اقتصاد الأجداد
يعتبر اليمن الموطن الأول للبن، والذي تشير الأبحاث المؤكدة بالمخطوطات القديمة إلى أن زراعة البن بدأت في اليمن قبل حوالي ثمانية قرون وبعد قرنين من الزمن بدأ اليمنيون بتصدير البن للعالم أي بداية القرن الرابع عشر للميلاد.
وظل اليمنيون محتكرين لتجارته طيلة ثلاثة عقود متتالية حيث كانت اليمن هي البلد الوحيد في العالم الذي يمارس زراعة وإنتاج هذا المحصول النقدي المهم وتحويله إلى سلعة عالمية ليصبح هذا المشروب هو الثاني عالميا من حيث التبادل التجاري بعد الماء.
اليمن الزراعية – الحسين اليزيدي
معاملات البن
ويسرد المزارع عبدالله علي من مديرية حيدان في محافظة صعدة الصعوبات التي يواجهها أثناء زراعة البن المتمثلة في التسويق أشد سلاسل القيمة تعقيداً تقف عائقاً أمام المزارعين في المنطقة بشكل عام.
ويقول: “أُنتج 16 كيساً من البن -في الموسم يحتوي الكيس 50 كيلو جراما- في مساحة 200 حبلة، ونبدأ تحضير الشجرة للموسم التالي بعد الحصاد مباشرة بتعريضها للعطش وخلط تربتها بالدمن مخلفات الأبقار والأغنام والماعز بعد أن يتم تحضيرها في حفرة يطرح عليها أوراق البن، وتغمر بالدمن والطين وخلطها، ثم استخدامها على مستوى جذور الشجرة، في شهر 2 إلى 3 يبدأ الزهر والحصاد من 9 إلى 12.
ومن الصعوبات أيضاً طرق المركبات ووعورتها وتوجد مناطق تعاني من شحة المياه الحادة، وقد تحرك المجتمعات في ضوء ذلك لإنشاء السدود والحواجز.
استراتيجية
من جهته يوضح أمين عام اتحاد منتجي البن مجيب الحوتي أن الاتحاد التعاوني لجمعيات منتجي البن بدأ في العام 2020م ليكون ممثلاً لمزارعي البن على مستوى اليمن، مبيناً أنه منذ تأسيسه يسعى الاتحاد بالتعاون مع الجهات المعنية إلى تطوير وتسويق هذا المنتج بالمشاركة في الفعاليات والمناسبات الوطنية التي تقام بهذا الشأن، ولعل من أهمها اليوم الوطني لزراعة البن بإقامة عدة أنشطة زراعية وتسويقية بالمشاركة مع الجمعيات البالغ عددها 24 جمعية تعاونية زراعية مختصة بالبن أو تعمل في هذا المجال حيث كان للاتحاد دور مهم جدا من خلال تنفيذ حزمة من الأنشطة الزراعية والتي من أهمها توزيع عدد كبير من شتلات البن على المزارعين في مناطق زراعة البن خلال العامين الماضيين إضافة لذلك عملنا هو الربط بين الجمعيات المنتجة للبن والمزارعين المنتجين لهذا المحصول وبين الشركات والمؤسسات العاملة في مجال تسويق البن اليمني وتصديره أيضا المشاركة مع الجهات المختصة في توعية مزارعي البن بالعمليات الزراعية الحديثة وإنتاج بن مختص في أكثر من منطقة وغيرها من الأنشطة التي تم تنفيذها خلال الفترة الماضية من عمر الاتحاد.
بدوره يقول مدير عام تنمية البن في وزارة الزراعة محمد قايد إن إنتاج البن شهد نقلة نوعية في البلاد من الاستراتيجية الوطنية لتنمية وتسويق البن 2019 – 2025، موضحاً أن انحسار البن في فترة تاريخية محددة انعكست سلباً على تسويقه، في الوقت الذي كان اليمن عبر التاريخ سباقاً في الترويج والتسويق المنظم للبن والأدلة التاريخية تشهد بذلك.
ويواصل حديثه: “منذ عام 2017 أولت الجهات المختصة والقيادة بشكل عام أولوية للبن كمحصول نقدي وثيق الصلة بالتاريخ العريق لليمن الكبير”، حيث أن تلك الجهود أتت ثمارها فكان إنشاء اتحاد منتجي البن، وهدفه تنظيم عملية تسويق البن، ونحن الآن بصدد إنشاء سوق مركزي للبن، وفي العام الماضي أرسلنا إلى الأسواق الخارجية بـ 70 عينة، حيث تم قبول 17 كان سعر أعلاها 900 دولار، وأقلها 450 دولار وهذا يعطينا الدافع للاهتمام بالبن كمحصول نقدي سيادي للبلاد.
ويستطرد مدير عام تنمية البن في وزارة الزراعة عن الاستراتيجية الوطنية لتنمية وتسويق البن 2019 – 2025 التي بحسب قايد كان أهم أهدافها رفع وتنمية إنتاج البن من 20 ألف طن إلى 50 ألف طن في عام 2025، حيث زادت إنتاجية البلاد من البن إلى 40 ألف طن وهذا مؤشر نجاح نسعى للاستمرار فيه من خلال المرحلة الثانية للاستراتيجية في العام القادم لتطويرها ولتكون شاملة تعطي نتائج أكثر تقدما، يقول محمد قايد.
التربة النظيفة
وبحسب أستاذ وراثة وتربية النباتات في جامعة صنعاء يؤكد أمين حكيمي أن أكثر من مئة ألف أسرة يمنية ما يقارب مليون مواطن -يعتمدون- على البن كمصدر دخل يعينهم في حياتهم اليومية بشكل كبير جداً، وعائد البن من التصدير يقدر بأكثر من 10 مليون دولار.
ويقول أستاذ الوراثة وتربية النباتات في جامعة صنعاء إن أهم مميزات البن اليمني تكمن في التربة النظيفة الخالية من الأسمدة والمبيدات الكيماوية وعوادم السيارات التي جاءت مؤخراً، وهو الذي يجب علينا جميعاً الابقاء على الأراضي الزراعية أن تكون نظيفة كما كانت لأن هذه هي مميزات البن اليمني عن غيره في دول العالم التي تعتمد في إنتاج البن على الأسمدة والمبيدات الكيماوية.
ويضيف الدكتور أمين الحكيمي “لذلك البن اليمني مازال محتفظا بأصالته على مستوى العالم ولنحافظ عليه ونساعد في التوسع في زراعته؛ يجب الاهتمام بالمزارع ليجد تسويقا مجزيا يدفعه للحفاظ والتوسع في زراعة البن.
قايد: أولت الجهات المختصة والقيادة بشكل عام أولوية للبن كمحصول نقدي وثيق الصلة بالتاريخ العريق لليمن الكبير
الحوتي: عملنا هو الربط بين الجمعيات المنتجة للبن والمزارعين وبين الشركات والمؤسسات العاملة في مجال تسويق البن اليمني وتصديره
الحكيمي: أكثر من مئة ألف أسرة يمنية ما يقارب مليون مواطن -يعتمدون- على البن كمصدر دخل يعينهم في حياتهم اليومية بشكل كبير