إرشاداتصحافة

سياسة الحد من التوسعة في زراعة القات تشكل حلاً

قراءة استبصارية

الدكتور/ يوسف المخرفـي

يُعد اليمن بلداً زراعياً بامتياز طوال تاريخه القديم والحديث والمعاصر، كنشاط رئيسي يمارسه سكانه الريفيون الذين يشكلون نحو ٧٥ ٪ من إجمالي السكان.
وتنقسم طبوغرافية وجيولوجية اليمن إلى أربعة أقسام سهلية ساحلية زراعية في الجنوب والغرب، وأودية جبلية وقيعان داخلية، وصحاري شرقية وشمالية شرقية.
وقد تغلب الإنسان اليمني القديم على هذه الظروف الطبيعية من خلال بناء المدرجات الزراعية في المناطق الجبلية وفي بطون الأودية التي تتخللها، فأضاف مساحة زراعية اصطناعية إلى المساحة الطبيعية لتشكل جميعها ١٥٪ كأراضٍ زراعية من إجمالي مساحة البلاد.
ليحقق من خلالها اكتفاءً ذاتياً، وأمناً غذائياً من الحبوب والبقوليات والخضروات والفواكه والبن، وصدر الفائض من الحبوب والبن إلى الخارج.
ومنذ إعلان الثورة الزراعية العام ١٩٨٤ التي أعلنت ثورة بدون خطة استراتيجية متوسطة وطويلة المدى، تأخذ في حسبانها استفحال ظاهرة التوجه نحو زراعة نبتة القات التي سابقت الزمن والناس ليصل مدى توسعها إلى ٢٠٪ من إجمالي مساحة الأراضي الزراعية مهدرة نحو ٧٠ ٪ من المياه الجوفية لريها بطريقة الغمر الجائر.
وقد فرضت زراعة نبتة القات واقعاً اقتصادياً واجتماعياً يقف أمامه القرار السياسي حائراً، بحيث لم يعد بمقدوره سوى وضع حد للتوسع في زراعة القات، أو الحد من التوسع في زراعة القات كوجهين لعملة واحدة وخيار واحد لا ثاني ولا بديل له.
فعلى الصعيد الاقتصادي تعتمد نحو مليون أسرة يمنية على زراعة القات والمهن المرتبطة بزراعته لتشكل نحو ٢٠٪ من الأيادي العاملة، ومن الناحية الاجتماعية استفحلت ظاهرة مضغ القات لتشمل الأسرة كلها الزوج والزوجة والأولاد، ولم تعد تقتصر على كبار السن كما كان ذي قبل.
وهذا يحتم على صانع القرار السياسي التفكير فقط في الحد من التوسع في زراعة القات، وذلك من خلال إصدار قوانين وتشريعات تجرم إضافة أي مساحة مزروعة بالقات ومراقبة مدى الامتثال للقانون من خلال صور الأقمار الصناعية السنوية المتعاقبة.
فبلاد الشرفين بمحافظة حجة موطن البن والجوافة أصبحت مزروعة بالقات بنسبة ١٠٠ ٪ وهذه عاقبة وخيمة لعدم اتباع سياسة التخصص في الإنتاج، وتحديد نسبة ما يمكن للمزارعين زراعته بالقات من أراضيهم التي ينبغي ألا تتجاوز نسبة ١٥ ٪ من أراضيهم الزراعية.
وبالتالي نخلص إلى أن استمرار التوسع في زراعة القات بلا قيود وضوابط وسياسات وتشريعات قد أصاب الأمن الغذائي، وبالتالي القومي في مقتل، وتظافرت معه النتائج الوخيمة للتوسع العمراني على حساب الأراضي الزراعية، واتسع المجال وانفتحت الشهية على الاستيراد لكل شيء من الخارج، الذي لا يحقق أمناً غذائياً، بل إخلالاً بالسيادة الوطنية في ظل ما يتوالى على وطننا العزيز من عدوان وحصار جائرين وغاشمين.

*أستاذ العلوم البيئية والتنمية المستدامة المساعد بجامعة 21 سبتمبر للعلوم الطبية والتطبيقية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى