نقد وقراءة مكانية للجغرافيا
الدكتور/ يوسف المخرفـي
ثلاث إن تم إخراجهن من صنعاء ومدن عواصم المحافظات إلى المناطق والأقاليم الزراعية ستتحقق تنمية زراعية حتماً؛ وإن ظللن قابعات مؤثرات للتمدن؛ فلن تتحقق تنمية زراعية مأمولة؛ بل ستسود حالة انفصال وجفاء بين النظرية الزراعية والتطبيق الزراعي بين المكتب والمؤسسة الزراعية المعنية والميدان الزراعي.
تلكم البرامج الثلاثة المشار إليها ضمناً هي بشكل صريح (الإرشاد الزراعي وإنتاج وإكثار البذور والمشاتل) فما نلاحظه اليوم ولو على استحياء بناء على توجهات القيادتين الثورية والسياسية نحو إحداث تنمية زراعية مستدامة شاملة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من جميع المنتجات الزراعية لدعم توجه استعادة السيادة الوطنية واستقلال القرار السياسي اليمني على ضوء ما يواجه وطننا من تحديات متوقعة وأحداث قائمة ممثلة في عدواني آل سعود الذي تلاه مباشرة عدوان أمريكا وبريطانيا وما نتج عنهما من حصار جائر وحرمان الموظفين من مرتباتهم مع سبق الإصرار والترصد.
والمشاتل عبارة عن مساحات صغيرة يتم فيها الاحتفاظ بأصول النباتات المثمرة، والإكثار من شتلاتها لسائر أنواع الفواكه والبن واللوز وغيرها بمواصفات تجعلها متلائمة مع الظروف البيئية للمناطق والأقاليم الزراعية المختلفة، وذات إنتاجية وجودة عاليتين، ومقاومة للأمراض المختلفة.
والمهم في الأمر وما يدعو للتفاؤل هو تنازلها حالياً عن صفة التمدن في أمانة العاصمة ومدن عواصم المحافظات إلى المناطق والأقاليم الزراعية؛ وما يدعو للاطمئنان أيضاً أنها تحالفت مع أيادي زراعية أمينة ممثلة في الجمعيات التعاونية الزراعية التي أشيد بنجاح جميعها وإن كانت تسير بخطى بطيئة، إلا أن مسافة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة ولكن بشرط نحو الأمام.
إن بيننا وبين العودة إلى عصر البن اكتفاء وتصديراً مسافة شتلة؛ واجعلوها مقولة للكاتب وتقع عليه المسؤولية؛ فإن اشتد عود الإرادة الثورية والسياسية للعودة إلى عصر البن؛ فما عليها سوى تبني برامج حكومية لتوزيع الشتلات على صغار المزارعين في مناطق المدرجات الزراعية بالسفوح الجبلية الغربية، خصوصاً في ظل حالة انعدام المرتبات وتردي الأحوال المعيشية نتيجة تنامي الفقر والبطالة.
إن الحالة الاقتصادية والاجتماعية المشار إليها آنفاً تشكل بيئة مواتية للعودة إلى عصر البن واللوز متى ما أحسن استغلالها بغرض الخروج من دوائرها المفرغة إلى دوائر مغلقة لأبواب سوء التغذية وتدني القوة الشرائية والفقر والبطالة والكساد الاقتصادي الذي نعيشه اليوم.
نخلص من كل هذا إلى التوصية بضرورة إخراج المشاتل من أمانة العاصمة وعواصم المحافظات إلى المناطق والأقاليم الزراعية المتخصصة في الإنتاج؛ فمشاتل البن في محافظات السفوح الجبلية الغربية، واللوز في إقليم المرتفعات الوسطى؛ والمانجو وغيرها في تهامة، والخوخ والمشمش في أقاليم القيعان والبرتقال في الأقاليم الداخلية لتحقيق تنمية زراعية نباتية مستدامة مأمولة.
*أستاذ العلوم البيئية والتنمية المستدامة المساعد بجامعة 21 سبتمبر للعلوم الطبية والتطبيقية