبادلية.
ويضيف: “توفر الصناعات الغذائية للمستهلك سلع بأسعار جيدة لأنها خالية من تكاليف النقل والشحن والتأمين والجمارك التي تضاف على البضائع المستوردة ويتكبدها المستهلك في نهاية المطاف، لأن ذلك يسهم بصورة فاعلة في خفض معدلات البطالة، مؤكداً على ضرورة اعتماد مواصفات جودة ومقاييس للصناعات الغذائية لتلبية رغبة المستهلك، بالإضافة لوضع ضوابط على الصناعات الغذائية المستوردة المنافسة لنظيراتها المحلية من خلال رفع التعرفة الجمركية والضريبية وعدم السماح بواردات المنتجات الغذائية إلا بمقدار الفجوة في الإنتاج المحلي لضمان عدم إغراق السوق. وتنفيذ حملات توعية لرفع مستوى وعي المستهلك بأهمية اقتناء وشراء المنتجات الوطنية.
ويشدد على الاهتمام بإقامة المعارض الوطنية بالتعاون مع المصنعين لإبراز الصناعات الغذائية والتعريف بها وتوفيرها للمستهلك بسعر مقبول وكذلك حث راس المال الوطني والخارجي على الاستثمار في مجال الصناعات الغذائية وتوفير المناخات الملائمة التي تضمن صناعات جيدة من حيث مراجعة وتحديث القوانين والإجراءات التي توفر الحماية لهذا القطاع وكذلك إنشاء المناطق الصناعية وتوفير القروض اللازمة لإنشاء مشاريع صغيرة في هذا المجال، وتفعيل دور الجمعيات التعاونية والاتحادات الزراعية وحث رأس المال الخاص بالاستثمار في مجال تسويق الصناعات الغذائية و تنمية صادراتها.
لا يوجد قانون
من جانبه يشير أحمد الكبسي رئيس الهيئة العامة للمشاريع الصغيرة والأصغر أن دور الهيئة يكمن تقديم خدمات الدعم الفني من فحص للمنتجات الغذائية المجاني من خلال مذكرة تفاهم وقعتها الهيئة مع الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة، إضافة إلى تقديم الاستشارات في ما يتعلق بالجودة والتصميم الفني والهويات البصرية المتكاملة للمشاريع عبر الشركاء ايضاً لكي تكون في مستوى المنافسة المطلوبة.
ويشير إلى عدم وجود قانون يحمي المشاريع الصغيرة والأصغر ومنتجاتها، كما أن للهيئة مشروع يعمل على إعداد قانون تنظيم قطاع المشاريع الصغيرة والأصغر ولكنه تم تعليق العمل في المشروع بناءً على التوجيهات نظراً للتغييرات الجذرية للحكومة.
ويضيف أن الخطط التي تعمل عليها الهيئة لتحقيق الاكتفاء الذاتي هي تحسين وتطوير وضع المشاريع الصغيرة والأصغر ضمن خطتها الاستراتيجية وهناك عدة مشاريع للهيئة في هذا المجال كالآتي:
-دعم قطاع المشاريع الصغيرة والاصغر بشكل عام عبر وضع وتنفيذ استراتيجية وطنية لقطاع المشاريع الصغيرة والاصغر والتي تشمل جميع الجهات التي تعمل في هذا القطاع وتوحيد جهودها لضمان تنمية القطاع.
-دراسة الفرص الاستثمارية للمشاريع الصغيرة والاصغر في عدة محافظات واعداد بطائق بدراسة جدوى اولية لهذه الفرص الاستثمارية ونشرها.
وينوه بأهمية نشر الوعي في مجال ريادة الأعمال وتشجيع الاستثمار من خلال إعداد برامج توعوية تخدم هذا المجال بالتركيز لخلق فرص للاستثمار في التصنيع ومراحل التصنيع الصحيحة خصوصا تلك التي مدخلاتها من المحاصيل الزراعية التي يكون فيها وفرة في مواسم زراعية معينة.
ويؤكد أنه يتم العمل على إنشاء مبادرة وطنية لتعزيز منتجات المشاريع الصغيرة والأصغر عبر إنشاء حاضنة اعمال تسويقية تدعم مالك المشروع من حيث تمكين ملاك المشاريع وتعزيز مخرجات (منتجات) المشاريع وربط ملاك المشاريع مع الكيانات التي تهتم بنمو وتطوير وتسهيل نشاط تلك المشاريع.
ويضيف أن الهيئة تعمل على تشجيع وتنفيذ تكاملية الخدمات التي تقدم للمشاريع من حيث ربط عملية التدريب بعملية لاحقة تتمثل في الإنتاج ثم الاستعداد لفتح خطوط إنتاج صغيرة وإنشاء علامة تجارية للمنتجات.
وتتحدث مسؤولة معمل عطاء أشواق أحمد أن المشاركة في الاكتفاء الذاتي المجتمعي المستدام في الصناعات الغذائية من أولويات المعمل، أيضا تشغيل أيادٍ عاملة من أسر الشهداء، واستغلال خيرات البلد، وحاليا نمضي في طوفان المقاطعة، والذي يعتبر منتجات العطاء وفرة وبديل أساسي عن المنتجات الخارجية بشكل عام وعن منتجات الألبان الأمريكية والإسرائيلية بوجه الخصوص.
وأضافت، نعمل بشكل مستمر على توسيع رقعة التسويق لدينا برغم إمكانياتنا البسيطة حيث نأمل بتوسع المعمل وتطوير الإنتاج ليكون خط إنتاج مكثف وعالِ يُغطي أمانة العاصمة كامل وننطلق للمحافظات.
وعن الصعوبات تقول: أغلب الصعوبات تتركز في الجانب المادي وتوفير الإمكانيات كون المعمل نشأ بمبادرة ذاتية صغيرة، وتوسع تدريجيا ليكون معمل يضم عدد من العاملات المنتجات، مازلنا نعاني من ذلك لكن لم نتوقف عند أي عائق فبعون الله مستمرين ومتطورين في الإنتاج والجودة.
الخلقي: توطين الصناعات الغذائية له دور في خفض فاتورة الاستيراد
الحدي: الصناعات الغذائية تعمل على تنشيط القطاع الزراعي والحيواني والسمكي
منصور: الصناعات الغذائية تكمن أهميتها في تلبية احتياجات السكان من الأغذية وتوفير فرص عمل محلية
الكبسي: تحسين وتطوير وضع المشاريع الصغيرة والأصغر سيعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي