في ظل غياب البحوث العلمية الزراعية
أحد أهم أسباب تراجع إنتاجية القطاع الزراعي، وتدهور الموارد الطبيعية في الحقب الماضية هو غياب الاهتمام بالبحوث العلمية الزراعية التي بالإمكان أن تؤطر للسياسات الحكومية في شتى أوجه التنمية الزراعية.
بيد أن هذه الركيزة الأساسية للتنمية لازالت في بلادنا تحتاج إلى تخطيط إستراتيجي قائم على البحوث العلمية المشتركة بين الهيئات والمؤسسات والجامعات وإيجاد أرضية تساعد في ديمومة البحوث العلمية لكونها أساس التنمية وركيزة أساسية.
وفي هذا الصدد يشدد عدد من الأكاديميين والباحثين الزراعيين على ضرورة توحيد الجهود لإنعاش البحوث الزراعية بالشراكة المتكاملة.
اليمن الزراعية – الحسين اليزيدي
ويقول عميد كلية الزراعة بجامعة إب الدكتور علي مياس إن أهمية البحث العلمي في مجال الزراعة والغذاء تكمن في قدرته على تحسين إنتاجية المحاصيل وتعزيز جودة الغذاء وسلامته، وتطوير ممارسات زراعية مستدامة. ويضيف أنه من خلال البحث العلمي، يتمكن علماء الزراعة من تحديد وتطوير أصناف نباتية جديدة ذات إنتاجية أعلى، ومقاومة للآفات والأمراض، مما يساعد ذلك على زيادة كمية الغذاء المنتجة لكل وحدة من الأرض.
ويشير إلى أن البحث العلمي يساعد في الزراعة على تحديد مسببات الأمراض التي تنقلها الأغذية ومكافحتها، مما يضمن سلامة وجودة الطعام الذي نتناوله، مؤكداً على دور البحوث العلمية الزراعية في تطوير الممارسات الزراعية المستدامة، مثل الزراعة الدقيقة، والإدارة المتكاملة للآفات، والتي تقلل من التأثير البيئي للزراعة مع الحفاظ على إنتاجية المحاصيل أو تحسينها.
وعن الصعوبات التي تواجه القطاع الزراعي في اليمن يقول الدكتور مياس إن اهدار الموارد الطبيعية، وتراجع الموارد البشرية العاملة في القطاع الزراعي أبرز الصعوبات التي تواجه بلادنا، بالإضافة لقلة عدد الكوادر العلمية والتقنية وندرة تمويل البحوث العلمية، وضعف الاستثمار الزراعي.
أصناف جديدة
وعن أهمية البحوث الزراعية يقول نائب رئيس الهيئة العامة للبحوث الزراعية عابد البيل: “يعدّ البحث العلمي نواة ترتكز عليها بلدان العالم المتقدمة والنامية، لما له من أهمية ودور كبير في تحديد مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية لأي مجتمع.
ويضيف أنه خلال الفترات السابقة للهيئة وقبل العدوان الغاشم تم إنتاج 130 تقنية بحثية زراعية جديده شملت أصنافاً محسنة من القمح والمحاصيل الزراعية الأخرى حيث تم إنتاج عدد من أصناف القمح المحسن ذي الإنتاجية العالية تحت الظروف المطرية والمروية وكذلك الري التكميلي مقارنة بالأصناف المحلية.
ويبين الدكتور عابد أن من هذه الأصناف بحوث 3، بحوث 14، بحوث 37، بحوث 15، صنف قاع الحقل، عربي نقي، بحوث 8، صنف ريدان وصرواح وغنيمي.. الخ.
ويشير إلى دراسات سلسلة القيمة لما لها من أهمية تم التركيز عليها في كل المحاصيل الزراعية وخاصة القمح.
و يقول إن منهجية سلاسل القيمة تعد من المنهجيات الجديدة والتي تنتهجها الدراسات والبحوث في العالم النامي.
ويشير إلى أن الهيئة العامة للبحوث الزراعية نهاية العقد الماضي نفذت عدداً من ورش العمل والتدريب حول منهجية سلاسل القيمة، ودراسات مختلفة للمحاصيل الزراعية مثل القمح والبقوليات والنخيل، وهي حالياً في صدد استكمال دراسة سلاسل القيمة لمحاصيل زراعية أخرى ذات أولوية، حيث تضمن خطتها الحالية خلال العام 2021 تنفيذ سلاسل القيمة لعدد من المحاصيل الأخرى مثل الرمان والتفاح في محافظة صعده وغيرها من المحافظات.
ويؤكد على الدور الحيوي للبحوث الزراعية والهام في الدفع بعجلة التنمية إلى الأمام من خلال إجراء عدد من الدراسات والبحوث في المجالات الزراعية المختلفة ضمن السياسة التي انتهجتها البحوث كركيزة أساسية للتنمية الزراعية، بل أنها علاوة على ذلك تشكل المحور الذي يُبني عليه تحقيق إمكانات الابتكار الزراعي.
توجيه البحوث
بدوره يؤكد رئيس قسم الثروة الحيوانية في كلية الزراعة والأغذية والبيئة بجامعة صنعاء الدكتور خالد المقطري على ضرورة وضع خطط بحثية لتطوير وزيادة إنتاجية الثروة الحيوانية؛ نطراً لأهميتها في تأمين الغذاء وزيادة معدل النمو السكاني “لتكون اللحوم والألبان في متناول الجميع وبالأسعار المعقولة”.
ويقول المقطري: “انطلاقاً من أهمية الثروة الحيوانية وحجم وزن لحم الحيوان المحلي 25 كيلو في مقابل 70 كيلو للخارجي و5 كيلو من الحليب في مقابل 40 كيلو للخارجي لابد علينا أن نعمل بشراكة في الهيئات البحثية وكليات الزراعة ووزارة الزراعة لوضع خطة بحثية لزيادة وتحسين جودة إنتاجية الحليب وزيادة وزن الحيوان المحلي.
ويشير إلى الجهود الحثيثة المبذولة في توجيه بحوث طلاب الدراسات العليا وفقاً للتوجه العام من قبل الدولة في تحسين الحيوانات المحلية وإنتاجيتها من الحليب واللحم والبيض.
ترشيد المياه
وعلى صعيد متصل يؤكد رئيس قسم الأراضي والمياه في كلية الزراعة والأغذية والبيئة بجامعة صنعاء الدكتور عبدالرحمن صلاح على أهمية البحوث العلمية لتعظيم الاستفادة من الموارد المائية وتنميتها والحفاظ عليها للأجيال القادمة.
ويقول رئيس قسم الأراضي والمياه: “لابد أن تعمل البحوث العلمية لتطوير استراتيجيات وطنية للاستخدام الرشيد للموارد المائية باستدامة تساعد في اتخاذ القرارات الصحيحة لتوجيه الاستثمارات وتنفيذ السياسات التي تحقق التوازن بين الاستخدامات المختلفة للمياه، البشرية والزراعية والصناعية، مع الحفاظ على البيئة المائية من خلال تعزيز حصاد المياه وتقليل الهدر والحفاظ عليها من التلوث”.
وينوه إلى أن الخارطة البحثية الوطنية التي صدرت منذ وقت قريب اشتملت على العديد من موضوعات البحوث العلمية ذات الأولوية والأهمية لتحقيق التنمية في اليمن والتي تعالج المشاكل الرئيسية التي تواجه اليمن في مختلف المجالات ومن بينها شحة الموارد المائية في اليمن.
ويختتم بقوله: “من الضروري تعزيز وتشجيع التعاون بين الجهات العلمية والحكومية والقطاع الخاص لتمويل هذه البحوث من اجل ضمان تحقيق أهداف التنمية المستدامة والحفاظ على هذا المورد الحيوي للحاضر والمستقبل”.
- مياس: البحث العلمي في الزراعة يساعد على تحديد مسببات الأمراض التي تنقلها الأغذية
- المقطري: البحوث العلمية الزراعية ركيزة في تنمية الثروة الحيوانية للوصول للاكتفاء الذاتي
- صلاح: من الضروري تعزيز وتشجيع التعاون بين الجهات العلمية والحكومية والقطاع الخاص لتمويل البحوث العلمية
- البيل: منهجية سلاسل القيمة تعد من المنهجيات الجديدة والتي تنتهجها الدراسات والبحوث في العالم