تقاريرصحافة

تـراث عريــق يواجـه خطــــر الاندثـــار

الحلويات والمكسرات التهامية

قبل عقود من الزمن كانت الحلويات والمكسرات التهامية محلية الصنع جزءاً لا يتجزأ من ثقافة وتقاليد أبناء تهامة، والتي تقدم كسلعة أساسية في الاحتفالات والأعياد فهي ليست مجرد أطعمة لذيذة، بل هي رمز يعبر عن تراث وهوية، إلا أن الإقبال عليها تراجع بشكل كبير مع دخول الحلويات المستوردة وغير الصحية.

اليمن الزراعية – أيوب أحمد هادي

وفي هذا السياق يقول مدير مكتب الصناعة والتجارة بمديرية المراوعة عبد الرحمن حلبي أن أهمية الحلويات والمكسرات المحلية تتمثل في الربط بين التراث والذكريات، فهي تعكس تراثنا الغني، وتعيد لنا ذكريات تجمعنا مع الأجداد والأجيال السابقة، وتعيد لنا مواقف من تلك الذكريات التي تحمل قصصاً عائلية، وتقاليد قديمة في المناسبات خصوصاً الأعياد.
ويضيف أن الحلويات والمكسرات التهامية محلية الصنع تتميز بجودتها العالية ومذاقها الفريد، كونها مصنوعة بعناية وحب، وتستخدم فيها المكونات الطبيعية والوصفات التقليدية، مما يمنحها نكهة لا تضاهى وطعم لا يقاوم.

دعم الاقتصاد المحلي

ويشير إلى أن صناعة الحلويات المحلية تلعب دورًا مهمًا في تعزيز الاقتصاد المحلي، ودعم هذه الصناعة يساهم في إبقاء الأموال في المجتمع المحلي وتوفير فرص عمل للحرفيين والمزارعين المحليين.
وينوه حلبي إلى أن الحلويات التهامية كانت في السابق تقدم كسلعة أساسية في الأعياد، وبمجرد تذوقها تجد أنها ليست مجرد طعام، بل هي تعبير عن هويتنا وتراثنا وتركيبة أساسية في احتفالاتنا، ولا يكاد يخلو بيت من بيوت تهامة من الحلوى التهامية، سواء في الأعياد، أو المناسبات الأخرى، وقد كانت في السابق تزدهر صناعة الحلويات التهامية في كل المناطق في محافظة الحديدة.
ويؤكد أن مديرية المراوعة هي واحدة من المديريات التهامية التي اشتهرت بصناعة الكثير من أنواع الحلويات كالمشبك والمسمنة والزمبطي والبندري وغيرها.
ويلفت إلى أن الاقبال على شراء هذه السلعة المهمة تراجع بشكل ملحوظ مع دخول الحلويات المستوردة، التي لا ترقى إلى جودة ومذاق الحلويات المحلية، وقد تتسبب في انتشار العديد من الأمراض لدى الأطفال عند الافراط في تناولها.
ويطالب مدير مكتب الصناعة بضرورة دعم مثل هذه الصناعات المحلية والحرفيين العاملين فيها للحفاظ على هذه التقاليد والاستمتاع بالمنتجات اللذيذة والفريدة التي تعبّر عن ثقافتنا وتوعية أصحاب المعامل باستخدام طرق حديثة للتغليف حتى تظهر هذه السلع كمنافس لكل المنتجات الخارجية.

مواد طبيعية

من جانبه يقول عبدالله حسين نورة صاحب معمل صناعة الحلويات بمدينة القطيع بالمراوعة إنه قبل عقود وفي مثل هذه الأيام كانت مدينة القطيع تشهد إقبالاً كبيراً على شراء الحلويات، وخاصة حلوى المشبك الذي اشتهرت به منطقة القطيع، والتي كانت تورد مئات الأطنان من الحلويات المختلفة إلى المناطق الجبلية.
ويضيف: “كانت صناعة الحلويات قديماً مزدهرة بشكل كبير في منطقتنا، حيث كان يوجد فيها أكثر من ستين معملاً تنتج فيه مختلف الحلويات، منها المشبك والمجلجل وحلوى النارجيل والزمبطي والملبنية، ومنها ما كان ولا يزال يقدم في مختلف المناسبات كالبندري والعزبي، أو ما يسمى بالشراب، منها الملونة والبيضاء وكذلك السمسمية.
ويشير إلى أن ما يميز هذه المنتجات أنها تصنع من مواد طبيعية كالطحين والنشأ واللبن الطبيعي والسمن البلدي وزيت السمسم الطبيعي والسكر وغيرها وخالية من أي تركيبة كيميائية.
ويرجع السبب في قلة الاقبال على هذه المنتجات إلى توقف الكثير من المعامل، ولم يبقى سوى معملين فقط من بين عشرات المعامل، وأصبحت تباع بشكل قليل ونادر إلا في بعض المناسبات، منوهاً إلى أنه رغم تراجع إستهلاكها إلا أنها لا تزال تمثل رمزًا حيًا للتقاليد العريقة والقيم العائلية بالنسبة للكثير من الأسر في تهامة وفي المناطق الجبلية التي لا تزال محافظة على استهلاكها.
أهمية الحفاظ على التقاليد
وفي السياق نفسه يقول أبكر عشة وهو صاحب محل بيع حلويات في تهامة إن تناول الحلويات التهامية يعتبر فرصة للتواصل وتبادل الذكريات بين الأجداد والأحفاد.
ويشير إلى أن الحفاظ على تناول الحلويات التهامية ونقلها إلى الأجيال القادمة يعتبر حفاظاً على الهوية الثقافية، مشدداً على أهمية شراء الحلويات محلية الصنع بدلاً من المصنعة تجارياً، لأن في ذلك يمثل دعماً للمنتجات المحلية والحرف اليدوية.
ويضيف أن الحفاظ على التقاليد واستخدام الحلويات والمكسرات محلية الصنع في الأعياد له أهمية كبيرة، تعكس تراثنا وتاريخنا وتعزز الروح المجتمعية والتواصل بين الأجيال كما أنها توفر لنا فرصة للاستمتاع بالمذاق الرائع والجودة العالية، لذا، دعونا نحافظ على هذه العادات القيمة ونستمتع بالحلوى اللذيذة في كل احتفالاتنا.

حلوى الخاجلة

أما المواطن حيدر محمود من مدينة الحديدة والذي يعشق الحلوى التهامية فيقول: “لم أتذوق في حياتي حلويات محلية الصنع ألذ وأطيب مما يصنع في تهامة وخاصة مدينة الحديدة، وخاصة «الخاجلة» وهي نوع من أنواع الكعك التهامي، والتي تعتبر من أشهر وألذ الحلويات في مدينة الحديدة، ويزداد الطلب عليها في شهر رمضان”.
ويشير إلى أن كعكة الخاجلة تتميز بمذاق فريد يجعلها محط اهتمام الكثير من الناس ويرجع ذلك إلى مكوناتها الطبيعية وهي: دقيق، سكر، حليب بلدي.
ويشرح طريقه التحضير التي تعرف عليها من أحد أقربائه وهو أحد العاملين في صناعتها وهي كالتالي تعجن العجينة بوضع جميع المقادير تدريجياً حتى يستوي قوامها وتصبح رطبة، ثم تقسم على شكل كرات صغيرة ليتم فرده، بحيث تكون دائرية الشكل، ويتم وضع الحشو عليها، والذي يتكون من المكسرات كالزبيب واللوز والسمسم، والبعض يحشوها بالقشطه البلدي، أو الخارجي، ومن ثم وضع قطعه عجين أخرى عليها، ويتم اقفالها بشكل الضفيرة لتكون مشابهة لظفيرة الشعر على شكل دائري ثم قليها بالزيت حتى تنضج، وتقدم مع الشعيرة، أو العسل.
ويوضح حيدر سبب تسميتها بالخاجلة وهو أنها تظهر بشكل كبير في شهر رمضان وفي الأعياد ويطرح سبباً آخر يعود إلى الحشوة الداخلية للكعك المغطاة بالعجين والتي لا تظهر إلا عند أكلها.
وعن تاريخها في مدينة الحديدة يقول حيدر إنها دخلت إلى الحديدة منذ عشرات السنين انتقلت من الهند عبر المهاجرين الهنود الذين كانوا يهاجرون إلى سواحل الحديدة.
ويضيف: “تتميز مدينة الحديدة بالعديد من الحلويات المحلية الصنع إلا أن “الخاجلة” تعتبر الأشهر من بين تلك الحلويات وأشتهر بصناعتها كثيراً الوالد المرحوم عبدالله الأهدل، وله محل خاص لصناعتها يقع في باب مشرف ولا يزال إلى الآن يقوم أبناؤه من بعده بصناعتها.
ويشير إلى أن تناول الحلويات المحلية تناقص تدريجياً، رغم وجود الكثير من الحلويات المحلية بسبب تواجد عدة أنواع من الحلويات الخارجية المستوردة، والتي تحظى برواج كبير في مختلف وسائل الإعلام عكس المنتجات المحلية التي حرمت من الترويج الاعلامي لها، رغم جودتها ومذاقها اللذيذ، ولكن يبقى المنتج الوطني هو أصل التراث والموروث الشعبي الذي يمثل المناطق التي يصنع فيها.
ويختم حيدر تصريحه بهذه العبارة من يزور الحديدة ولم يتذوق من أكلاتها وحلوياتها الخاصة، يعتبر ما دخلش تهامة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى