زراعةمقالات

متطلبات الزراعة المستدامة في اليمن وفقاً لتوصيات مؤتمر28 COP الدولي الحكومي



الدكتور/ يوسف المخرفي

تعرف الزراعة المستدامة بأنها ممارسة الزراعة باستخدام مبادئ علم البيئة من خلال دراسة العلاقات بين الكائنات الحية وبيئاتها. كما تعرف بأنها نظام متكامل من الممارسات الإنتاجية النباتية والحيوانية التي تتم من خلال تطبيقات ميدانية خاصة تستمر على مدار فترة طويلة.
وتعد الزراعة المستدامة إحدى التطبيقات العصرية للتنمية المستدامة التي تعرف بأنها التنمية التي تلبي احتياجات الأجيال الحاضرة دون الإضرار باحتياجات عند الأجيال القادمة من الموارد الطبيعية ومنها الزراعية، وهي تنمية معنية بتخفيف حدة التلوث البيئي، وترشيد استغلال الموارد الطبيعية، من خلال مراعاة أبعاد ثلاثة: (البيئية- الاجتماعية- الاقتصادية).
وتعد التنمية المستدامة نهجاً وفكراً إنسانياً خلاقاً يدعم ويمتثل لما نادى به الدين الإسلامي والشرائع السماوية الأخرى؛ لدرء الفساد عن الأرض بفعل التلوث البيئي بأشكاله وأنواعه المختلفة، وعدم الإسراف في استغلال الموارد الطبيعية على مختلف المستويات الفردية والمنزلية، والمؤسسية والوطنية، والإقليمية والعالمية تحت شعار (اعمل محلياً وفكر عالمياً) لكون عاملي التلوث البيئي، واستنزاف الموارد الطبيعية، يهددان الحياة كل الحياة والوجود بها والأرض كل الأرض والبقاء عليها.
وقد خصص المؤتمر الدولي الحكومي السنوي المعني بالبيئة المنعقد خلال الفترة 26 أبريل – 5 مايو عام 1994م في جزيرتي بريدجتاون وبربادوس (جزر الهند الغربية بين الأميركتين الشمالية والجنوبية) للتنمية المستدامة والتأصيل النظري والتطبيقات العملية لها ودعوة أفراد وحكومات ودول شعوب العالم إليها كفكر ونهج عالميين ضمن أجندة القرن 21 لتحل محل التنمية الاقتصادية التي اتجه العالم نحوها منذ عام 1948م في أعقاب الحرب العالمية الثانية.
كما أن الزراعة المستدامة كأحد تطبيقات التنمية المستدامة تراعي الأبعاد البيئية والاقتصادية والاجتماعية أيضاً، حيث ترى أن للنبات الزراعي مواطن أصلية وأخرى تكييفية عندما يكون في غير مواطنه، أو عندما تنعكس آثار الثورات السكانية والعمرانية والصناعية وآثار تغير المناخ عليه.
كما ترى اقتصادياً بأنه لا مانع من تلبية احتياجات الأجيال الحاضرة في حدود الحاجة لا الإسراف في الاستهلاك والتبذير فيه، أو التعدي على الأراضي الزراعية من خلال الاحتلال العمراني السكني، أو الصناعي، أو خلافهما.
أما من الناحية الاجتماعية، فترى أن من حق الجيل الحاضر أن يلبي متطلباته، ولكن ضمن حدود العدالة والمسؤولية الاجتماعية بحيث لا يضر بحق الأجيال القادمة منها.
بالتالي، فإن استدامة الزراعة يعني استمرار نشاطها حتى قيام الساعة، وليس لعقد أو جيل أو قرن من الزمن؛ لكونها النشاط البشري الأول والحتمي والأبدي كمصدر للغذاء وقاعدة أساسية للأنشطة الاقتصادية الأخرى من تجارة وصناعة ونقل وغيرها.
إن قضية استدامة الزراعة في اليمن تتعرض لمخاطر ومهددات قائمة ومحتملة، فالمهددات القائمة الخطيرة تتمثل في الاحتلال العمراني للأراضي الزراعية التي تشكل ١٥% فقط من مساحة اليمن، وكذا الإفراط في استعمال السموم والمبيدات الحشرية التي تتسبب في تدهور التربة من خلال قتل الكائنات الدقيقة التي تتغذى عليها من ديدان واسطوانيات ولا فقاريات وغيرها، كما تسبب في التلوث الكيميائي للهواء والتربة أيضاً، ومن ضمن المهددات القائمة ترك الأراضي الزراعية بورا بدون زراعة نتيجة الهجرة من الأرياف إلى المدن.
أما التهديدات المحتملة، فتتمثل في نضوب المياه الجوفية من الأحواض المائية نتيجة الري الجائر(الري بالغمر) وعدم اتباع أساليب الري المحوري الحديثة، والرش والتنقيط، كما أن استمرار شهية الاستيراد والرفع بمقترحات هوجاء من مثل اقتراح إعادة فتح باب اليمن للبن البرازيلي لمكافحة عمليات تهريبه وغيرها من المقترحات، التي لا تساعد على دعم قدرة المنتج المحلي أمام المنتجات العالمية تشكل تهديداً محتملاً، وواقعاً
لا محالة.
كما أن استدامة الزراعة تتطلب تدخلات تكيفية مع ظروف تغير المناخ من خلال تزويد المزارعين بالبيوت المحمية لحماية زراعاتهم من أضرار الغازات والآفات والأمراض الزراعية.
ومن أجل استدامة الزراعة تحت مجمل الظروف السياسية والاقتصادية ونتاجها من عدوان وحصار سعودي ثم أمريكي وبريطاني غاشمين، فإنه سيادياً ومناخياً واقتصادياً يتعين التحول نحو ضخ المياه بالطاقة الشمسية بدلاً عن الوقود الأحفوري الذي يلزم استيراده بصعوبة بالغة في ظروف الحصار، وما ينتج عنه من ارتفاع سقف فاتورة الاستيراد وانعكاس ذلك على المزارع والإنتاج الزراعي والاقتصاد الوطني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى