مشتل الدكتور علي زيد عنوان للبذل والعطاء
اليمن الزراعية – خاص
رجلٌ يحب الأرض ويعشق الشجرة، الزراعة هوايته، تعلم منذ صغره على الكفاح والعمل، تدرج في تعليمه من الابتدائية حتى تخرج من كلية الزارعة جامعة صنعاء عام 1996م، ونال شهادة الماجستير من نفس الجامعة، أكمل شهادة الدكتوراه في جامعة القاهرة عام 2008م.
دكتور متعلم مثابر مكافح، يعطي الشجرة كل وقته ويبذل معها كل جهده، ويعطيها ما تعلمه ويكتسب منها العطاء والبذل.
لم تكن الظروف القاهرة في اليمن عائقا أمامه، رغم امتلاكه شهادة الدكتوراه، وعند انقطاع المرتبات بسبب الحرب والعدوان والحصار على اليمن من قبل التحالف السعودي الاماراتي الأمريكي لم يحبط، ولم يستسلم، ولم ييأس، أو يغادر الوطن كونه يحمل مؤهلا علميا يستطيع به العمل في أي بلد آخر، بل استفاد من شهادته وما تعلمه واكتسبه من خبرات ومهارات، ففكر في مشروع بسيط يجعل منه مصدر دخل له ولأسرته، وفي نفس الوقت يمارس هوايته، وعمله، ويكون بالقرب ممن يعشقها ويبذل معها كل جهده وهي: الشجرة التي تعد عنوانا للمستقبل المشرق، وعنوانا للبذل والعطاء.
الدكتور علي زيد القاسمي، أستاذ الفاكهة المساعد بكلية الزراعة والأغذية والبيئة جامعة صنعاء، انشاء له مشتل زراعي فوق سطح منزله المتواضع بالعاصمة صنعاء يقول: “الفقر والحاجة هي من شجعتني على إنشاء المشتل بعد انقطاع المرتبات، ونتيجة عدم وجود مساحة كافية في حوش المنزل، وأيضا عدم وجود أرض قرب المنزل، تم التفكير في استغلال سطح المنزل، ليكون مشتلا زراعيا، ويكون مصدر دخل نوفر منه مصاريف البيت والمتطلبات الأساسية للحياة.
مشتل الدكتور علي زيد يحتوي على شتلات متنوعة وخاصة التي عجز أصحاب المشاتل الخاصة والحكومية أن ينتجوها مثل: الافوكادوا- الكيوي- النخيل صنف البرحي، والذي أثمر بعد 3 سنوات – الزيتون، والفستق وهي أصناف نادرة في اليمن، استطاع الدكتور علي زيد انتاجها ومنها ما بدأ الاثمار، والبعض في طريقة للإثمار.
يمضي الدكتور علي جُلّ وقته من الصباح الباكر حتى أوقات متأخرة من الليل في المشتل، يعتني بالشتلة وكأنها أحد أبنائه، يسقيها من ماء الشرب، الذي يشتريه من أصحاب الوايتات، يتعامل معها بحب وحنان، يحميها من الأمراض والآفات الزراعية، يستخلص من الثوم والبصل والبسباس علاجا يقضي على الآفات.
يقلب تربتها، وكأنه يقلب فرش أحد أولاده، ويقتلع الحشائش من جوارها حتى لا تصاب بالفطريات والآفات.
واجهت الدكتور علي صعوبات عدة عدم توفر أكياس بلاستيكية لوضع البذرة فيها، حتى أنه اضطر لأخذ أكياس صغيرة حق الشمة، نظرا لارتفاع سعر الأكياس المخصصة للشتلات.
ويقول الدكتور علي زيد: “من المواقف الطريفة عندما زارني مجموعة من الزملاء استغربوا من البذور التي وضعتها في أكياس الشمة”.
اصرار على النجاح
وبهمة المتوكل على الله استطاع الدكتور علي زيد أن ينتج شتلات افوكادوا من خلال البذور، وتم زراعتها في كلية طب الأسنان بالتنسيق من الدكتور القاسم عباس عندما كان عميدا للكلية، وأثمرت بعد خمس سنوات.
ومع مرور الأيام يتوسع العمل، ويزداد الطلب على الشتلات من عند الدكتور علي حتى أصبح سطح المنزل مغطى بالشتلات، وأصبح يأتي لشراء الشتلات من كل مكان نظرا للسمعة الطيبة للدكتور علي، واحترامه ومحبته عند أصحابه وزملائه المهندسين الزراعيين، وأسعارها رخيصة مقارنة بأسعار المشاتل الأخرى، وبعضها يتم توزيعها مجاناً.
للحزن مكانة في مشروع الدكتور علي زيد القاسمي عندما أنتج 40 ألف شتلة البن بالتشارك مع أحد الأخوة، وأخذها إلى مكان آخر ولم يحاسبه ثمنها، يتكلم الدكتور علي وأنت تشعر بالحزن والألم من خلال كلامه؛ لأنه تعرض للخيانة، وكان يعده مشروعا يحصل منه لقمه حلال، بذل الوقت والجهد حتى ينتج شتلات بن وبكميات كبيرة، ولكنها، لم تمنعه عن مواصلة عمله، بل زادته اصرارا وعزيمة على العمل، والبذل من أجل انتاج الشتلة.
وقرابة ثمانية أعوام منذ أن بدأ مشروع مشتل الدكتور علي زيد حتى اليوم، وأصبح الحلم حقيقة، والبذرة شتلة، والشتلة شجرة مثمرة.
ويصف الدكتور علي زيد القاسمي المشتل بقوله: “يعد المشتل الصديق الوفي المخلص الذي وقف معنا وقت الشدّة، والأزمة، وقت الضيق في المعيشة”.
وتعتبر الشتلة المستقبل في الدنيا والآخرة، وهي صدقة جارية عندما تصبح شجرة، وتثمر ويؤكل من ثمارها الناس، تنال الأجر والثواب من الله سبحانه وتعالى.