بشار السلطان
البن ومشروبه المعروف باسم موكا نسبه إلى الميناء الذي عرف العالم من خلاله القهوة كمشروب، حيث أن اليمنيين منذ القرن الرابع عشر احتفظوا بسر زراعته وتحميصه وعملية تحضيره.
وظلت حبة البن يمنية المنبع ومستقر مشروبها، فلم يتم تصدير أي كمية إلّا في القرن السادس عشر الذي به بدأ اليمنيون تعريف العالم بالقهوة، فكانت أولى الشحنات المصدرة متجهة إلى الاستانا (إسطنبول) ومن الاستانا وصلت لأوروبا.
ومنذ ذلك الحين حدثت ثورة في مجال المشروبات فبدأت الدول وخاصة الدولة العثمانية وفرنسا والمملكة المتحدة بالتهافت لأخذ كميات من مسحوق البن اليمني، حيث أن اليمنين لم يسمحوا بتصديرها كخام البن إلا بعد تحميصه وذلك خوفاً أن يسرب سر المشروب اليمني.
وظلت المخاء مستقر أنظار العالم لثلاثة قرون متتالية، وهذا ما بدى جلياً بتسميه القهوة بالموكا لديهم، فأصبح لكل دولة شركتها الخاصة فتمت أول صفقة للأوروبيين عام 1628م ميلادية التي كانت من نصيب الهولنديين.
فأسس بها مصنعاً تابعاً للفرنسيين بالقرن الثامن عشر، ثم مصنعاً آخر تابعاً للبريطانيين، فأصبحت المخا مقراً رئيساً لتجارة القهوة ، فانتشرت زراعة البن في كل أرجاء اليمن، وازدادت اليمن أهمية بجانب موقعها الجغرافي، فظلت محافظة على أحد مصادر قوتها حتى أواخر القرن التاسع عشر الميلادي حين تم عقد صفقة بين سلطان المخاء والبرتغاليين على اثرها زرعت أشجار البن بما يعرف اليوم بالبرازيل ومنها انتشرت للعديد من الدول باسم ( موكا اربيكا ).
فبدأت اليمن بفقد مكانتها كمتحكم بأسعار وكميات البن في العالم، فبدأ اليمنيون بترك زراعتها لعدة أسباب أهمها:
- الاقبال الكبير على زراعة القات وأيضاً ضعف وعدم الوصول لتكنولوجيا الحديثة لإنتاج البن، لأن الدول المنتجة للبن استطاعت أن تبيع البن بأسعار أرخص من أسعار البن اليمني.
وبسبب الصرعات السياسية مؤخراً في اليمن أهمل الاعتناء بشجرة البن، فأصبحت تعاني من الإهمال في التسويق، وأيضاً في الجانب المنافس، وصل الإنتاج الكلي للبن اليمني عام 1995 ميلادية الى 9000 طن، بينما كان يتخطى 200000 طن بعام 1920م.
ورغم ما وصل إليه البن اليمني من اهمال وتدهور أكدت دراسات غربية ويابانية بأن البن اليمني الأجود على الاطلاق بمذاقه ورائحته ولا يمكن انتاج مثيله في شتى بقاع المعمورة، وذلك بسبب تضاريس اليمن الجبلية المناسبة للبن.
وهو ما جعل البن اليمني يبقى منافساً في الأسواق نظراً لجودته العالية، حيث وصل الكيلو الغرام من البن اليمني في بعض مزادات البن العالمي إلى500$، فعاد أذهان اليمنيين إليه، وبدأت الجهات الرسمية بالتشجيع على اعادته ودعمها للوصول لذلك من خلال إقامة اليوم الوطني للبن اليمني في الثالث من مارس من كل عام، وهذا ما يؤكد أن اليمن ماضٍ بكل ثقة إلى استعادة مكانة وأصالة البن.
وبرزت للواجهة كوكبة من رجال الأعمال وتجار ومثقفين وكٌتاب ليأخذوا قسطاً كبيراً من التعريف وتسويق البن اليمني وذلك من خلال تصديره كقهوة مختصة ذات جودة عالية لتباع لكبرى الشركات العالمية بمجال البن.
وللوصول لما كان عليه البن اليمني يجب تنفيذ الاتي:
1ـ زيادة التواجد من الجهات الرسمية وتكثيف الجهود لتسهيل للمزارع، وذلك من خلال توفير البنية التحتية اللازمة.
2ـ تشجيع رواد الأعمال في مجال البن، من خلال تسهيل الحصول على تصاريح مزاولة مهنة تطوير قطاع البن.
3ـ إنشاء مشتل مركزي في كل محافظة يمنية صالحة لزراعة البن وذلك لتتوفر للمزارع شتلات البن الآمنة وبتوفير خدمة المسح الهندسي للأراضي الزراعية ليسهل حماية وتطوير محصول البن.
4ـ ادخال تكنولوجيا الزراعة والري الحديث بما يناسب التضاريس اليمنية، كالري بالتنقيط، من الحواجز المائية والري بالرشاش الدائري من الآبار الجوفية.