تعود بدايات ظهور البحوث الزراعية إلى أواخر الأربعينيات ومطلع الخمسينيات من القرن الماضي، عن طريق انشاء مركز لإجراء تجارب بسيطة وأنشطة بحثية محدودة لتجريب إدخال زراعة محصول القطن في منطقة دلتا أبين.
اليمن الزراعية – خاص
تأسس على إثرها ما عُرف في حينه بـ “محطة تجارب قطن أبين”، التي تطورت بدروها لاحقاً إلى “قسم أبحاث الكود”، الذي جرى افتتاح مقرّه رسمياً في سبتمبر 1955م. وأصبح هذا القسم فيما بعد يعرف بـ “محطة البحوث الزراعية بالكود” مع حلول عام 1965م، وتغيّر اسم المحطة لاحقاً إلى “مركز البحوث الزراعية بالكود” في منتصف سبعينيات القرن الماضي. وفي عام 1972م تم تأسيس مركز أبحاث سيئون بمحافظة حضرموت. وتم دمج عدد من أقسام البحوث الزراعية التي ظهرت ضمن بعض المشروعات في كل من تهامة وتعز لتأسيس محطة البحوث الزراعية في تعز عام 1978م، التي تطورت لاحقاً إلى هيئة البحوث الزراعية بموجب قانون منشأها الصادر بقرار جمهوري رقم (23) لعام 1983م.
انضوت هذه المكونات المختلفة للبحوث الزراعية عام 1990م في إطار جهود الدمج والبناء المؤسسي لأجهزة ومؤسسات دولة الوحدة في إطار واحد أطلق عليه “الهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعي”، التي صدر قانون إعادة تنظيمها بقرار جمهوري رقم 156 للعام 1998م، الذي حدد مقرها الرئيسي في ذمار..
أهداف الهيئة
تتولى الهيئة تنفيذ سياسة الدولة وخطتها العامة في مجال تنمية وتطوير الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، من خلال القيام بالبحوث والدراسات العلمية والتطبيقية في المجالات الزراعية المختلفة وتوجيهها وتقييمها فنياً، واعتماد نتائجها، ونشر مخرجاتها الثقافية على مختلف فئات المستفيدين وذلك في كافة مناطق الجمهورية.
وهي المؤسسة الوطنية المنوط بها عملية: “تخطيط وتنفيذ وتقييم البحوث والدراسات العلمية والتطبيقية في المجالات المشار إليها آنفاً؛ وتمارس الهيئة من أجل تحقيق أهدافها عدداً من المهام المتمثلة بـ:
- وضع وتنفيذ السياسات والخطط والبرامج البحثية.
- تطوير تقنيات ملائمة تساهم في زيادة الإنتاجية الزراعية واستدامة الموارد الزراعية الداعمة لها.
- دراسة العوامل الاقتصادية والاجتماعية المحددة للإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني في مختلف الأقاليم البيئية الزراعية،
- تحديد أولويات البحوث بما يتفق واحتياجات الاقتصاد الوطني.
- إجراء التنسيق مع جهات الاختصاص فيما يتصل بتبني السياسات المترتبة على نتائج البحوث اقتصادياً واجتماعياً وبيئياً.
- تصميم وتوثيق ونشر نتائج البحوث والدراسات الزراعية وترويج مخرجاتها التقنية وتشجيع تطبيقها، وتبادل المعلومات مع كافة الجهات داخلياً وخارجياً.
- تنمية العلاقات مع المؤسسات العربية والإقليمية والدولية العاملة في مجال البحوث والتطوير الزراعي ومواكبة تطورات المنهجيات العلمية وأساليب وتقنيات البحث العلمي.
- تعزيز دور الهيئة في مجال تقديم الخبرات الاستشارية للأفراد والمؤسسات الوطنية والأجنبية وتقديم الخدمات العلمية والفنية الزراعية المتنوعة لمختلف فئات المستفيدين من المؤسسات والجهات الحكومية، أو المنظمات والأفراد على المستوى الأهلي.
المكونات الإدارية للهيئة:
للهيئة مجلس إدارة يترأسه رئيس هيئة متفرغ، ويضم مجلس إدارة الهيئة في عضويته إلى جانب ممثلي الهيئة، عدداً من الجهات ذات العلاقة كوزارات الزراعة والري، والتخطيط والتعاون الدولي، والمالية، والمياه والبيئة، والتعليم العالي والبحث العلمي، إلى جانب ممثلين عن الجامعات اليمنية وخبراء وطنيين. وللهيئة مركز رئيسي (الإدارة العامة- ذمار)، وشبكة من المحطات والمراكز البحثية التابعة للهيئة تنتشر في مختلف أقاليم البلاد الزراعية والبيئية وعددها (8 محطات إقليمية للبحوث) و7 مراكز وطنية بحثية وتخصصية.
ففي إقليم الشريط الساحلي الغربي والجنوبي للبلاد تتواجد ثلاث محطات بحوث هي:
- المحطة البحثية للساحل الجنوبي، الكود، محافظة أبين.
- المحطة البحثية للساحل الغربي (إقليم تهامة)، الكدن سردود، محافظة الحديدة.
- المحطة البحثية للساحل الشرقي المكلا، محافظة حضرموت.
أما في إقليم الهضبة الشرقية، فتوجد محطتان للبحوث الزراعية هما: - المحطة البحثية لوادي حضرموت، سيئون، محافظة حضرموت.
- المحطة البحثية للمناطق الشرقية، مأرب، محافظة مأرب.
وبالمثل، توجد في إقليم المرتفعات الجبلية 3 محطات إقليمية للبحوث الزراعية هي: - المحطة البحثية للمرتفعات الجنوبية بعصيفرة في محافظة تعز
- المحطة البحثية للمرتفعات الوسطى وتقع قرب ذمار.
- المحطة البحثية للمرتفعات الشمالية، ومقرها في منطقة العرة بمحافظة صنعاء.
وبشأن المراكز الوطنية البحثية التخصصية، فيتبع الهيئة 6 مراكز هي كالتالي: - مركز بحوث تطوير الثروة الحيوانية بلحج: يهتم بإجراء البحوث والدراسات على السلالات الحيوانية المحلية من الأغنام والماعز والجمال من حيث دراسة صفاتها وإمكانية تطويرها من خلال برامج للتربية والتزاوج وصحة الحيوان وتقنيات وأساليب تربيته وإدارته العلمية المثلى.
- مركز الأغذية وتقانات ما بعد الحصاد: ومقره محافظة عدن، ويهتم بإجراء الدراسات الخاصة بتطوير بحوث الأغذية ومعاملات خزن وتسويق المحاصيل الزراعية، وتقليل الفاقد، وتحسين تقنيات ما بعد الحصاد للمحاصيل الحقلية والبستانية بوجه عام.
- مركز بحوث الموارد الطبيعية المتجددة: ومقره بمحافظة ذمار، ويعنى بإجراء البحوث الحقلية والدراسات الخاصة بتطوير إدارة الموارد الطبيعة وتحسين تخطيط عملية استخدامها لاسيما المياه والأراضي والمعطيات المناخية المختلفة ضمن الأنظمة الزراعية والإنتاجية المختلفة. كما يقوم المركز بإنتاج الخرائط الزراعية المختلفة والمتعددة الأغراض، وتطوير وصيانة قواعد بيانات خاصة عن تلك الموارد والأنظمة سبيلاً لاستخدامها على النحو الأمثل.
- مركز بحوث المصادر الوراثية: ومقره بذمار ويتولى عملية جمع وتصنيف وحفظ وصيانة ثروة البلاد من الأصول الوراثية النباتية المختلفة والمتنوعة بغرض حمايتها من الاندثار والضياع من جهة، وبهدف توفيرها لأغراض البحث العلمي وإجراء التجارب لتحسين تلك المحاصيل وإنتاجيتها كماً ونوعاً.
- المركز الوطني للتدريب الزراعي: ويقع في مبنى مستقل إلى جوار مبنى الإدارة العامة للهيئة بذمار. ويعتبر هذا المركز مركزاً نوعياً لتأهيل وتدريب الكوادر البحثية والزراعية بكافة فئاتها وقطاعاتها ويعتبر أحد مراكز الخدمات المساعدة المعنية بتشجيع عملية تطوير ونشر وتشجيع استخدام وتطبيق التقنيات الزراعية الحديثة التي تنبثق عن برامج ومخرجات البحوث الزراعية بالهيئة.
- المركز الوطني لأبحاث وتطوير البن تم انشاؤه حديثا بقرار من مجلس الوزراء عام 2019 بهدف اجراء الابحاث والدراسات الهادفة الى تحسين وتطوير الاصناف المحلية من البن وزيادة انتاجيتها مع المحافظة على الجودة العالمية للبن اليمن وكذلك حمايتها من التسرب الى الخارج.
وبسبب العدوان الهمجي على بلادنا فقد خرجت عدد من المحطات البحثية والمراكز عن السيطرة، الا ان العلاقات الشخصية والتواصل بين الباحثين لازالت قائمة حتى الان.
الاضرار التي لحقت بالهيئة جراء العدوان
الهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعي شأنها في ذلك شأن العديد من المنشآت الحيوية التي طالها العدوان بأضرار مباشرة وغير مباشرة وهي:
أولا: الاضرار المباشرة:
-1 استهداف مبنى محطة بحوث الساحل الغربي – تهامة في الكدن بعدد من الصواريخ التي أدت الى انهيار المبنى متسببا في ذلك بضياع الاعمال البحثية السابقة، إضافة الى تلف بذور المحاصيل الزراعية المختلفة سواء المحلية منها او المدخلة والتي لا تقدر بثمن.
-2 تعرض مباني ومزارع فروع الهيئة المنتشرة في المناطق الخاضعة للاحتلال السعودي الاماراتي للاعتداء والنهب من قبل المليشيات والمرتزقة كالتالي:
- احتلال مبنى محطة بحوث المرتفعات الجنوبية الذي لازال محتل من قبل أحد معسكرات المرتزقة حتى الآن.
- تدمير مباني وحضائر المركز الوطني لبحوث الثروة الحيوانية – لحج. ونهب السلالات الحيوانية التي كانت فيه من قبل المليشيات والمرتزقة.
- الاعتداء على مبنى ومعمل محطة بحوث الساحل الشرقي – المكلا ونهب الأجهزة والمعدات والكمبيوترات التي في المبنى وكانت تحتوي على كل الأبحاث والتقارير التي كانت ثمرة عمل بحثي وجهد لفترة طويلة، وكذلك الاعتداء على الأرض المجاورة للمبنى في منطقة الفوه.
- الاعتداء على المزرعة البحثية التابعة لمحطة بحوث سيئون في منطقة السويري.
- الاعتداء الممنهج على منبى محطة البحوث الزراعية في الساحل الجنوبي – الكود والمحاولات المتكررة من قبل العصابات الحاكمة هناك للاستيلاء على المبنى الذي تم ترميمه بعد هجوم ارهابيي القاعدة عليه عام 2014 مما يبرهن واحدية النهج بين القاعدة وعصابات العدوان. كذلك الاعتداءات المتكررة من مليشيات على المزرعة البحثية ومحاولة الاستيلاء عليها.
ثانيا الاضرار غير المباشرة:
تسبب العدوان السعودي الأمريكي على الهيئة وفروعها بأضرار غير مباشرة نتيجة قطع المرتبات انعدام الموازنات بعد القرار الفاشي بنقل البقل البنك المركزي الى عدن لكي يسهل عليهم العبث به وتجويع الشعب وتركيعه. فقد نتج عن هذا الاجراء خسائر كبيرة قد تكون قيمتها المعنوية والعلمية أكبر من ان تقد بثمن، وهنا سنستعرض بعض هذه الاضرار والخسائر التي منيت بها الهيئة جراء هذا العدوان الغاشم:
- جفاف وموت المجمع الوراثي لأشجار الفاكهة المتساقطة في محطة بحوث المرتفعات الشمالية، وفقدان العديد من الأصناف المحلية النادرة من الفاكهة المتساقطة مثل العنب والخوخ والرمان واللوز، وكذلك الاصناف المستقدمة من التفاح والخوخ ذات الجودة العالية والتي كانت في مراحلها الأخير للتقييم والاطلاق والنشر.
- جفاف وموت المجمع الوراثي لأشجار المانجو في تهامة والكود والذين كانا يحويا أصناف نادرة وذات مواصفات ممتازة.
- قطع نفقات التشغيل الأساسية للهيئة وفروعها مما أدى الى تدهور وتهالك الاليات المختلفة في رئاسة الهيئة والمراكز والمحطات البحثية التابعة لها مثل الحراثات ومضخات المياه والتجهيزات المعملية الأخرى التي تم الحصول عليها بصعوبة بالغة.
- تعرض بنك الجينات الوطني الذي يحوي بذور الأصناف المحلية من معظم المحاصيل الزراعية نتيجة للانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي ولولا جهود الخيرين لفقدت اليمن أغلى ثرواتها الطبيعية.
- خروج ما يحتويه مبنى المحطة الجنوبية-تعز عن السيطرة وصعوبة وصول الباحثين والعاملين اليه مما يجعل المعامل ومخازن حفظ المادة الوراثية من محاصيل الحبوب المختلفة الموجودة هناك في حكم المفقودة مما يعني ضياع جهود الباحثين لأكثر من 37 عام لا تقدر بثمن.
- توقف الاعمال البحثية من قبل الباحثين، وعدم مقدرتهم على ممارسة أعمالهم البحثية بسبب انعدام المرتبات..
- تسبب العدوان في قطع العلاقات الدولية مع معظم المراكز البحثية الدولية التي تعتبر الهيئة عضوا وممثلا وحيدا لليمن فيها بحسب التفويض الممنوح لها من وزارة الخارجية اليمنية منذ فترة طويلة، الامر الذي تسبب بفقد عدد من المصادر المهمة للعمل البحثي في الشبكات والمشاريع الإقليمية والدولية التي تشترك الهيئة في تنفيذها والتي تمولها هذه المنظمات المراكز البحثية.
- فقد عدد كبير من الباحثين فرص التأهيل والتدريب في الخارج بسبب الإجراءات التعسفية التي تفرضها دول العدوان على المسافرين من المناطق الشمالية.