سلايدرصحافةمقالات

اليوم الوطني للبن

مناسبة لاستعادة أمجاد الماضي العريق

تحتفل اليمن في الثالث من مارس من كل عام بذكرى اليوم الوطني للبن، وهو ما يعطي أهمية بالغة لهذا المحصول الهام الذي بات يفقد مكانته في الأسواق المحلية والعالمية بعد أن كان هو المهيمن على سائر المنتجات الزراعية في العالم.

اليمن الزراعية – أيوب أحمد هادي

ويقول نائب مدير عام تنمية البن بوزارة الزراعة والري المهندس سمير علي العتمي إنه و استنادا للقرار الوزاري رقم 16 لسنة 2020م باعتبار الثالث من مارس يوماً وطنياً يتم الاحتفال فيه بالبن اليمني، فقد تم تطبيق القرار منذ إصداره على مستوى وزارة الزراعة، ووحدة البن باللجنة الزراعية والسمكية العليا، و بمشاركة العديد من تجار ومصدري البن إلى جانب أتحاد مزارعي البن، والجمعيات التعاونية الإنتاجية المتخصصة في زراعة وإنتاج محصول البن في مختلف المناطق، واتحاد مزارعي البن بالجمهورية اليمنية، وبحضور الكثير من مزارعي البن في اليمن.
وخلال تلك الاحتفالات يتم تنظيم معارض لعرض منتجات البن المختلفة، وعرض مختلف أصناف البن الشهيرة بجودتها من قبل الجمعيات الزراعية في عموم اليمن منها العديني والتفاحي والدوائري والمطري والحمادي والإسماعيلي والصعفاني واليافعي والبرعي.
ويضيف: “جرى تنظيم الاحتفالات الخاصة بهذه المناسبة الوطنية خلال ثلاثة أيام، وكان هناك إقبال كبير على هذه المعارض من قبل المواطنين، وهو ما أدى إلى ترويج كبير لمنتجات البن وبالتالي زيادة إنتاجيته”.
ويواصل حديثه: “كما نعلم أن القهوة العربية السائدة هي مصنوعة من البن المزروع في اليمن، ويعتبر محصول البن ثاني المنتجات الأعلى قيمة في العالم بعد النفط، ويتميز بنمو مستمر منذ السبعينات، بالإضافة إلى ذلك ارتفاع استهلاك القهوة في العالم بنسبة 1.3 % سنوياً، وفقاً لتقرير المنظمة العالمية للبن “ICU” وهناك ما يقارب من تسعة ملايين طن متري من البن ينتجها حوالي سبعين بلداً سنوياً، لتوفير فرص العمل والدخل لأكثر من 25مليون شخص في جميع أنحاء العالم في أفريقيا وأمريكا اللاتينية وأمريكا الجنوبية ودول آسيا.
ويرى المهندس العتمي أن تنظيم المعارض خلال أيام الاحتفال باليوم الوطني للبن اليمني يعود بالفائدة على المزارع، فهناك توسع كبير في زراعة البن، وهناك اقتلاع لأشجار القات في عدة مناطق واستبدالها بشجرة البن الذي يعتبر من المحاصيل النقدية الهامة، وهناك أيضاً مبيعات متزايدة، كما لوحظ ذلك من خلال المزاد الوطني والمزاد العالمي للبن اليمني، وقد لاقى البن اليمني في المزاد العالمي رواجاً كبيراً، حيث وصل سعر الكيلو إلى 980 دولار أي ما يعادل 440 دولار للرطل، وهذا ما شجع المزارعين اليمنيين على التوسع في زراعة محصول البن”.
ويشير إلى أن مناطق كثيرة في اليمن شهدت عدة تجارب ناجحة في زراعة محصول البن منها مناطق في الضالع ومناطق في البيضاء ومناطق أيضاً في آنس وفي خولان وفي أرحب وفي تهامة، وأن هناك إقبال كبير على زراعة هذا المحصول النقدي الذي امتازت به اليمن سابقاً، وهناك إحصائيات تقول بأن اليمن حتى عام 1858م صدر ما يقارب 58 ألف طن.
ويضيف: “أحب أن أشير إلى أن محصول البن يزرع في خمسة عشر محافظة يمنية، وأن جميع هذه المحافظات ارتفاعها مناسب لزراعة البن، حيث يصل إلى 800 متر و إلى 2500 متر، ودرجة الحرارة مثالية أيضاً بالنسبة لها وتتراوح من 20 إلى 24 درجة مئوية، وهذه العوامل هي عوامل مناسبة وملائمة لزراعة البن في تلك المناطق والتوسع فيها.
لقد استفاد المزارع من خلال الترويج الإعلامي -كما يقول المهندس العتمي- حيث ارتفعت نسبة المبيعات من قبل المواطنين، بالنسبة للجمعيات والتجار والمصدرين للبن اليمني، وقد ساعد ذلك إلى زيادة شهرة المحصول محلياً وخارجياً، وهذا بلا شك يعود بالنفع على المصدر الأول لإنتاج البن وهو المزارع.
ويلفت إلى أنه من الملاحظ خلال الزيارات الميدانية أن المزارع اليمني بدأ يعي أهمية هذا المحصول من خلال الإدراك أن هذا المحصول تأتي ثماره من خلال التدريب المستمر والتوعية والارشاد الذي تقوم به وزارة الزراعة والري في معظم مناطق زراعة البن.
وتحتاج شجرة البن حتى تستعيد مجدها التاريخية إلى تكثيف الجهود في توعية وتدريب المزارعين على الطرق السليمة لزراعة محصول البن، وكذا المعاملات السليمة لزيادة جودة البن التي تتمثل في معاملات الحصاد ومع بعد الحصاد، كما تحتاج إلى ارتفاع الوعي بأهمية محصول البن، وهذا سيؤدي إلى زيادة التوسع في زراعته، وهذا التوسع سيعيد الأمجاد التاريخية لهذه الشجرة، وهذا المحصول الذي يعد بمثابة الذهب الأحمر.

يوم تاريخي
من جانبه يعتبر مسؤول وحدة البن في اللجنة الزراعية والسمكية العليا الأستاذ محمد القاسمي اليوم الوطني للبن من أهم الأيام في التاريخ الزراعي اليمني، وهو يوم استعادة الأمجاد، واستعادة التاريخ، وإعادة البن اليمني إلى تاريخه بإذن الله تعالى.
ويقول القاسمي إن المزارع يستفيد من هذه المناسبة الترويج والتسويق ونشر الثقافة الزراعية والتوعية والتدريب، مشيراً إلى أنه من خلال هذا الأمور سيكون المزارع هو المستفيد الأول في حالة ازدياد الطلب وارتفاع المبيعات، وبالتالي سيعمل المزارع على التوسع في زراعة محصول البن ورفع مستوى الإنتاج، وسيتمكن من بيع محصوله بكل أريحية.
ويواصل : “إذا لم يكن هناك ترويج مصاحب للاحتفالات بهذه المناسبة، فإن المزارع سيواجه حالة من الكساد وربما يصل إلى الاحباط وسينعكس ذلك على الانتاج.
وتحتاج شجرة البن لاستعادة أمجادها للمزيد من الأنشطة والفعاليات والخطط الاستراتيجية بعيدة المدى أو طويلة المدى على مستوى الدول، وكذلك الخطط الطارئة والمعالجات المستمرة والمواكبة الكبيرة سواء في السوق المحلية أو في السوق الدولية، وكذلك على المستوى البحثي والتطوير العلمي والبناء المؤسسي والإداري والهيكلي لكل سلاسل القيمة في البن اليمني، وكذلك التوسع المدروس والزراعة المدروسة والانتاج المدروس.
وبالنسبة للأنشطة والفعاليات المصاحبة لليوم الوطني للبن -يقول القاسمي- إنها عبارة عن سبعة برامج وأنشطة ستقام بمناسبة هذا اليوم، منها تدشين وفعاليات ومعارض، وبرامج التشتيل، ودورات تدريبية، وبرامج تسويقية، وحملات توعية، ونحو ذلك.

برامج وفعاليات متعددة
بدوره يقول رئيس اتحاد جمعيات منتجي البن محمد حسن عثمان إن اليوم الوطني لزراعة البن اليمني هو مناسبة تحتفل بها اليمن لتسليط الضوء على تاريخ البن اليمني، وعلى أهمية زراعة وإنتاج البن، والذي يعد مصدراً رئيسياً للدخل الوطني، ومورداً أساسياً للمزارعين في مناطق الإنتاج، ويعكس هذا اليوم أهمية القطاع الزراعي في اليمن.
ولأهمية اليوم الوطني لزراعة البن عملت اللجنة التحضيرية على الاعداد لعدد من الأنشطة والبرامج والتي من أهمها:
■ تدشين زراعة شتلات البن في الجهات الحكومية والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني والجامعات.
■ برنامج التشيل، والتوسع في زراعة البن في مناطق الإنتاج، بالتنسيق مع السلطات المحلية ومكاتب الزراعة والري والجمعيات في مناطق زراعة البن.
■ إقامة معرض صنعاء الدولي للقهوة في الأمانة.
■ بناء قدرات الفاعلين في القطاع.
■ إقامة دورات تدريبية في أساسيات التذوق، والتحميص، وصناعة القهوة.
■ برنامج التسويق والترويج للبن اليمني في الخارج من خلال إطلاق برنامج سفراء البن وتبني إقامة فعاليات ترويجية وتعريفية في معظم دول العالم.
■ حملة توعوية بأهمية البن اليمني الاجتماعية والاقتصادية وتغطية.
ويزيد قائلاً : “هذا اليوم هي يوم لإحياء روح العمل والتعاون، والمشاركة المجتمعية في إعادة إحياء تاريخ البن اليمني، ومن خلال هذا اليوم نسعى لغرس ثقافة البن، وأن تظل هذه الشجرة حاضرة في ذهن الأجيال القادمة”، مشيراً إلى أن شجرة البن رمزية تاريخية اقتصادية قومية تربط بأصالة وعراقة الشعب اليمني واستمرارها وبقائها والتوسع في زراعتها، وتحسين جودة انتاجها لإعادة أمجادها التاريخية، وهي تحتاج إلى استراتيجية وطنية للارتقاء بزراعة وانتاج وتسويق البن الميني برؤيا وطنية شاملة تتواكب مع موجهات السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- والقيادة السياسية، وتلبي طموح مزارعي البن، والفاعلين في القطاع بما يساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي، وتنمية الاقتصاد الوطني؛ كون منتج البن فرصة اقتصادية لتعزيز وتنمية الاقتصاد الوطني.
من جانبه يقول أستاذ المحاصيل وتربية النبات والباحث في البن اليمني والعالمي الدكتور أمين الحكيمي إنه في البداية عرفت شجرة البن في اليمن تقريباً منذ أكثر من ألف سنة، وكانت تستخدم كنبات طبي، وقد ذكر ذلك في الكثير من المراجع القديمة لعلماء الطب المسلمين كالرازي وابن سيناء قبل أكثر من ألف عام.
ويضيف: “بالتالي فإن شجرة البن لها ارتباط وثيق بتاريخ اليمن، وكانت كغيرها من الأشجار الموجودة في الغابات الحراجية اليمنية، وقد عمل اليمنيون على إستزراعها وتطويرها إلى أشكال وصور كثيرة جداً، حتى تميزت بخصائص فريدة تتمثل في إنتاج الثمار ذات الجودة العالية، من حيث الشكل والطعم والرائحة وكثرة الإنتاج”.
ويشير إلى أنه حين بدأ هذا التحول يظهر على هذه النبتة القيمة تطورت خصائصها، وأصبحت ثمارها تصنع مشروباً له شهره عالمية، خصوصاً في فترة العصر الإسلامي بعد تحريم الخمور والمشروبات الروحية المختلفة، فكانت القهوة هي المشروب البديل لهذه المشروبات في الكثير من المناطق في مختلف العالم.
ويوضح أن اليمنيين اشتهروا بتصدير القهوة عبر قوافلهم التجارية، ونقلها إلى مكة، ومن مكة إلى العالم، مما أكسبها شهرة واسعة.
واحتكر اليمنيون تجارة البن لأكثر من 400 عام، وعندما صارت تجارته ذات أهمية كبيرة جداً، تنافست الكثير من الشركات والدول على هذه التجارة، وكان هناك تنافس كبير جداً، وتم إخراج أشجار وبذور البن من اليمن، وبدأت زراعتها في المستعمرات الهولندية، والمستعمرات البريطانية، والمستعمرات الفرنسية، وأصبح محصول البن في القرن الثامن عشر محصولاً يزرع في الكثير من الدول، وبدأت زراعته وتجارته تتراجع في اليمن.
وقد غفل اليمنيون كثيراً عن هذه الأهمية لشجرة البن، وقد استبدلت معظم المساحات الزراعية التي كانت تزرع بمحصول البن بمحاصيل أخرى ذات أهمية بالنسبة للمزارعين، واستمر هذا التدهور حتى فقد محصول البن لتلك الأهمية والمكانة التجارية وتراجعت أسعاره وانتاجه كثيراً، حتى أصبح إنتاج اليمن لا يساوي 0.1 % من الإنتاج العالمي لكنه يمثل أهمية كبيرة جداً للبيئة اليمنية والمزارع اليمني من أجل أن يبقى في هذه المناطق؛ لأن البديل عنه أصبح عبارة عن محاصيل أخرى ذات أضرار كبيرة جداً كالقات، وقد تكون محاصيل أخرى ذات أهمية اقتصادية أقل، والكلام للباحث الحكيمي.
ومن خلال إعلان ثورة البن منذ ثلاثة أعوام تقريباً بدأت هناك محاولات، وتنظيم الاحتفالات المستمرة والفعاليات المتكررة سواء في اليوم الوطني للبن في الثالث من مارس، أو في ذكرى ثورة البن في شهر أكتوبر، من أجل تحفيز صناع القرار والمسؤولين والجهات المختلفة العاملة في مجال زراعة وتنمية البن، بالإضافة إلى المزارعين، وتعريفهم بمكانة وأهمية البن اليمني في الأسواق العالمية والمحلية التي كان عليها سابقاً وترسيخها في عقولهم من أجل استعادة تلك المكانة وتلك الأهمية.
وقد حققت هذه المناسبة لليوم الوطني للبن أهدافاً تعود بالفائدة على المزارع اليمني، وإن كانت ينظر إليها بعين واحده بالنسبة لبعض المزارعين، لكن لها ثمار كبيرة ستأتي بالتدريج، وستحقق مكاسب اقتصادية كبيرة للدولة والمزارع سواء بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال استمرار التنافس بين التجار ومصدري البن على شراء المحصول من المزارعين بأسعار مربحة ومجدية للمزارع.
وقد بدأ الكثير من المزارعين بالتحول إلى تسويق محاصيلهم عبر الشركات والتجار محلياً وعالمياً.
ويكفي أن هناك تحركات من الجهات الرسمية للحد من استيراد البن الخارجي، وتشجيع الإنتاج المحلي، وهناك طلب متزايد على محصول البن اليمني، ومن المؤكد أن المزارع اليمني هو المستفيد الأول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى