إرشاداتصحافة

وفق المنظور الثلاثي لمفهوم الصحة

جعالة العيد إرث ثقافي حضاري لفوائد صحية

الدكتور/ يوسف المخرفـي

هنالك حقيقة مفادها أن الحديث عن أي موروث ثقافي حضاري مادي أو معنوي هو حديث عن قيمة وفائدة ولغاية، ولهذا يتصف بالإرث الثقافي والحضاري، ويكتب له حظ سنن الحياة الإلهية ونواميسها في البقاء والتوارث (أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) وعكس ذلك يندرج ضمن الفوضوي الضار.
فالله سبحانه وتعالى جعل لنا عيدين معنويين كفرصتين للفرحة، يعبر عنهما مادياً من خلال لبس العيد، وجعالة العيد (الحلويات والمكسرات والشوكولاته) والأضحية في عيد الأضحى، والمصافحة وزيارة الأرحام، وتبادل الزيارات العائلية، وجميعها سلوكيات إيجابية يتعين تعزيزها وضمان استمرار توارثها ونقلها للأجيال التالية.
غير أن هناك سلبيات مصاحبة، ومنها زيارة القبور يوم العيد، وهو سلوك مغاير لسنة ومقصد العيد، وكذا إحراق الإطارات التي تتسبب في انبعاث ثاني أكسيد الكربون الملوث للبيئة والضار بالصحة.
بالتالي يتعين ترك هذه العادة، وكذا الطمش(القريح) التي تسيب الفزع لدى صغار السن، والأذى لكبار السن والمرضى، ولا بأس من استبدالها بالألعاب النارية المعبرة فعلياً عن الفرحة.
وحول جعالة العيد، حيث يحرص الجميع على شرائها أيام العيد وتناولها وتقديمها للأسرة، وللزوار ابتداء من صباح يوم العيد، والتي تتكون من الزبيب كمكون أساسي لها، والمكسرات التي هي نتاج للتفاعل الحضاري التجاري مع حضارات العالم الأخرى (اللوز- الفستق- الفول السوداني- الكاجو- سن العجوز) والحلويات الصناعية من شوكولاته ومليم.. الخ كنتاج للثورة الصناعية.
وسيركز المقال على القيمة الغذائية والفوائد الصحية لجعالة العيد، فاللوز يساعد على تقوية العظام، والأسنان، حيث يحتوي على الكالسيوم والمغنيسيوم المهمين لصحة العظام والأسنان، كما أن تناول اللوز على الريق يساعد في تنظيم مستويات سكر الدم.
أما الفستق، فيحتوي على نسبة عالية من الأحماض الأمينية وخاصة الحمض الأميني الأرجنيني الذي يعمل على حماية شرايين القلب، عن طريق إنتاج أكسيد النيتريك الذي يعمل بدوره على توسعة الشرايين الضيقة، كما يحتوي على معادن وفيتامينات أخرى مفيدة للقلب مثل: المغنيسيوم، والفسفور، وفيتامينات الفوليت، بالإضافة لفيتامين B6 والنياسين، والثيامين.
أما الزبيب، فنظراً لكثرة فوائده- التي يصعب حصرها- فإنه يحتوي على الكالسيوم والبورون وفيتامين D، وأحماض الأوليانوليك والليونيك ذات الأهمية لبناء الأسنان وحمايتها من التسوس، وتكوين العظام قوية ووقايتها من الإصابة بهشاشة العظام مع تقدم السن خصوصا لدى النساء.
كما يحتوي الزبيب على الألياف التي تعزز الإحساس بالشبع كوجبة خفيفة صحية لتناولها عند اتباع حمية غذائية صحية لإنقاص الوزن، وفي تخفيض مستويات الكوليسترول الضار في الدم.
كما يعالج الزبيب الإمساك لدى الأطفال بعد تجازوهم سن ٩ شهور، عن طريق نقع الزبيب ليلة كاملة ثم شرب الطفل لماء الزبيب المنقوع، فيحسن حركة الأمعاء. وتعديل مستويات الحموضة في أجسامهم، ولأن الزبيب غني بالبوتاسيوم والمغنسيوم، فإن هذين العنصرين مسؤولين عن تعديل مستويات الحموضة في الجسم، كما يعد الزبيب من الأطعمة الغنية بفيتامين أ والسيلينيوم، والبوتاسيوم، والحديد، وفيتامين ب، ولذلك يعزز الزبيب الصحة الجنسية والدورة الشهرية لدى النساء، كما أن من وظائف فيتامين ب الرئيسية المحافظة على إتمام عملية التمثيل الغذائي بالطريقة الصحيحة، وأن نقصه بالجسم سيؤدي إلى تقليل الحافز الجنسي، والخمول والإرهاق.
كما يحتوي الزبيب على السيلينيوم الذي يحافظ على جودة الحيوانات المنوية المنتجة، فهو يحسن حركة الحيوانات المنوية وبالتالي زيادة فرص الحمل.
ومن فوائد الزبيب للذاكرة، فإنه يعد مصدراً غنياً بمعدن البورون الذي يحفز قوة الانتباه، والذاكرة، والقدرة على التنسيق بين العين واليد.
وبالتالي يتعين المحافظة على عادة جعالة العيد وضمان استمرارها كعادة ينفرد بها يمن الحضارة دون سواه من خلال تضمينها ضمن العادات الإيجابية المتعلمة في المناهج الدراسية والبرامج الجامعية، ويتعين على العالم الاستفادة من هذه العادة الحضارية الإيجابية التي تتكرر مرتين في كل عام.

*أستاذ العلوم البيئية والتنمية المستدامة المساعد بجامعة 21 سبتمبر للعلوم الطبية والتطبيقية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى