حواراتصحافة

البحوث الزراعية هي النواه وحجر الأساس لإحداث تنمية زراعية مستدامة

رئيس الهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعي الدكتور عبد الله العلفي في حوار مع صحيفة “اليمن الزراعية”

قال رئيس الهيئة العامة للبحوث والارشاد الزراعي الدكتور عبدالله العلفي إن البحوث ركيزة أساسية في ونقل وتطويع التقنيات الحديثة بما يلائم البيئات اليمنية، بالإضافة الى توثيق الموروث الزراعي وربطه بالعلوم الحديثة.
وأضاف في حوار خاص مع صحيفة “اليمن الزراعية” أن السياسات والقرارات والقوانين لا تقوم بشكل صحيح وسليم إلا اذا استندت الى مخرجات البحوث.

حاوره /مدير التحرير

■ بداية حدثنا عن أهمية البحوث والدراسات في النهوض بالقطاع الزراعي؟
نشكر صحيفة اليمن الزراعية على اهتمامهم الكبير بالبحوث الزراعية، والواقع أن البحوث هي الركيزة الأساسية للنهوض بالأمم والشعوب، فلا تنمية ولا تطور بدون دراسات وأبحاث علمية، ولنا تجربة في واقعنا العملي ما حققه الجانب العسكري من تطور وتقدم في المجال العسكري، لم يكن إلا من خلال الأبحاث والتجارب، بعد الثقة بالله والاعتماد عليه، وهو ما يتوجب علينا أن ننهجه في القطاع الزراعي، فالأبحاث الزراعية أساسية في تطوير وتطويع التقنيات الحديثة التي وصلت إليها الدول الأخرى بما يلائم البيئات اليمنية المتنوعة، بالإضافة الى توثيق الموروث الزراعي الغني بالمعارف والخبرات والمهارات وربطه بالعلوم الحديثة وتحسين ادائه.
الجانب الآخر المتعلق بأهمية البحوث الزراعية أن اصدار واقرار القوانين و السياسات والقرارات واللوائح المنظمة للأعمال الزراعية لا تقوم بشكل سليم وصحيح إلا عبر الدراسات والبحوث للتأكد انها في المسار الصحيح وتؤدي الغرض المنشود منها في تنمية وتطوير القطاع الزراعي وتحسين اداء العاملين فيه، بالإضافة أن البحوث الزراعية هي معين بشكل أساسي في تطوير ووضع المناهج التعليمية الدراسية والتدريبية لطلاب التعليم الاساسي والتعليم المهني والتقني والتعليم الجامعي ،ومن هذا المنطلق تكون البحوث الزراعية هي النواه وحجر الأساس لإحداث تنمية زراعية مستدامة.
■ ماهي المشاريع والبرامج التي قامت بها الهيئة خلال الأعوام السابقة؟
الهيئة لها رصيد كبير من المخرجات البحثية الزراعية خلال الفترات الماضية، ولكن المرحلة التي مرت بها البلد قبل العدوان وسنوات العدوان أصيبت الهيئة بشلل تام وتوقفت الاعمال وتنفيذ كل البحوث والدراسات مع بداية العدوان في العام 2015م حتى منتصف العام 2020م، ثم بدأنا نحرك العجلة في الهيئة ونستنهض الباحثين لإعادتهم لممارسة مهام البحث العلمي، وفي العام التالي بدأنا نعد استراتيجية للبحوث الزراعية (خارطة بحثية) للسير وفق خطة متسلسلة لمدة خمس سنوات ، وبدأنا العمل بالشراكة مع الأخوة الأكاديميين في الجامعات والمرشدين والمزارعين المبرزين في بعض المحافظات من خلال تكوين مجاميع عمل تخصصية في مختلف التخصصات الزراعية، و من خلال هذه المجاميع وعلى مدى عام كامل من العمل والاجتماعات خرجنا إلى الخارطة البحثية للقطاع الزراعي (2023 -2026م). وكما هو المعتاد في تقييم الخطط الاستراتيجية نحن الآن بصدد إعداد وتنفيذ التقييم لهذه الخارطة البحثية والتي بدأنا بتطبيقها وتعميمها في نهاية العام 2022م كما تم نشر هذه الاستراتيجية على كليات الزراعة بالجامعات وذلك عبر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي. وتحتوي هذه الخارطة على (11) برنامجا بحثيا موزعة على التخصصات الزراعية المختلفة (كل برنامج عبارة عن تخصص زراعي)، داخل كل برنامج عدد من المشاريع ما بين (3 – 9) مشاريع بحسب خصوصية البرنامج (التخصص) ، وكل مشروع بحثي يندرج تحته مؤشرات لعناوين الأنشطة البحثية والتي تعد وتقر بشكل سنوي في الورش السنوية المنعقدة في المحطات والمراكز البحثية، وتنوعت المشاريع البحثية في عدد من المجالات (التحسين الوراثي، وحفظ وصون الموارد الوراثية، ونشر التقنيات البحثية…….).
تم الاعتماد في اعداد الخارطة البحثية للقطاع الزراعي بناء على موجهات قائد الثورة السيد العلم عبدالملك بدر الدين الحوثي وكذا الاولويات الوطنية (الغذاء والدواء والكساء) وكذا الرؤية الوطنية للدولة اليمنية الحديثة بالإضافة الى التركيز على حل المشاكل الزراعية القائمة وكذا التركيز على الموارد الطبيعية (تربة وماء ومناخ وغطاء نباتي) ، إضافة إلى ذلك برنامج البرنامج الوطني لبحوث تكنولوجيا الاغذية ومعاملات ما بعد الحصاد، والبرنامج الوطني للتنوع الحيوي والتقنيات الحيوية الزراعية، والبرنامج الوطني للنباتات الطبيبة والعطرية ومنتجات نحل العسل، وبرنامج نقل وتوطين التقنيات البحثية في حقول المزارعين. فتنوعت البرامج والمشاريع والأنشطة البحثية من نباتي إلى حيواني إلى موارد طبيعية الى اصول وراثية وغطت كافة المجالات البحثية الزراعية من تحسين وحفظ ونشر واستغلال أمثل للموارد الزراعية المتنوعة والعمل المشترك مع المزارعين.
■ تعد الحبوب والقمح والبقوليات من المحاصيل الاستراتيجية والتي دائما ما تحث عليها القيادة وتدعو للتوسع في زراعتها.. ماهي البرامج والأنشطة البحثية التي قامت بها الهيئة في هذا المجال؟
بدأنا مع استعادة نشاط الهيئة في الجانب البحثي الزراعي نركز أولا على استعادة أصناف الحبوب والبقوليات المحسنة التي عملت عليها الهيئة خلال الفترات الماضية وصيانتها وإعادة نشرها لدى المزارعين بشكل اوسع عما كانت علية، كما تم تسليم كمية لا بأس بها (تزيد عن نصف طن) للمؤسسة العامة لإكثار البذور المحسنة والعمل مع الجمعيات لنشر هذه البذور المحسنة. ، كذلك تم تفعيل المشروع البحثي الهام في هذا المجال ضمن برنامج تحسين انتاج الحبوب وهو (مشروع التحسين الوراثي لتطوير المادة الوراثية المتوفرة لمحاصيل الحبوب لإنتاج مادة وراثية/ اصناف جديدة) والذي كان مغيبا ضمن انشطة الهيئة خلال الفترات الماضية للحكومات السابقة، ويتم تنفيذ هذا المشروع بعدة طرق هي (التهجين والتطفير) لبعض المحاصيل مثل القمح والسمسم والدجرة والذرة الرفيعة، وبعض الأصناف الأخرى من محاصيل الخضروات (الطماط) والتي توصل فيها باحثي الهيئة إلى نتائج مبشرة ومرضية.
وهناك خطوات أخرى لازالت مستمرة في اطلاق اصناف تتلاءم مع كافة البيئات الزراعية اليمنية مستفيدين من مشروع تقييم المادة الوراثية المحلية والمدخلة في بيئات زراعية جديدة وذلك من خلال إدخال مادة وراثية/ اصناف من مراكز بحثية دولية وفق للمعطيات البيئية الزراعية اليمنية، ومن خلال هذا المشروع وصلنا إلى نتائج ممتازة خلال الثلاث السنوات الماضية حيث تم نشر أصناف محسنة مطلقة من القمح والبقوليات في عدد من المديريات والمحافظات من خلال التقييم التشاركي مع المزارعين في حقولهم وبما يتلاءم مع بيئتهم الزراعية وتقييمهم لمذاق هذه الاصناف، ولايزال العمل جاريا مع مواد وراثية/ اصناف جديدة من خلال تقييمها بصورة تشاركية مع المزارعين في بيئات زراعية مختلفة، فعلى سبيل المثال تم الطلب من المراكز البحثية الزراعية الدولية ما يزيد عن 300 صنف من القمح بهدف تقييمها في البيئات الحارة الرطبة والجافة (تهامة والجوف) والتي لازالت في طور التجريب على مستوى تهامة والجوف والمرتفعات الجبلية، وهناك أنشطة اخرى في محاصيل البقوليات حيت تم إدخال أصناف جديدة تلائم التصنيع الغذائي (مثل الفول و البازلاء و الفاصوليا)، كما ان للهيئة نشاط ملموس في محصول الارز حيث تم تقييم الصنف المحلي المنتشر زراعة في اودية محافظة حجة منذ زمن طويل وتوارثه المزارعون جيل بعد جيل ، تم تقييم زراعة هذا الصنف في بيئة تهامة وتم التوصل الى نتائج مبشرة جدا في هذا المحصول الهام كان من اهمها الاحتياجات المائية المنخفضة لزراعة هذا الصنف المحلي من الارز (لم تنجح زراعة بالغمر وانما بالري كل عشرة ايام طوال الموسم) وهذا يعد مورد زراعي هام حبى الله به اليمن حيث تسعى العديد من الدول الى الوصول الى هذه النتائج في ايجاد اصناف من الارز ذات احتياجات مائية منخفضة (ارز الجفاف)، كما تم الانتقال الى حقول المزارعين في تهامة لتقييم المشترك لزراعة الارز.
■ ما واقع البذور وخاصة بذور القمح وما دوركم في توفير بذور ذات إنتاجية عالية؟
كان ولازال توفر البذور وبكميات كافية المعيق والهم الاول للعاملين في التنمية الزراعية ابتداء باللجنة الزراعية والسمكية العليا ووزارة الزراعة والري والجهات التابعة لها للتوسع في زراعة الحبوب، حيث سعت اللجنة الزراعية مشكورة لتبني تحسين ونشر البذور المحلية والتوسع في زراعتها على النطاقات الزراعية المختلفة في عموم المحافظات المحررة، نحن من جانبنا في الهيئة كان لدينا انشطة مواكبة سواء في تدريب مزارعين كمنتجي بذور في بعض المديريات بحسب الإمكانيات المتوفرة لدينا، بالإضافة لما ذكرناه سابقا عن إدخال وتقييم ونشر للأصناف المحسنة وتوزيعها على المزارعين مثلا في محافظة عمران في قاع البون كان المزارعون يشتكون من انتشار الإصابات والامراض في صنف القمح المنتشر لديهم وبدأ المزارعون بالعزوف عن زراعة القمح بسبب عدم قدرتهم على مكافحة الامراض التي تصيبه، فقمنا بتجربة التقييم التشاركي لما يقارب 18 صنفا من القمح المحسنة وتم الخروج بـ3 أصناف تلاءم المنطقة، وتبنى المزارعون صنفا واحدا (تم تسميته صنف اوسان) وتم نشره وتناقله المزارعون فيما بينهم وكان هذا العمل عبر جمعية البون التعاونية الزراعية، وفي محافظات الجوف وصعدة وصنعاء وذمار واب تم تنفيذ تجارب مماثلة مع المزارعين و بدأوا في تبني أصناف اختاروها بأنفسهم وتم نشرها فيما بينهم.
■ من خلال الأبحاث والدراسات.. ما مدى نجاح زراعة القمح في الجوف، وهل زراعة القمح بنظام الري بالغمر مجدية؟
الزراعة في الجوف مبشرة بشكل كبير بسبب توفر مقومات الزراعة الكثيفة بشكل ممتاز؛ لكنها تحتاج اولا إلى إدارة ناجحة وكفؤة لمياه السيول التي تتدفق إلى محافظة الجوف، خاصة في الوقت الراهن عند هطول الامطار بكميات كبيرة ووفيرة.
وفيما يخص الشق الآخر من سؤالكم عن جدوى زراعة القمح بنظام الري بالغمر، فأجدها فرصة للتوضيح ان النظام القائم لزراعة القمح في الدول المنتجة له على مستوى العالم كنظام تجاري وكبير لا تعتمد على النظام المروي من الابار الجوفية مطلقا؛ لأنها مكلفة سواء من حيث تكاليف الري للزراعة او تكاليف استخراج واستنزاف المياه الجوفية (والتي تعتبرها الدول المتقدمة استنزاف وهدر لاهم مورد قومي يمس امنها القومي وسلامة واستقرار البلد)، وانما يتم الاعتماد لزراعة الحبوب بشكل عام على الري بالمياه السطحية مثل (مياه الأنهار والأمطار والثلوج وغيرها)، وهناك دراسة قامت بها المؤسسة العامة لتنمية وإنتاج الحبوب حول التوسع في زراعة القمح بالنظام المروي المعتمد على مياه الابار الجوفية (طاقة شمسية او محركات ديزل) بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من محصول القمح وكان اهم مخرج للدراسة أن زراعة القمح بالنظام المروي بمياه الابار يحتاج إلى مبالغ كبيرة جدا وصلت الى تريليونات الريالات بحسب مراحل الانتاج، لكن هذا يقودنا إلى سؤال: كيف يمكن ان نحقق خطوات ملموسة في الاكتفاء الذاتي لإنتاج القمح، وهنا يمكن الاجابة انه لابد اولا ان يتم التركيز على الاكتفاء الذاتي لزراعة الحبوب بكافة انواعها (قمح وشعير وذرة رفيعة ودخن وذرة شامية) بصورة عامة وشاملة وليست مجزئه مع وضع سياسات واجراءات تضمن تغيير النمط الاستهلاكي للحبوب وبصورة تدريجية لتجنب الاعتماد على دقيق القمح بصورة اساسية في النمط الغذائي القائم لدى اغلب فئات المجتمع، بالإضافة الى التفكير والتركيز على مناطق زراعة الحبوب بشكل متكامل وواسع على مستوى كافة المحافظات والمديريات مع التركيز على الميزة النسبية لكل محافظة في زراعة محصول معين مع رسم السياسات والخطط القائمة على الدراسات الميدانية والتي تضمن التخطيط والاستغلال الامثل للموارد الطبيعية والبشرية في كافة المحافظات للوصول الى الاكتفاء الذاتي باقل التكاليف الممكنة.
■ هل لكم تواصل مباشر مع المركز الدولي لبحوث المناطق الجافة إيكاردا؟
نعم، لدينا تواصل مع العديد من المراكز البحثية الزراعية الدولية وهذا التواصل هو امتداد للفترات السابقة من عمل الهيئة سواء مع ايكاردا أو اكساد أو اكريسات او غيرها من المراكز البحثية الزراعية الدولية والقطرية، وهذا التواصل قائم على تبادل المعلومات والخبرات بين الهيئة المراكز في يخدم النهوض بالبحوث الزراعية وعلى وجة الخصوص فيما يتعلق في استقدام اصناف محسنة من الحبوب والبقوليات وكذا التدريب ورفع قدرات الباحثين فيما يخص مجالات التحسين الوراثي للمحاصيل وللثروة الحيوانية كما يتم تبادل المعلومات في مجال تتبع الامراض والآفات الخاصة بالمحاصيل الحبية وكذا الدعم ببعض التجهيزات او مواد التحليل المخبرية.
■ بذور الخضروات يتم استيرادها بنسبة قد تصل إلى 100% .. هل لكم أبحاث لإنتاج بذورها محليا؟
كانت الأبحاث في هذا المجال ضعيفة ضمن انشطة واهتمامات قيادة الهيئة سابقا، حيث كان من مخرجات انشطة بحوث الخضروات انتاج اصناف محسنة من البصل والباميا، كما تم جمع بذور بعض اصناف الخضروات المحلية وحفظها في بنك الجينات بالمركز الوطني للأصول الوراثية، وتم حاليا الاستفادة من هذه البذور وخاصة الطماط في توصيف الاصناف المجموعة واكثار بذور هذه الاصناف وخاصة الاصناف التي يمكن الاستفادة منها في صناعة معجون الصلصة ، كما ظهرت اصناف طماط مقاومة لأمراض التربة (النيماتودا) التي يعاني منها مزارعي الطماط في البيوت المحمية ويستخدمون مبيدات محرمة دوليا لمكافحتها. كما يتم حاليا تنفيذ تجارب لإنتاج بذور الجزر ، بالإضافة الى صيانة اكثار بذور البصل والباميا وبعض اصناف الخضروات الورقية.
■ كنا قد سمعنا عن المؤتمر الوطني للأصول الوراثية.. ما أهمية هذا المؤتمر وما هي أسباب تأخير انعقاده ومتى سيعقد؟
لدينا تنوعا كبيرا في الموارد والأصول الوراثية بتنوع البيئات والمناخات التي حبى الله بها بلدنا الحبيب خاصة إذا تكلمنا عن المجال النباتي والحيواني والحشرات الاقتصادية والأحياء المائية والكائنات الدقيقة، وهذه ميزة لا تتوفر في أي بلد آخر، والتي في تركز عليها الدول المتقدمة وتعتبرها من الأمن القومي للبلد حيث تشكل مورد اقتصادي هام لها. لكن للأسف أن الاهتمام بهذا المورد الهام مغيب ومهمل في بلدنا الحبيب خلال الفترات السابقة والحالية حيث لم يتم الالتفات اليها بأي شكل من اشكال الاهتمام، على الرغم من اثارة هذه القضية ولكن بشكل انفعالي ومؤقت لا يعقبه اتخاذ خطوات عملية للحفاظ والصون والاستخدام الامثل للموارد الوراثية، وكان الهدف من اقامة المؤتمر الوطني للأصول الوراثية هو البدء بخطوات عملية لوضع استراتيجيات وطنية تعنى بالحفظ والصون والاستخدام الامثل للأصول الوراثية، وكان التبني لهذا المؤتمر من قبل أربع وزارات هي (الزراعة والري ، الثروة السمكية، الشؤون القانونية، المياه والبيئة)، وتم عقد عدد من اللقاءات مع الأخوة الوزراء في هذه الوزارات الذين تبنوا هذه الفكرة وتم عرضها من قبلهم على دولة رئيس مجلس الوزراء الذي كان مشكورا ابدا اهتمام كبير بالموضوع ووجه بضرورة التمويل لعقد المؤتمر ثم البداء بتأسيس استراتيجية وطنية لحفظ وصيانة واستخدام الموارد الوراثية للخروج بعدد من الحلول والاجراءات والسياسات تضمن الحفظ لهذا المورد الهام في الأمن القومي للبلد. كما قامت الهيئة بالتعاون مع المختصين والمهتمين من الوزارات المذكورة سابقا وكذا الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بأعداد أوراق العمل العلمية الخاصة بالمؤتمر تم الاعتماد في اعدادها على الخبراء الوطنيين من هذه الجهات ذات العلاقة وكان من ضمنهم خبيرا من الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة قام برفع مذكرة عبر قيادة الجهاز إلى مجلس النواب حول الموارد الوراثية وأنها مهدرة وضرورة حفظها وصيانتها وادارتها بالشكل السليم. وبالرغم من كل ما بذل من جهود للإعداد والتحضير لهذا المؤتمر لكن مع الأسف الشديد توقفنا بسبب عدم توفر التمويل لتنفيذ وانعقاد المؤتمر، ولازلنا نبحث عن تمويل، وإن شاء الله عند توفر التمويل سيتم عقد المؤتمر.
■ ما هو واقع المركز الوطني للمصادر الوراثية؟
عند مقارنة واقع وحال المركز الوطني للمصادر الوراثية مع أمثاله من المراكز في البلدان العربية والمجاورة مع الاخذ في الاعتبار ما تملكه اليمن مقارنة بالبدان الاخرى من تنوع في الموارد والاصول وراثية نكاد نجزم انه واقع مؤلم، حيث لم يتم الالتفات بشكل جاد وواقعي بحجم التنوع الذي تمتلكه اليمن بل انه كما يعلم الجميع ان العديد من اصولنا الوراثية وخاصة النباتية تم نقلها الى العديد من الدول المتقدمة الذين استفادوا منها في تحسين مواردهم واصولهم الوراثية. والعمل الحالي للمركز الوطني للمصادر الوراثية التابع للهيئة محدود جدا في مجال الحبوب والخضار والنباتات الحراجية والطبية والعطرية والسمية والرعوية، في حين نتطلع في قيادة الهيئة إلى تطوير وتوسعة عملة ليصبح مركزا وطنيا للتنوع الحيوي ليشمل إلى جانب المجال النباتي المجال الحيواني والأحياء الدقيق، حيث تمتلك الهيئة مدخرات وراثية (حية) للأصول والوراثية النباتية والحيوانية في المحطات البحثية تسعى من خلالها الى الحفاظ عليها وتحسينها وراثيا وتسجيلها في السجلات الوطنية.
■ ما هو دوركم في مجال حفظ الموارد الوراثية خصوصا المحاصيل الزراعية؟
لدينا دور هام وكبير وبحسب الامكانيات المتوفرة في مجال حفظ وصون الأصول الوراثية سواء الحيوانية أو النباتية من خلال المسح والتصنيف والتجميع لعدد من الأصول الوراثية من عدة مناطق زراعية في اليمن سواء بذور الحبوب أو البقوليات أو بعض أنواع الخضروات او سلالات الثروة الحيوانية ثم دراستها والعمل على التحسين الوراثي لها، إضافة إلى ذلك تم تجميع الاصول الوراثية للغطاء النباتي الحراجي (العشبي والطبي والعطري والسام والرعوي)، ولدينا معشبة تضم أصناف مصبرة من الغطاء النباتي على مستوى محافظات ومديريات الجمهورية كاملة (ابتداء من سقطرى حتى صعدة)، كذلك لدينا مدخرات وراثية قائمة حية من أصناف الفاكهة المحلية والمدخلة (في المحطات البحثية الشمالية وتهامة والوسطى) مثل العنب والفرسك والانجاص والتفاح والنخيل والمانجوا وغيرها من اصناف الفواكه المحلية والمدخلة.
كما تم تأسيس مدخر وراثي خاص بالنباتات الطبية والعطرية بتمويل من الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية، والعمل جاري فيه بشكل كبير وواسع حيث تم تجميع أعداد من النباتات الطبية وأجرى تجارب لطرق السليمة لإكثارها بهدف اصدار ادله خاصة بحفظ واكثار هذه الانواع الهامة والتي ممكن من خلالها تنفيذ برامج تمكين اقتصادي لأبناء الريف التي تتواجد هذه الانواع في محيطهم.
وفيما يخص الجانب الحيواني لدينا انشطة خاصة بتجميع ودراسة الخصائص الانتاجية وتحسين الاداء لسلالات الأغنام والماعز والابقار والدجاج البلدي، حيث يتم الاحتفاظ والتحسين الوراثي حاليا لقرابة 9 سلالات من الأغنام، وحاليا نحن في صدد اخراج دليل لهذه السلالات وتسجيلها في السجل الوطني بوزارة الزراعة والري.
■ هل لديكم بنك للأصول الوراثية والجينات؟
نعم، لدينا عينات مخزونة من بذور الحبوب والخضروات محفوظة وفق برتكولات علمية متبعة عالميا للحفظ الطويل (اكثر من عشرين عام) والحفظ القصير لهذه البذور وهو البنك الوحيد في البلد لهذه الاصول، بالاضافة الى المعشبة والمدخرات الوراثية والوطنية التي تم ذكرها سابقا. اما الاحتفاظ بالجينات فنحن بحاجة الى تقنيات حديثة لحفظها وتدريب كوادر على هذه العملية.
■ تمتاز اليمن بتنوع حيوي كبير والذي أصبح مهددا بالاندثار، ما أهمية هذا التنوع وماهي الأنشطة والبرامج التي قامت بها الهيئة للحفاظ على هذا التنوع واستدامته للأجيال القادمة؟
العالم يشكو من ظاهرة التغير المناخي، اليمن حباها الله من مئات السنين بالتكيف مع التغيرات المناخية، وذلك من خلال التنوع الكبير والثراء في الجينات الوراثية للأصول سواء النباتية او الحيوانية، حيث نلاحظ ويلاحظ المختصين في البلد او من خارج البلد التنوع والغناء الكبير داخل الاصناف النباتية والحيوانية ذات الاصل والمنشاء اليمني، وهذا التنوع جعل اليمنيين على مدى فترات طويلة متكيفين مع التغيرات في المناخ ،حيث أصبحت ظاهرة التغيرات المناخية مألوفة مع اليمنيين بسبب هذا التنوع بالإضافة الى المعارف والخبرات المحلية الزراعية التي امتاز بها اليمنيون القدماء، حيث انه من المشاهد والملاحظ امتلاك اليمنيين اصناف من حبوب الذرة الرفيعة تتناسب مع تقدم الامطار واخرى مع تأخر الامطار، حيث صنفت اليمن من قبل خبراء اجانب أنها بلد الذرة الرفيعة ، حيث استقى العالم المتقدم أصنافا مقاومة للجفاف وبأقل التكاليف من اليمن، وكذلك الدخن ، فهذا التنوع يعتبر نعمة كبيرة يفترض أنه سلاح لدينا يجب الاهتمام به وتطويره، لكنه على العكس من ذلك ضعف الاهتمام بهذا المجال في العقود السابقة وحاليا لعدم توحيد الجهود والاستغلال والاستفادة من هذا التنوع بالشكل الامثل.
■ تتواجد في البيئة اليمنية العديد من النباتات النادرة ما هو دوركم في حفظها واكثارها؟
دورنا يتمثل في انشاء المدخرات الوراثية والحفظ في بنك الجينات وكذا الحفظ في المواقع (لدى المزارعين او الموقع الطبيعي) ثم دراسة الخصائص والاستفادة من القدرات الوراثية يليه التحسين الوراثي، حيث يتم أولا تصنف وتحديد أماكن تواجد هذه الأصناف واخذ احداثيات لها وعكسها إلى خرائط، ثم يتم أخذ عينات إلى المدخرات الوراثية الحية وبنك الجينات والمعشبة بحسب النوع وطريقة الحفظ المناسبة، وبعد ذلك يتم تحسين الانتاجية، ومن خلال برامج التحسين المختلفة والتي تعد القاعدة الأساسية لتطوير المادة الوراثية.
■ ماهي برامج وأنشطة الهيئة فيما يخص النباتات الطبية والعطرية؟
لدينا عمل سابق في هذا المجال خلال العقود الماضية، وبفضل الله سبحانه وتعالى وتعاون وإشراف اللجنة الزراعية والسمكية العليا تم خلال الثلاث السنوات الماضية تمويل انشطة النباتات الطبية والعطرية والسمية من قبل الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية، حيث قام المختصين بالهيئة بعمل دراسات مسحية للنباتات الطبية على مستوى المديريات التي لم يسبق مسحها ودراستها من قبل بالإضافة الى توثيق المعارف والخبرات المحلية في استخدام النباتات الطبية والعطرية في المديريات المدروسة، واخذ عينات للاحتفاظ بها في المعشبة الوطنية وفي المدخرات الوراثية. ويتم حاليا العمل على إصدار أدلة للمديريات خاصة بالنباتات الطبية والعطرية، بالإضافة الى اصدار ادلة خاصة بطرق اكثار هذه النباتات.
وبهدف اتاحة المعلومات للباحثين والمهتمين في هذا المجال لدينا حالياً مكتبة إلكترونية تم فيها جمع كل المعلومات المتعلقة بالنباتات الطبية والعطرية المحلية، ونسعى إلى ادخال معلومات عن النباتات الطبية العالمية بالتعاون مع الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية، وسيتم الاعلان عن موعد التدشين الرسمي لافتتاح المكتبة بالتنسيق مع الأخوة في الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية، وتم التركيز على هذه الانشطة تنفيذا لتوجيهات القيادة الثورية والسياسية الهادفة الى استغلال هذه النباتات اقتصاديا وتمكين أبناء المناطق المتوفرة فيها هذه النباتات.
■ البن اليمني من أهم المحاصيل النقدية والتي تشتهر بزراعتها اليمن منذ عدة قرون ويتواجد منها أصناف وأنواع متعددة.. هل تم توصيف وتصنيف البن وتوثيقة للحفاظ عليه ؟
كانت أنشطة الهيئة فيما يخص البن في الفترات الماضية محدودة، وفي ظل ثورة 21 سبتمبر تم اصدار قرار رئيس مجلس الوزراء الخاص بإنشاء المركز الوطني لأبحاث وتطوير البن في العام 2019م والذي بداء نشاطه بشكل قوي وبحسب الامكانيات المتوفرة لدى الهيئة في العام 2021م حيث تم تجميع الدراسات والابحاث السابقة حول البن اليمني المنفذة سواء عبر الهيئة او أي جهة اخرى بهدف الوقوف على ما تم التوصل الية سابقا والبدء من حيث انتهاء الاخرون، حاليا جاري العمل على استكمال التوصيف المظهري للبن في البيئات الزراعية المختلفة المنتشرة في عموم المحافظات اليمينة المحررة، ونحن بصدد تسجيل المؤشر الجغرافي للبن في السجل الوطني بوزارة الزراعة والري من خلال المعلومات التي تم جمعها سابقا، كما يعمل المختصين في المركز بالتعاون مع الاكاديميين بجامعة صنعاء على التوصيف الكيميائي لأنواع البن اليمني، وبعد ذلك سيتم تنفيذ التوصيف الجيني بإذن الله تعالى.
■ لو نتحدث عن الموارد الطبيعية في اليمن وخاصة التربة والمياه ما واقعها وكيف يمكن الحفاظ عليها؟
يتبع الهيئة المركز الوطني للمصادر الطبيعية والمتجددة وهو مركز معني بأبحاث الموارد الطبيعية المتمثلة بالتربة والمياه والغطاء النباتي والمناخ واصدار الخرائط الخاصة بها. وللمركز انشطة كثيرة في هذا المجال وتعاون مع الجهات الحكومية المعنية بالموارد الطبيعية مثل مركز الاستشعار عن بعد وكذلك وزارة المياه والبيئة ومصلحة الاراضي سابقا (الهيئة العامة للأراضي والتخطيط العمراني) حيث يعمل المركز بتزويد هذه الجهات بالمعلومات الخاصة بالتربة والمياه والغطاء النباتي والمناخ بحسب طبيعة الجهة، حيث يمتلك المركز كوادر فنية متخصصة ذات كفاءة عالية في هذا المجال. ومؤخرا قام المركز بتنفيذ عدد من الأنشطة خلال الفترة 2022- 2023م بالإمكانيات المتاحة والمتوفرة لدى الهيئة حيث تم دراسات الموارد الطبيعية لعدة من المحافظات والمديريات وعلى وجه الخصوص عدد من مديريات الجوف وذمار وعمران وصعدة والحديدة وحجة واب، ويسعى المركز بالتعاون مع قطاع الري بوزارة الزراعة والري وبتوجيه من رئيس اللجنة الزراعية والسمكية العليا الى اصدار ادلة لكل مديرية خاصة بالموارد الطبيعية، وتعتبر الدراسات الخاصة بالموارد الطبيعية الموجة الاول والاساس لنجاح التخطيط والتنفيذ السليم للتنمية الزراعية بشقيها النباتي والحيواني حيث تعطي هذه نتائج هذه الدراسات حالة التربة والماء والمناخ ومدى وملاءمتها لنجاح زراعة الانواع والاصناف المختلفة للإنتاج النباتي كما تسهم في تحديد الغطاء النباتي الخاص بالمراعي للثروة الحيوانية بما فيها نحل العسل.
هناك ما يهدد التربة الزراعية للقيعان والمدرجات الزراعية ويسهم بشكل كبير في تقليص مساحات الأراضي الزراعية متمثل في الزحف العمراني على الأراضي الزراعية في القيعان والوديان الخصبة والمدرجات، على الرغم من وجود فرص بديلة تتمثل في الأراضي الصخرية غير الوعرة تمثل فرصة لانزال مخططات سكنية يتم البناء فيها وتوفير البنية التحتية للمساكن وباقل كلفة من الاراضي الزراعية، ولدى المركز دراسات ومسوحات تظهر حجم التأثير الكبير للزحف العمراني على الاراضي الزراعية وخصوصا في محافظتي عمران وذمار، و نأمل من الأخوة في السلطات المحلية استشعار المسؤولية وإدراك مدى خطورة انزال المخططات العمرانية في الأراضي الزراعية وأن يتم منع البناء فيها ونحن مستعدين للتعاون معهم من خلال اطلاعهم على نتائج الدراسات حول ذلك المنفذة عبر المركز.
وفيما يخص المياه وعلاقتها بالزراعة فإن الامر يتطلب إلى إدارة جيدة وخاصة ادارة مياة الامطار والسيول المتدفقة منها، مع الأسف الشديد كان لدينا تاريخ عريق وإرث حضاري كبير في إدارة المياه لكنه تدهور خلال العقود الأخيرة، ولحفظ المياه لابد من العودة لما كان عليه الآباء والأجداد من خبرات ومعارف، إضافة إلى ذلك ما توصل اليه العلم الحديث في هذا الجانب، حالياً هناك جهود كبيرة تدرس من قبل اللجنة الزراعية والسمكية العليا وقطاع الري بالوزارة لتحديد الأماكن المناسبة للمنشآت المائية المختلفة بمشاركة المجتمع، وهذا شيء مهم جدا لإشراك المجتمع في عمليات الانشاء والادارة لهذه المنشأة المائية.
■ سلاسل القيمة لها دور مهم في التنمية الزراعية.. أين نجد الهيئة العامة للبحوث في هذه السلسلة؟
مصطلح ومنهاجية سلاسل القيمة معتمد بشكل أساسي على دراسات تحليلية للحلقات التي يمر بها المنتج او الخدمة المقدمة، وهي عبارة عن أداة أو وسيلة لتطوير المنتج النهائي / الخدمة المقدمة يتم فيها التركيز على نقاط القوة والضعف والفرص والمهددات بشكل تفصيلي وبشكل ترابطي بين الفاعلين في حلقات السلسلة.
هناك توجه من القيادة لنهج منهج سلاسل القيمة للوقوف على مكامن الخلل، أو الوقوف على أماكن القوة والفرص لتحسين المنتج وتحسين الخدمات المقدمة من قبل الفاعلين في حلقات السلسلة بشكل تكاملي للوصول الى تنمية ريفية مستدامة وحقيقية مبنية على جهود مجتمعية ورسمية. ويأتي دور الهيئة في تنفيذ الدراسات الاولية لسلاسل القيمة للمحاصيل التي تمتاز بها المديريات والمحافظات المختلفة، يتزامن مع ذلك الدراسات الاجتماعية ودراسة النظام المزرعي، ومن خلال مخرجات هذه الدراسات يتم عقد ورش يجتمع فيها كل الشركاء في تنفيذ مصفوفة التنمية للمديريات قيد الدراسة.
■ ظهرت مؤخرا العديد من الآفات والأمراض التي تصيب معظم المحاصيل الزراعية وتكبد المزارعين خسائر كبيرة.. ماهو دوركم في معرفة أسبابها والوقاية منها أو ايجاد مبيدات للقضاء عليها؟
أجدها فرصة من خلالكم لإيصال رسالة للأخوة المزارعين أن السبب الرئيسي في ظهور وانتشار الأمراض والآفات النباتية وعدم جدوائية استخدام المبيدات، هي الممارسات الخاطئة لدى المزارعين ماهي هذه الممارسات؟ على سبيل المثال محصول العنب والذي يعد محصولا قديما يمارسه اليمنيين منذ القدم يعني ليس محصول جديد دخل إلى اليمن، وهو محصول حساس للعمليات الزراعية، حيث كان الآباء والأجداد القدامى يجيدون العمليات الزراعية للعنب سواء المسافات بين الغرسة والأخرى أو عمليات الري والتسميد والتهوية وغيرها من العمليات الزراعية للعنب (الذي يعتبر من المحاصيل الحساسة)، وهو ماساهم في عدم ظهور الأمراض خلال ممارسة الاباء والاجداد للعمليات الزراعية السليمة، لكن مع بعض الممارسات الخاطئة والتي يقوم بها المزارعين في الوقت الحالي ظهرت وانتشرت العديد من الأمراض والآفات كان سببها عدم تطبيق الخبرات والمعارف التي ورثها الاباء والاجداد في ادارة محصول العنب، وعند استخدام المبيدات لا تفيد والسبب في ذلك ان مصدر المرض لازال قائم وهذا يجعل المزارع يخسر مبالغ كبيرة في شراء المبيدات والاسمدة الكيميائية بالإضافة الى الخسائر في المحصول الزراعي. والدليل على ذلك ان المختصين في الهيئة قاموا بتنفيذ عدد من المدارس الحقلية في حقول ايضاحية لدى المزارعين لعدة محاصيل سواء الحبوب أو الفاكهة وغيرها خلال موسم زراعي كامل تم فيه تطبيق الإدارة السليمة والصحيحة للمحصول لاحظ المزارعون بأنفسهم الفارق الكبير في نتائج المحصول للحقول الايضاحية، كما استفاد المزارعون الذين تم تطبيق الحقول الايضاحية لديهم في تقليص استخدام المبيدات الى ما يزيد عن 70٪ مما استخدم خلال المواسم السابقة والبعض منهم لم يحتاج الى استخدم المبيدات بشكل نهائي طوال الموسم وذلك من خلال اتباع الممارسات الصحيحة للمحصول مثل الري في الموعد المناسب وبكميات مناسبة وعمليات التسميد وقت الضرورة بحسب حاجة النبات، وفي حال ظهر المرض وهو نادر الظهور يتم تعليم المزارع كيفية معرفة وتشخيص المرض وماهي المادة الفعالة في المبيد في حال اضطر لاستخدام المبيدات.
■ ماهي البرامج والأنشطة التي قامت بها الهيئة فيما يخص الثروة الحيوانية؟
لدى الهيئة نشاط قديم تمثل في جمع ودراسة سلالات الأغنام من مناطق متعددة في الهضاب مثل الجوف ومأرب والمرتفعات الجبلية (ذمار وعمران وتعز واب)، وكذلك في سهل تهامة، بالإضافة الى انه تم حاليا البدء بتجميع ودراسة سلالة الماعز والأبقار في سهل تهامة، والدجاج البلدي في مناطق المرتفعات، حيث يسعى الباحثين بالهيئة حالياً إلى الحفاظ على الدجاج البلدي والتحسين الوراثي لهذه الدجاج, وفيما يخص الدجاج التجاري هناك توجه لتبني تنفيذ تجارب من خلال الباحثين في الهيئة أو الجامعات اليمنية لعمل أبحاث عن بدائل الأعلاف الداخلة في تغذيتها بالإضافة إلى تجارب إنتاج لقاحات وعلاجات بيطرية من خامات محلية.
■ فيما يخص الأعلاف والتي تعد من التحديات التي تواجها الثروة الحيوانية في اليمن.. هل لديكم أبحاث للتغلب على هذا التحدي؟
هناك مخرجات بحثية سابقة في هذا المجال قامت بها الهيئة منذ السبعينيات في المرتفعات للحفاظ على المراعي الطبيعية وتحسينها، بالإضافة الى ادخال اصناف علفية على مستوى اقليم السواحل الغربية والجنوبية.
وللحفاظ على الأعلاف لابد من العودة لما كان لدى المجتمع من أعراف ومواثيق فيما يخص المراعي إذا تم احياؤها ستحافظ على المراعي الطبيعية، الجانب الآخر هناك هدر كبير فيما يخص الأعلاف الجافة من خلال طرق تقديم الأعلاف دون تقطيع ولا توضع في المعالف، وهذا يسبب اهدار كميات كبيرة، وكذلك الهدر الحاصل اثناء النقل للأعلاف على شكل حزم بدون تقطيع، وهناك هدر آخر متمثل في عدم استغلال الأعلاف غير التقليدية مثل مخلفات محصولي الدخن والذرة الشامية والتي لا تقدم كأعلاف ومخلفات بعض الفواكه ومخلفات المطاعم والمخابز والتي يمكن استغلالها بالشكل الأمثل وتحويلها الى اعلاف مستساغة، ولدى الهيئة دراسات في هذا الجانب تحتاج الى نشرها حتى تصل للمزارع ليستفيد منها، هذا فيما يخص الحيوانات المجترة. اما بالنسبة للدواجن والتي نستورد أعلافها بنسبة 100٪ هناك دارسات لاستبدال الذرة الشامية بأنواع اخرى من الحبوب مثل الذرة الرفيعة والدخن، أو ادخال اصناف ذرة شامية ذات انتاجية عالية مخصصة للأعلاف يتم الان البحث عنها من قبل المختصين وفق دراسة تحديد الاصناف الملائمة للبيئات الزراعية في اليمن، ومن جانب اخر تنفيذ دراسات وتجارب لاستبدال المركزات التجارية (بياض – لاحم) بمخلفات الأسماك.
■ تم إطلاق الخارطة البحثية للجمهورية اليمنية من قبل الهيئة العليا للعلوم والابتكار وتكنولوجيا المعلومات.. ما أهميتها وما دوركم في إعدادها؟
استندت الهيئة العليا للعلوم والابتكار وتكنولوجيا المعلومات على فريق الهيئة العامة للبحوث والارشاد الزراعي عند اعداد الخارطة البحثية فيما يخص القطاع الزراعي والتي اعتمد في اعدادها على الجهود المبذولة في اعداد الخارطة البحثية للقطاع الزراعي 2022 – 2026، وتكمن أهمية الخارطة البحثية أنها حددت المشاكل والتحديات والأولويات التي يتوجب التركيز عليها من قبل الباحثين والخبراء عند إعداد البحوث، أو الدراسات الخاصة بهم.
■ هل يوجد تنسيق بينكم وبين الجامعات وخاصة كليات الزراعة والطب البيطري فيما يتعلق بالدراسات العليا ماجستير ودكتوراه؟
مع الأسف الشديد كان التنسيق ضعيفا بين الهيئة وكليات الزراعة بالجامعات اليمنية خلال الفترة الماضية ما عدا جامعة ذمار والتي كان هناك تنسيق مشترك وبرتكول تعاون بين الهيئة الجامعة في مجال التأهيل والتدريب تمثل في تدريب طلاب الجامعة في المزارع والمختبرات التابعة للهيئة وفي المقابل تأهيل باحثي الهيئة في الجامعة برسوم مخفضة، بالضافة الى ذلك يتم تدريب وتأهيل طلاب كلية الزراعة جامعة صنعاء في المزارع الخاصة بالهيئة، لكن لا يوجد أبحاث مشتركة بين الهيئة والجامعات، ويتم حاليا التنسيق والاعداد للتنفيذ المشترك للبحوث الزراعية بالشراكة بين كوادر الهيئة والجامعات اليمنية وذلك تنفيذا لتوجيهات رئيس اللجنة الزراعية والسمكية العليا وذلك لتنفيذ أبحاث مشتركة بالشراكة بين الكوادر البحثية في الهيئة والجامعات والاستفادة من الطلاب وتوجيه أبحاثهم سواء على مستوى البكالوريوس كأبحاث التخرج أو الماجستير و الدكتوراه فيما يخدم التوجه العام وسيتم الاعتماد على الخارطة البحثية للقطاع الزراعي 2022 -2026 م في توجيه الابحاث الزراعية.
■ تمتلك اليمن موروثا ومعارف زراعية متعددة وفريدة والذي يعد نظاما زراعيا متكاملا، ولكنه للأسف الشديد أوشك على الاندثار.. كيف يمكن توثيقه والحفاظ عليه وتعميمه حتى تستفيد منه الأجيال القادمة؟
من لم يكن له ماض فلا حاضر ولا مستقبل له، فخلال العقود الماضية انبهرنا بالتقدم الحاصل في الغرب وتركنا ماضينا، لم نحافظ عليه، ولم نحسنه، ومع الأسف الشديد هناك كتب دونت الموروث الزراعي وكانت بتمويل واهتمام من قبل السفارات في اليمن سواء الأمريكية، أو الألمانية أو الفرنسية، لكن الجانب الرسمي الحكومي اليمني لم يهتم بها مطلقا. حاليا قامت الهيئة بتبني واحتضان الباحث الزراعي والمؤرخ الفلكي القاضي يحي بن يحي العنسي أطال الله في عمره وهو عالم فلك وخبير بالموروث الزراعي اليمني، حيث تم طباعة كتاب الموروث الزراعي اليمني والدائرة الفلكية، واحتوى الكتاب على أربعة أجزاء موزعة على فصول السنة الأربعة (الخريف والربيع والصيف والشتاء) ضمت الامثال والحكم الشعبية المتعلقة بالعمليات الزراعية للمحاصيل المختلفة وكذا العمليات المتعلقة بتربية ورعاية الحيوانات، ولايزال لدى القاضي العنسي الكثير من المعارف والمعالم الزراعية يسعى إلى تدوينها؛ لأن اليمن تمتلك تنوعا وتعددا في موروثها الزراعي بتعدد وتنوع بيئتها المناخية، ولابد من بذل الجهود المشتركة من قبل المجتمع والجهات الحكومية حتى نتمكن من جمع وتوثيق الموروث الزراعي اليمني من خلال الجمعيات والمجتمع.
■ التدريب والتـأهيل ركيزة مهمة من ركائز النجاح والتنمية.. هل لديكم دور في تأهيل وتدريب الكوادر الزراعية العاملة في القطاع الزراعي؟
لدينا مركزا متخصصا بالتدريب الزراعي، وهو المركز الوطني للتدريب الزراعي مقره في ذمار ولديه امتداد في المحطات البحثية في كل من صنعاء وتهامة، وخلال العامين الماضيين بدعم من اللجنة الزراعية والسمكية العليا وتمويل شركة النفط الهيئة العليا للأدوية تم إعادة تأهيل هذا المركز والذي يمتلك صالتين كبيرتين وقاعة كبيرة مدرج، وسكنا داخليا يتسع لأكثر من 100 شخص.. هذا المركز مزود بوسائل تدريب ممتازة، كذلك يوجد في المحطات البحثية قاعات تدريب وارتباط وثيق بالمزارع البحثية والمختبرات، كما تمتلك الهيئة مدربين مختصين لديهم خبرات عملية كبيرة إلى جانب المعلومات العلمية الواسعة في المجال الزراعي، وتم تدريب العديد من المزارعين والكوادر البحثية وطلاب الجامعات عبر هذا المركز.
■ ما واقع الكوادر البشرية لدى الهيئة؟
سؤال مهم ومؤلم في نفس الوقت، حيث أصبح معظم الكوادر البحثية محالين للتقاعد والبعض في الطريق الى التقاعد، ولم يتم تزويد الهيئة بكوادر جديدة منذ أربعين سنة أو أكثر، حاليا وبدعم من اللجنة الزراعية والسمكية العليا نسعى لاستقطاب كوادر جديدة من خريجي كليات الزراعة والطب البيطري للاستفادة من خبرات الباحثين السابقين وكذلك من طاقات الشباب الخرجين الجدد والمتميزين في الجانب البحثي.
■ ماهي خططكم ومشاريعكم القادمة؟
هناك خطط كبيرة ومتشعبة بتشعب مجالات وقطاعات الزراعة، والآن أضيف لنا حمل من قبل اللجنة الزراعية وهو مجال التخطيط والمتابعة للقطاع الزراعي، وكذا رسم السياسات والاستراتيجيات الخاصة بالقطاع الزراعي ، اضافة إلى ذلك أن العمل البحثي مستمر في كافة القطاعات المختلفة سواء في الجانب النباتي، أو الحيواني، طبعا العمل واسع ولذلك التوجه الآن أن يكون هناك شراكه بين الهيئة والجامعات لمواكبة تطلعات القيادة الثورية والسياسية للبلد.
■ أخيرا.. ماهي الصعوبات والعوائق التي تواجهكم؟
أكبر الصعوبات عدم الاستقرار في توفير الموازنات المالية اللازمة لتنفيذ الخطط البحثية، لأن البحوث تتطلب موازنات كافية وثابتة لمواكبة الأعمال دون انقطاع للوصول الى النتائج المرجوه من البحث العلمي المساندة لتصحيح مسار التنمية الزراعية، لأن هذه النتائج تتمثل في حل إشكاليات حاصلة في الميدان وتطوير التقنيات الزراعية الملائمة للبيئات المحلية، وإذا لم تتوفر موازنة كافية ومستقرة للبحث العلمي تكون عجلة التنمية بطيئة ، ويصعب استقطاب كوادر جديدة وتأهيلها بالشكل المطلوب للنهوض بالبحوث والدراسات المتعلقة بالقطاع الزراعي الممثل للقطاع الابرز المستديم في الاقتصاد الوطني. ونسعى للعمل على تنفيذ الابحاث بالشركة مع المجتمع لكن لابد من توفير الحد الأدنى من التكاليف لتسهيل هذه المهمة، ومن ضمن الصعوبات قلة الكادر البشري المؤهل والمدرب، كذلك ضعف في التجهيزات والمستلزمات المخبرية من حيث ادخال تجهيزات حديثة تواكب التطور والحداث في مجال البحوث الزراعية.

نعمل على اخراج دليل لسلالات الأغنام المحلية وتسجيله في السجل الوطني بوزارة الزراعة والري

الممارسات الخاطئة لدى المزارعين سبب ظهور وانتشار الأمراض والآفات الزراعية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى