محمد عبد القادر
التصنيع الغذائي، أو الصناعات الغذائية، عبارة عن مجموعة من الأنشطة والممارسات المعتمدة على العلم، والمعرفة المقرونة بالتكنولوجيا، و تهدف إلى تحويل المواد الأولية وهي في الغالب منتجات زراعية طازجة، إلى منتجات غذائية بصورة، يسهل التعامل معها، من حيث تحسين وزيادة فترة الصلاحية، وكذلك تلبية احتياجات المستهلكين من أنواع الأغذية، بالحجم والشكل، والوقت المناسب.
وتبرز أهمية الصناعات الغذائية بدورها الحيوي في تحقيق الأمن الغذائي المحلي والاقليمي والعالمي، وأصبح قطاع الصناعات من أبرز القطاعات، بل وأبرز القضايا التي تجد اهتماماً متزايدًا على المستوى العالمي، نظرًا لتنامي الطلب على الأغذية المصنعة، والقيمة المضافة التي تنتج من تصنيع المنتجات الزراعية، والحيوانية، وتنشيط الدورة الاقتصادية الزراعية، ما يسرع بنمو القطاع الزراعي بنسبة أكبر، ويزيد من أثره الايجابي على الميزان التجاري، وعلى الاقتصاد و الأمن الغذائي الوطني، حيث أن الصناعات الغذائية تعد العمود الفقري لتلبية احتياجات المواطنين، وتساهم في إنتاج وتوريد الأغذية الآمنة والمغذية، واتاحتها بصورة مُستدامة، تمكن الناس من الوصول إلى غذاء سليم ومتوازن بأسعار تناسب اختياراتهم.
ومن أهم أنشطة الصناعات الغذائية هي الصناعة التحويلية مثل صناعة الألبان، والصلصة، والمربيات، والمخللات، والخبز، والمعجنات، والصناعة القائمة على الاستخلاص كما هو حاصل في استخلاص الزيوت من البذور الزيتية، والنشأ من البطاطس والذرة، وصناعة الحفظ وهو عدة أشكال من تجفيف كما في الحليب المجفف، أو بعض أنواع من الفواكه والخضروات كالطماطم مثلاً، وعمليات الفظ بالتركيز الملحي والسكري كما هو حاصل في المخللات، وبعض أنواع الخضروات والفواكه، والفظ بالتعليب وهو أبرز أنواع الصناعات الغذائية التي تعتمد على التعقيم ثم التعليب، كما هو حاصل في أغلب منتجات اللحوم والأسماك والبقوليات وغيرها.
وترتبط الصناعات الغذائية بالإنتاج الزراعي، الذي يمثل المصدر الأساسي للمواد الأولية لهذه الأنشطة، وفي اليمن يعتبر قطاع الصناعات الغذائية من أهم القطاعات الصناعية، وأكثرها تأثيراً في الاقتصاد الوطني، اذ تعمل في هذا القطاع أكثر من 17 ألف منشأة كبيرة، ومتوسطة، وصغيرة، يمكن أن تتطور بشكل ملحوظ اذا ما توفرت لها عوامل الاستمرارية، وأهمها مواكبة التطور والتكنولوجيا الحديثة، والمعلومة المصاحبة، والكوادر المدربة، والمؤهلة، كذلك استمرار تدفق سلاسل التوريد وأهمها المنتجات الزراعية الطازجة، ذات المواصفات العالية من حيث الجودة، والنوعية، والمقومات الصحية في المنتج.
من هذا المنطلق فإن هذا الموضوع على درجة عالية من الأهمية والأولوية، ويحتاج إلى نظرة ذات بعد استراتيجي، تبدأ من أقرب وقت ممكن ولا تنتهي، الا بتحقيق الأهداف المطلوبة التي تكتمل بها سلاسل الإمداد المستدامة المحلية المطلوبة، واللازمة لقيام صناعات غذائية متنوعة عالية الجودة، تغطي السوق المحلية وتفرض جودتها على السوق الاقليمية، والعالمية، وبهذا نكون قد أوجدنا واحداً من أنجع الحلول لقضية الكساد والفائض في المنتوجات، والمحاصيل الزراعية المحلية، ليس هذا فقط بل، سيسرع بوتيرة النمو والتنمية للنشاط الزراعي الذي يعمل فيه أكبر نسبة من العمالة في البلاد.
في الأخير من المهم التنويه إلى طبيعة التغيرات المناخية الحاصلة في العالم، ونحن جزء مهم في هذا التغير والعمل على مواجهة هذا التغير بالشكل الذي يضمن حدوث فجوة في المحاصيل الأساسية والمهمة للأمن الغذائي والمواد الأولية للصناعات الغذائية المعتمدة عليها.