تقاريرصحافة

تربية الثروة الحيوانية على محك انعدام الأعلاف

  كلفت فاتورة استيراد الأعلاف إلى البلاد خزينة الدولة ملايين الدولارات على مدى السنين الماضية، إضافة إلى المواد الاستهلاكية المستوردة.

ضاعف ذلك في تدني مستوى الدخل، وانتشار الفقر وعزوف المزارعين عن الزراعة كمصدر أساسي للدخل وتربية الثروة الحيوانية، وزيادة الهجرة من الأرياف إلى المجتمعات الحضرية.

اليمن الزراعية – الحسين اليزيدي

وانطلاقاً من خطورة المرحلة المتمثلة في خروج العملة الصعبة الذي أدى إلى تدني صرف الريال اليمني أمام العملات الأجنبية؛ طغى على السطح توجه حقيقي وجاد للحد من خفض فاتورة استيراد البلاد من أكثر المحاصيل والمنتجات المستوردة، ومن ضمنها أعلاف الثروة الحيوانية، التي وبحسب مراقبين في الشأن الاقتصادي، شهدت وتشهد غياباً تاماً للاستثمار من قبل التجار رغم التسهيلات المقدمة من قبل الجهات المعنية في هذا الصدد.
ويرتفع صوت المزارعين ومربي الثروة الحيوانية للمطالبة بتوفير التسهيلات التي من شأنها أن تدفعهم للاهتمام بتربية الثروة الحيوانية، وتضمن لهم تسويقاً مجزياً في مختلف المحاصيل الزراعية ومن ضمنها الأعلاف التي كما أوضح عدد من المزارعين في استطلاع أجراه معد التقرير، أنهم يستخدمون الأعلاف في أشياء تقليدية، وأحياناً تجرفها الأمطار هذا في المناطق الزراعية كمحافظات الجوف والحديدة وعبس في محافظة حجة، والعكس في محافظات المرتفعات الجبلية كذمار وصنعاء والمحويت، حيث تشهد هذه المحافظات ندرة وارتفاعاً لأسعار الأعلاف القادمة من تهامة.
ويبين أمين عام جمعية التحيتا الزراعية داوود أحمد أن مديرية التحيتا تنتج ما يقارب 20 ألف طن من الأعلاف الخضراء يتم توريدها من قبل تجار عاديين إلى المحافظات الجبلية وتباع بأسعار غير مجزية، نظرا ًللتكاليف الباهظة في النقل.
وفي المقابل يؤكد أحد مربي الثروة الحيوانية (يحيى مربوع) في مديرية كحلان الشرف الجبلية بمحافظة حجة، ارتفاع أسعار الأعلاف، ما جعله يفكر ببيع ما يمتلك من رؤوس الأغنام والماعز، خصوصاً مع انعدام الأعلاف الطبيعية بسبب ندرة الأمطار.
أما في محافظة الجوف يقول المزارعون إن الأمطار تتسبب في معظم الأحيان بإتلاف كميات كبيرة من الأعلاف.
ويستهل المزارع عبد الوهاب عتيق من مديرية الخلق بالجوف حديثه بطرق استخدام الأعلاف في بناء المنازل وتلف الكثير دون الاستفادة منها.
ويوضح المزارع عتيق أن تجارة الأعلاف في مديرية الخلق غائبة تماماً رغم شهرة المنطقة بزراعة القمح.

إحصائيات وحلول
وتؤدي زيادة الطلب على الأعلاف الخشنة أو المركزة إلى تباين نسبة مساهمة تلك الأعلاف في تنمية قطاع الإنتاج الحيواني، وتواجه الثروة الحيوانية في اليمن مشكلة من حيث ارتفاع أسعار الأعلاف الخشنة والمركزة، خاصة في فصل الشتاء موسم الجفاف الذي بدوره يشكل تحد كبير لمربي الثروة الحيوانية مما يضطرهم لبيع أو ذبح حيواناتهم.
وبحسب المهندسة أوراق الشجرة مديرة إدارة الأعلاف في وزارة الزراعة، تساهم الثروة الحيوانية بحسب إحصائيات 2020، بحوالي 23% من إجمالي الإنتاج الزراعي، حيث بلغ أعداد الثروة الحيوانية في اليمن 21 مليوناً و713 ألف و591 رأساً، بمساحة مزروعة من الأعلاف لعام 2020، قدرت بـ 142 ألف و602 هكتاراً تنتج مليون و789 ألف طن من الأعلاف الخضراء المزروعة (ذرة – برسيم – حشائش أخرى).
وتشير مديرة إدارة الأعلاف إلى أن إنتاج البلاد من الأعلاف يتفاوت من سنة إلى أخرى بحسب معدلات هطول الأمطار الأمر الذي حد من وفرة الأعلاف وصعوبة الاستثمار فيها، خصوصاً المركزة.
وتوضح مديرة إدارة الأعلاف المهندسة أوراق الشجرة، أن تسويق الأعلاف من أهم النقاط التي تُكمل سلسلة القيمة للأعلاف.
وتقول: “لدينا خططاً مستقبلية في تسويق الأعلاف بالطرق الحديثة والتشبيك بين الجمعيات الزراعية ومزارعي الأعلاف وبين تجار الأعلاف لتسويقها، بطرق حديثة، وبأقل التكاليف لتوفيرها بأسعار مناسبة للمزارعين”.
وعلى صعيد متصل يورد الدكتور خالد الحاج مستشار اللجنة الزراعية والسمكية العليا، التكاليف الباهظة لاستيراد أعلاف الدواجن من كسب الصويا في 2023، بـ 275 ألف طن بكلفة 159 مليون و500 ألف دولار، وأكثر من 154 مليون دولار لاستيراد 700 ألف طن ذرة الشامية أعلاف.
وعن أعلاف الحيوانات المجترة من أبقار وإبل وأغنام وماعز يوضح الدكتور خالد الحاج أن مشكلة الأعلاف الجافة المتمثلة في ارتفاع التكاليف في النقل نظراً لكبر الحجم وانخفاض الوزن، وزيادة نسبة الفاقد الذي يصل لـ 60%، ويشير الحاج أن الحل الأمثل هو إدخال فرامات ومكابس متنقلة وتوفير سيلاج عبوات صغيرة وزن 50 كيلوجرام لتلافي نسبة الفاقد.
وعن الأعلاف المركزة يقول: “إن الحلول المتخذة كانت ناجعة بتكاتف وجهود مشتركة، حيث أُطلقت مبادرة مجتمعية تبنتها مؤسسة يمن ثبات التنموية تقضي بتجميع مخلفات المواد الغذائية البشرية المنتهية الصلاحية، وإنشاء مصنع إنتاج أعلاف مركزة في الحديدة بجزأين، استقبال للمخلفات الغذائية البشرية ومعالجتها، والجزء الثاني لصناعة أعلاف مركزة بسعر 150 ريالاً للكيلو الواحد أقل من سعر المستورد الذي يصل لـ 250 ريالاً، وهذا أتاح لملاك الثروة الحيوانية الاستفادة من شراء الأعلاف المركزة المصنوعة محلياً في الحديدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى