إرشاداتصحافة

المانجا ملكة فاكهة المناطق الاستوائية وأميرة فاكهة المناطق المدارية

قراءة كمية ناقدة

الدكتور/ يوسف المخرفـي

تعد المانجا ملكة فاكهة المناطق الاستوائية وأميرة فاكهة المناطق المدارية، فهي ثمرة تنمو أشجارها في مناخ استوائي وتحت استوائي، ومداري وشبه مداري أيضا، كما تعد شجرة دائمة الاخضرار قادرة على تحمل ظروف العطش لمدة ثمانية شهور متوالية، مكتفية بالرطوبة الجوية والأرضية.
ويعتقد أنها زرعت منذ حوالي ٤٠٠٠ سنة في الهند وأرخبيل الملايو، وقد يصل طول شجرتها إلى نحو ٢٥ متراً، وطول ثمارها البيضاوية إلى ٢٥سم، ووزنها إلى ٢ كجم.
وقد زرعت المانجا في اليمن قبل نحو ٢٠٠ سنة، حيث جلب شتلاتها سلاطين لحج لزراعتها في اليمن التي تقع ضمن النطاق المناخي المداري الملائم لزراعتها، ثم انتشرت إلى أنحاء عديدة في اليمن في تعز والحديدة وحجة، حتى وصلت إلى أكثر من مليوني شجرة بحلول العام ٢٠٢٠م.
والمانجا ذات قيمة غذائية عالية لغناها بالعديد من العناصر الغذائية، حيث تحتوي على الفيتامينات والبروتينات والدهون وأحماض الماليك والستريك والكاروتين، لذلك يعتمد عليها سكان مناطق زراعتها كغذاء رئيسي لهم.
ومنذ تسعينات القرن الماضي ازدهرت زراعتها في منطقة الجر بمديرية عبس بمحافظة حجة حد الوصول إلى ثاني أكبر تجمع لإنتاج المانجا في العالم من خلال مزارع عملاقة تنافس على امتلاكها وجهاء ومسؤولي اليمن، لكن كما يقول المثل المصري (كلما جات الحزينة تفرح ما لقتلهاش مطرح) فقد تنافس أولئك العتاولة في حفر الآبار أيضاً، حتى اختلط الماء العذب بمياه البحر الأحمر المالحة القريبة منها، فهلكت المزارع وهلك حرثها ونسلها، أضف إلى ذلك تعمد العدوان السعودي على إحراق ما تبقى من أشجارها اليابسات.
الجدير بالذكر أنه كان يتم تصدير الأصناف عالية الجودة من مانجا الجر إلى السعودية التي بدورها تقوم مصانعها بتعليبها وإعادتها إلى اليمن على شكل معلبات بمواد حافظة، وهذه العملية الغبية تعد خيانة عظمى للاقتصاد اليمني، فيما الأصناف الرديئة تغرق الأسواق اليمنية- كما العادة في العلاقات التجارية مع الشقيقة الكبرى.
أما الخيانة العظمى الثانية المكملة لأولاها، فتتمثل في اعتماد مصانع العصائر على البودرة والعلب الكبيرة الخام من المانجا المستوردة من الهند وجنوب شرق آسيا، فعند زيارتي التفتيشية البيئية لأحد المصانع الكبرى جنوب العاصمة العام ٢٠١٩م كنت على استعداد للاطلاع على سير خطوط الإنتاج الصناعية بالمصنع، وأولى تلك الخطوط يتمثل في تقشير ثمار المانجو واستخلاص عصيرها، فإذا بي أتفاجأ بعدم وجود الخط الأول، والعمل ابتداء من خط الإنتاج الثاني مباشرة ممثلا في الخلط والإضافات السكرية، بالتالي وصفته وسجلته كمعمل وليس كمصنع.
ومثل هكذا معامل المشار إليها ترهق اقتصاد الوطن بفواتير الاستيراد، وتحرم الشباب من خريجي كليات الزراعة فرص العمل التي كان سيوفرها المصنع من خلال مزارعه العملاقة المنتجة للمادة الخام محصول المانجا، كما تضر الصحة العامة بعصائرها الخالية من القيمة الغذائية بلا شك، بل والممرضة بإضافاتها السكرية والمواد الحافظة.
كما أنها لا تستوعب منتجات المانجا الزراعية التي تغرق السوق بنحو ٨ كجم بسعر ألف ريال، فهي لم تتفضل باستيعاب الفائض من محاصيل المانجا.
إن جميع ما تم ذكره في المقال من تراجيديا وخيمة لتطور زراعة المانجا في اليمن ناتجة عن غياب وعدم وضع خطة استراتيجية لزراعة وإنتاج وتسويق وصناعة المانجا، فكانت العاقبة هكذا لمن لم يحسن التدبير والتخطيط.
أما عن فرص استثمارها لأغراض التصدير، فليس كمنتج طازج إلى السعودية واستيرادها كمنتج مصنع معلب بمواد حافظة، فالمانجا مطلوبة في أسواق شمال الأرض وجنوبها، وبإمكانها معادلة الميزان التجاري من الدول التي نستورد منها مثل الصين واليابان وأوكرانيا وغيرها، فالميزان التجاري بين اليمن واليابان- على سبيل المثال لا الحصر- مرجح كفته بنسبة ٩٦ بالمائة لصالح اليابان، وبالإمكان ببساطة شديدة عقد بروتوكول تبادل تجاري بين البلدين لتحسين وضع الميزان التجاري بينهما متى ما قرر متخذ القرار الاقتصادي الخروج من دائرة الغباء التجاري إلى دائرة التبادل التجاري.

*أستاذ العلوم البيئية والتنمية المستدامة المساعد بجامعة 21 سبتمبر للعلوم الطبية والتطبيقية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى