إرشاداتصحافة

البذرة الجيدة محور المنظومة الغذائية

البذرة الجيدة محور المنظومة الغذائية

الدكتور/ يوسف المخرفـي

قراءة نقدية بناءة

يعد عنوان المقال شعاراً عملياً وتنفيذياً للمؤسسة العامة لتنمية وإنتاج الحبوب للعام ٢٠٢٤، وهو شعار يجمع بين مراحل نشاط المؤسسة ابتداء من إنتاج وتوفير البذرة الجيدة، مروراً بزراعتها ورعايتها؛ فنموها وصولاً إلى حصاد ثمارها.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك؛ بل كان المذهل بروعة ربط كل ذلك بالمنظومة الغذائية؛ مما يعني أن اهتمام المؤسسة لم يتوقف عند حدود مهامها في تنمية وإنتاج الحبوب وحسب؛ بل توسع ليكون من البذرة إلى الحصاد؛ ليصل اهتمامها إلى أثرها الإيجابي على المنظومة الغذائية بشكل مباشر وما لذلك من تأثير في تحسين مستوى الصحة العامة بشكل غير مباشر، وكل ذلك تضمنه شعار العام الحالي لنشاطها بشكل واسع قابل للقياس وملاحظة النجاح الملموس.
وفي حقيقة واحدة لا ثاني لها وهي أن البذرة والنبات أساس غذاء بقية أعضاء المجتمع الحيوي(الإنسان والحيوان) فالدورة الغذائية العامة لهما تبدأ من البذرة؛ فالنبات؛ فالثمرة؛ بالتالي فإن البذرة الجيدة تعد محور المنظومة الغذائية ونقطة البدء لها.
كما ينبغي التوقف عند نقطة التحول الزراعية التي حدثت للمؤسسة في علاقتها بالمؤسسة الاقتصادية التي تحولت من منتج للحبوب إلى مستورد لها؛ وفي رحلة العودة المأمولة من مستورد إلى منتج للبذور وعامل تنمية للحبوب.
إن الإرادتين الثورية والسياسية عزمتا على العودة إلى عصر الاكتفاء الذاتي؛ وبرنامج العودة هذا يعد برنامجاً سيادياً استراتيجياً؛ بل ووجودياً يتضمن جهوداً لامحدودة من الخطط والسياسات والبرامج والمهام متناهية الدقة ومتباينة الثقل والأهمية، التي تشكل صحوة وطنية زراعية في لحظة إنقاذ بعد سبات كاد أن يؤدي إلى انقراض الزراعة في اليمن.
بالتالي كان لابد من وجود مؤسسة سيادية تتحمل مسؤولية إنتاج البذور وتحسينها وتخزينها وإعادة توزيعها على المزارعين في مواسم الدورة الزراعية المتعاقبة، وهي المؤسسة العامة لإكثار البذور المحسنة والتي مقرها مدينة ذمار.. هذه المؤسسة يقع على عاتقها توفير وإيجاد البذور المحسنة لجميع المحاصيل الزراعية الأساسية من حبوب بأنواعها والبقوليات، والخضروات، والمحاصيل النقدية أيضاً.
وقد جرت عادة المزارع اليمني طوال التاريخ عند حصاد ثمار المحاصيل أن يخرج زكاتها ويحتفظ ببذورها لذات الموسم القادم ويعتمد على غالبيتها العظمى في منظومته الغذائية واكتفائه الذاتي.
ولكن في زمن تدني اهتمام المزارع ذاته بالزراعة؛ ونظرته الخاطئة للتمدن الذي يعني له ترك الريف والزراعة والأرض الزراعية والهجرة إلى المدينة على اعتباره للزراعة مهنة بدائية متخلفة كما لوث عقله الفكر الإمبريالي البغيض بذلك.
وبمناسبة الإشارة إلى الدور الخطير للفكر الإمبريالي الذي يسعى إلى إفشال الجهود الزراعية الوطنية للبلدان النامية؛ لتتحول إلى دول مستوردة لمنتجاته الزراعية ولتبقى تحت طائلة رحمته؛ فقد سعى من خلال برامج تحسين البذور إلى تلويث البذور الزراعية اليمنية وتهجينها ببذوره التي لا يمكن أن تتلاءم مع الظروف الطبيعية في اليمن؛ فتنتج ثماراً لا طعم ولا غذاء لها.
كما عمد إلى إلغاء إجراء تخزين البذور لذات المواسم القادمة حتى يتم استيراد البذور من الدول الإمبريالية وفي مقدمتها رأس الشر المطلق أمريكا وأخواتها كندا واستراليا وأوكرانيا.
وبكل ثقة واقتدار، جدير بنا القول بإنه يتعين على البذرة الزراعية الأمريكية تحسينها وتهجينها بالبذرة اليمنية لجودتها؛ فقمح الجوف وقمح المناطق الوسطى لا منافس ولا مواز لجودتهما في أنحاء العالم؛ وفي ذات عام ستنافسها وتسود السوق العالمية، إن تنامت الإرادتين الثورية والسياسية وساندتهما إرادة شعبية وطنية واعية.
كما لفت الانتباه دور المؤسستين العامة لإكثار البذور المحسنة والمؤسسة العامة لتنمية وإنتاج الحبوب في توزيع البذور التي رصدت لها مبالغ مناسبة عبر الجمعيات الزراعية التي اكتظت المواقع الإخبارية على جميع وسائل التواصل الاجتماعي بجهود كل منهما اليومية والأسبوعية والشهرية والسنوية دون كلل أو ملل.
كما أن مؤسستي الحبوب و البذور في حالة نباهة ويقظة وترقب ومسايرة لمواسم الدورة الزراعية لجميع الأقاليم الزراعية في اليمن ومنها إقليم تهامة وإقليم السفوح الجبلية الغربية والمرتفعات الوسطى والشمالية والجنوبية وإقليم القيعان الداخلية وإقليم الجوف.
بالتالي نخلص من هذا وذاك إلى التوصية بضرورة توعية المزارعين بتخزين البذور الزراعية ذاتياً؛ ولن أنسى ما سمعته من أحد المزارعين في منطقة خولان الطيال الذي قال: “كان لدي برميل عدس مخزن منذ عشرين عاماً، وقد استغليته كبذور لهذا العام؛ فنما وعاش وأنتج) كجهود مساندة لمؤسستي الحبوب والبذور؛ وكذا مراقبة مدى التزام المزارعين بذلك؛ والانتباه بعيون مفتحة لمسألة تحسين البذور لتكون طبيعية يمنية من خلال مراكز البحوث الزراعية.

*أستاذ العلوم البيئية والتنمية المستدامة المساعد بجامعة 21 سبتمبر للعلوم الطبية والتطبيقية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى