تؤدي المشاتل الزراعية دورا مهماً في تنمية القطاع الزراعي، ورغم ما تشهده البلاد من حراك تنموي زراعي واسع لايزال الاهتمام بالمشاتل غائبا.
اليمن الزراعية – الحسين اليزيدي
يقول أحد ملاك المشاتل عادل رسام: لا يوجد اهتمام بزراعة الشتلات، ولم نلق أي اهتمام حتى الآن، رغم أنني في مشتلي أسعى للحفاظ على الأصول الوراثية لشجرة البن الخولاني المرتبطة بالإنسان في خولان بن عامر القديم والحديث.
ويؤكد استعداده التام للتعاون والعمل مع أي جهة يمكن أن تكون سندا له، لافتا إلى أن البن الخولاني يتعرض لمؤامرة، وقد سعت المملكة السعودية لترويجه وتسويقه عالميا باسم البن الخولاني السعودي، ومن هذا المنطلق أنا كصاحب مشتل مستعد للتعاون وبذل الجهود للحفاظ على الأصول الوراثية للبن الخولاني وتقديمه للمزارعين.
رسام واحد من مئات ملاك المشاتل الزراعية أكدوا تعاونهم مع الجمعيات الزراعية، يقول إن الجمعيات الزراعية هي أساس التنمية ولديها القدرة على احتواء المزارعين وتوجيه بوصلة المزارع للاهتمام بالأولويات الوطنية والحفاظ على أشجار وأصول زراعة البن وغيرها من الأشجار المتنوعة بتنوع بيئة البلد.
وبحسب مدير عام إدارة الإنتاج النباتي وجيه المتوكل فإن أهمية المشاتل تكمن في أنها تسهل على المزارع توفير الوقت في استخدامه للشتلات، وتعتبر الركيزة الأساسية في الإنتاج الزراعي في أغلب المحاصيل خصوصا الخضروات.
وعن عمل إدارة الإنتاج النباتي يقول: لم نبدأ بشكل كبير نتيجةً لعدم وجود ميزانية تسويق للإدارة إلا أن المشاتل وبما فيها على وجه الخصوص المشاتل الخاصة، ستكون ضمن أهم أعمالنا في أولوياتنا في المرحلة القادمة.
ويضيف: “ونظراً لأنها تحتاج إلى ميزانية تسويق وإلى قرارات وزارية وتشريعات تُمكنا من الاستفادة من هذه الخدمة ليكون هناك عائد يساعدنا في الاستمرارية والرقابة على المشاتل ورؤية الأصناف التي تزرع وغيرها، مضيفاً: “لدينا الاستراتيجية الوطنية للمشاتل وفيها جهود مبذولة كبيرة.. هذه الاستراتيجية ستكون لمدى طويل بمعنى لعدة سنوات، حيث بدأنا بصياغتها من العام الجاري، وبدأنا بصياغة الاستراتيجية الوطنية للمشاتل والتنسيق لتنفيذها، وبعد أشهر قليلة بإذن الله، نكون قد قطعنا دوراً كبيراً في تنفيذها”.
ويواصل : “نسعى لأن تكون هناك آلية في جعل هذه المشاتل الحكومية، لاستمرارية العمل أن يكون لها عائد يعود لنفقاتها التشغيلية”، مشيراً إلى أنه كان هناك دعم من الصندوق التشجيع الزراعي السمكي لكن في السنة الأخيرة في 2023 لم يتم التوجيه بأي من المشاتل رغم تقديمنا للخطة كاملة للمشاتل ماعدا نوعية المشاتل التي تكون بشكل فردي، ويتم التواصل عبر الصندوق التشجيع، مشاتل معينة فقط ومحدودة يتم دعمها.
ويزيد: “بدأنا حالياً الاستعداد للتشجير هذا العام، وهناك توجه وتواصل مع مدراء مكاتب الزراعة بالمحافظات ومع المشاتل المنتشرة في المديريات لتدشين مواسم التشجير في عدد واسع من المحافظات وفي العاصمة صنعاء بشكل أساسي.”
محافظة صعدة الرائدة
وعلى صعيد متصل يقول مدير عام مكتب الزراعة والري بمحافظة صعدة زكريا المتوكل إن “الشتلة أساس التنمية الزراعية ومن خلالها يتم اختيار الأصناف الأكثر إنتاجاً وأقل كلفة، بتحسين إنتاج الشتلات بطريقة الطعوم أو اختيار الأصناف المناسبة كأصول وكشتلات إنتاجية”، موضحاً أنه بتحسين البذرة يقي المزارع من الخسائر المحتملة من زراعة الأصناف السيئة السلبية أو التي تعاني من الأمراض المتفشية أو غير المتحملة للملوحة أو أمراض التربة.
ويقول المتوكل إن المزارعين هم الذين يعون ماهي الفروقات الواضحة بين الأصناف من طراوة الثمار أو صلابتها أو غيرها، لكن الجهة المختصة أو مكتب الزراعة هو المختص الوحيد الذي يعمل على دمج وتزاوج وتطعيم وتلقيح وتخصيب ونقل الصفات الوراثية من صنف إلى آخر، واختيار الأصناف الأمهات التي تعتبر كأصول أو كجذور للتطعيم عليها الأصناف المناسبة للزراعة من ناحية التسويق والمستساغ لدى المستهلك.
ويرى أن تكامل الأدوار للمزارع والجهة الحكومية ومكتب الزراعة والمختصين في تحسين هذه الأصناف سواءً شتلات أو بذور، هو العمل أو العمود الفقري للتنمية الزراعية في البلاد لإنتاج ما يمكن تسويقه.
وتعتبر محافظة صعدة من المحافظات الرائدة في اتساع المشاتل، حيث تمتلك مشتلين هتكار ونصف بإجمالية مليون و500 شتلة، في مشتلين بأبعاد 100× 60 متر، سعة كل مشتل إلى 700 و50 ألف سبعة شتلة، ومشتل الزينة والحراجيات الذي يتسع إلى قرابة 50 ألف شتلة، ولدينا 9 مشاتل في فروع مديريات المحافظة، كل مشتل يتسع إلى 25 ألف شتلة.
وقدمت المنظمات الشتلات المجانية بهدف الدفع بالمجتمع للاتكال وكسر حلقة التعاون والمشاركة المجتمعية، قدمنا عرض ساري مازال حتى الآن لأي مزارع يقتلع شجرة قات يأخذ شتلة مجانية ونهتم بتقديم الشتلات للمزارعين في مديريات المحافظة الغربية.
ويعتبر أستاذ علوم البستنة في جامعة صنعاء منصور الضبيبي أن المشاتل حالياً من أهم أدوات ومقومات الزراعة الحديثة والتي تعود على التنمية الزراعية بالعديد من الفوائد، إذ تساعد المزارع على حل العديد من المشكلات التي يواجهها خلال ممارساته الزراعية، فيحصل المزارع على شتلات خالية تماماً من الأمراض لزراعتها في بيئة معني بها في صواني على تربة زراعية معقمة وعالية التغذية وفي بيئة محمية.
ويقول إن الشتلات توفر الماء والديزل والعمال بنسبة تصل إلى 30%، مشيراً إلى أن الحصول على نتاج عالي من الأصناف الهجينة تصل إلى الضعف.
وعلى مستوى الاقتصاد الوطني تلعب دوراً كبيراً في الاستغلال الأمثل لمدخلات الإنتاج المستوردة وتقليل الهدر إلى أدني مستوى في كمية البذور المستعملة والمياه والأسمدة والمبيدات وضمان منتجات سليمة وإنتاجية عالية مع التوفير للجهد والوقت.
ويؤكد الضبيبي أنه حدثت خلال السنوات العشر الأخيرة- نقلة نوعية في قطاع المشاتل في اليمن وخصوصاً مشاتل إنتاج شتلات الخضروات والتي تطورت، وانتشرت بشكل كبير في مختلف مناطق الإنتاج، ولعبت دوراً مهماً في تطور إنتاج الخضروات، وتقليل تكاليف الإنتاج، وحل العديد من المشكلات الإنتاجية، ويظهر ذلك جلياً في توفر معظم محاصيل الخضروات على مدار العام، والاكتفاء الذاتي لمعظم محاصيل الخضروات.
ويلفت إلى أن القطاع لا يزال يعاني من بعض المشاكل، أهمها ضعف الاهتمام بالتنظيم والاشراف على عمل المشاتل من حيث كفاءة الإدارة الفنية وجودة المدخلات والمخرجات، وكذلك صعوبة توفير مستلزمات الإنتاج بسبب ارتفاع الرسوم الجمركية.
ويرى أن الدول المتقدمة تعتمد على التقنيات المتطورة في زراعة خلايا الأنسجة في المشاتل وهو ما تفتقده بلادنا، مشيراً إلى أن أحد كوادر البلاد المهندس محمد يحيى الجرادي استطاع خلق نموذج متميز بتأسيس مختبر خاص لزراعة الانسجة والحاقه بمشتل حديث (مختبرات غراس ومشاتل الثقة) وبالتالي تكامل الحلقات لإنتاج مخرجات نباتية متميزة عالية الجودة وقوية الأثر، وأثرها ملموس على أرض الواقع في إنتاج شتلات الفراولة والبطاطس والعديد من نباتات الزينة وزهور القطف، قريباً في شتلات البن والعديد من شتلات الفاكهة وغيرها.
ويشير إلى أن هذا النموذج الفريد والمتميز يحتاج إلى الرعاية والتشجيع والحصول على التسهيلات التي تسهم في تعظيم مخرجاته والاستفادة منها في مجالات التنمية الزراعية وأقرب مثال لذلك الشراكة التي تمت بين المختبر والشركة العامة لإنتاج بذور البطاطس والتي اثمرت انشاء خط لإنتاج الرتب العليا من بذور البطاطس ومن خلاله وفي ثلاث سنوات فقط تحقق الاكتفاء الذاتي من بذور البطاطس وتم الاستغناء عن استيرادها بشكل نهائي.
ويمكن القول إن هذا النوع من المنشآت الزراعية يعد أحد أهم مفاتيح الحل للعديد من المشكلات وبالتالي تحقيق تنمية زراعية موفرة للموارد ومحسنة للإنتاج كماً ونوعاً، وبالتالي تحسين الدخل وخلق فرص العمل على مستوى المزارعين والجمعيات الزراعية ومختلف سلاسل القيمة.
ولتحقيق ذلك لابد من خلق بيئة محفزة ومشجعة للاستثمار في هذا المجال مع وضع الأسس التنظيمية والفنية المنظمة له وفقاً للقواعد الفنية والبروتوكولات الدولية المعتمدة.