عميد كلية الطب البيطري بجامعة صنعاء الدكتور عبد الرؤوف الشوكاني في حوار مع صحيفة “اليمن الزراعية”
قال عميد كلية الطب البيطري بجامعة صنعاء الدكتور عبد الرؤوف الشوكاني إن التعليم الزراعي هو أساس النهضة بالاقتصاد للمجتمعات، فالنهضة الاقتصادية لا تحدث إلا بتنمية وتطور في كل مجالات.
وأضاف في حوار خاص مع صحيفة “اليمن الزراعية” أن الاهتمام بالتعليم الزراعي والبيطري يؤدي إلى ارتفاع في انتاج الثروة النباتية والثروة الحيوانية.
حاوره /مدير التحرير
■ بداية لو تحدثنا عن أهمية التعليم الزراعي عامة والطب البيطري لا سيما في التنمية الزراعية؟
يعد التعليم بشكل عام أساس النهوض بالبلدان، وتقدم الأمم، والتعليم الزراعي هو اساس النهوض بالاقتصاد للمجتمعات، حيث ما كان هناك نهضة اقتصادية، يعنى أن هناك تنمية وتطور في كل مجالات الحياة، و يعتبر استهلاك الفرد من البروتين الحيواني مقياساً لمدى رفاهية المجتمعات، والاهتمام بالتعليم الزراعي والبيطري يؤدي إلى ارتفاع انتاج الثروة النباتية، والثروة الحيوانية، وبالتالي توفر هذا البروتين بأسعار مناسبة لجميع أفراد المجتمع، وهو ما ينعكس على صحة وسلامة أفراد المجتمع، وبالتالي قدرة هذه المجتمعات على العمل وتقليل خسائر التعرض للأمراض والأوبئة، وزيادة كفاءة الفرد في العمل وبالتالي التنمية.
■ كلية الطب البيطري بجامعة صنعاء حديثة النشأة.. ماهي الأقسام والبرامج الموجودة في الكلية؟
الطب البيطري في كل دول العالم هو نظام البرنامج الواحد مثله مثل الطب البشري، وهو طب وجراحة بيطرية يبدأ التخصص الدقيق في مراحل الماجستير والدكتوراة.
وكلية الطب البيطري تمنح البكالوريوس في مجال الطب البيطري بعد اجتياز الطالب عشرة أترام دراسية، وتقريباً 190 مادة دراسية.
■ كم الطاقة الاستيعابية، وكم المعدل المطلوب للالتحاق بالكلية؟
الطاقة الاستيعابية 150 طالباً وطالبة، ونسبة القبول 55% علمي، أو مهني بيطري، أو زراعي.
■ وماذا عن البنية التحتية التي تمتلكها كلية الطب البيطري بجامعة صنعاء؟
تمتلك الكلية بنية تحتية من قاعات ومعامل وحظائر لتربية الأغنام والماعز، حيث يتم التطبيق العملي للطلاب من المستوى الأول، ومن المستوى الثالث، ويبدأ التدريب الصيفي لمدة شهرين سنوياً في مزارع القطاع الخاص في الدواجن، أو الأبقار، والمختبرات البيطرية.
■ برأيكم دكتور.. ما السبب في عزوف الطلاب والطالبات عن الالتحاق بكليات الطب البيطري والنظرة الدونية له؟
عزوف الطلاب عن التعليم البيطري هو بسبب سياسات سابقة ظلت تروج لمفهوم خاطئ أن الطبيب البيطري هو طبيب البقر والحيوانات، ولا تدري أن أغلب منتجاتها الاستهلاكية تنتج بإشراف الطبيب البيطري، سواء استهلك في البيت، أو في المطاعم، مما صنع ثقافة تنظر بنظرة دونية للطب البيطري وتبقى ثروتنا الحيوانية مهددة بالنفوق والاندثار.
■ لو تحدثنا عن المناهج والمقررات الدراسية.. ما مدى حداثتها وتطورها وكم نسبة التطبيق العملي الذي يحصل عليه الطالب؟
بالنسبة للمقررات الدراسية خلال التوصيف تم الاستعانة ببعض الأطباء البيطرين العاملين في الميدان، وخاصة في الجانب العملي.
■ ما مدى موائمة مخرجات الكلية مع سوق العمل؟
بالنسبة للمقررات الدراسية خلال التوصيف تم الاستعانة ببعض الأطباء البيطرين العاملين في الميدان، وخاصة في الجانب العملي، وبالتالي فإن المقررات الدراسية وخاصة في الجانب العملي وهو المهم موائمة مع سوق العمل.
■ كيف ترون توجه واهتمام القيادة الثورية والسياسية بالتعليم الزراعي والبيطري خلال الفترة الحالية؟
القيادة السياسية ممثلة بالسيد القائد عبدالملك الحوثي-يحفظه الله- يهتم بشكل كبير جداً، ومن حرصه على هذا الجانب أفرد له محاضرات خاصة في رمضان، وفي خواتم رمضان، ليبين للجميع على أهمية هذا الجانب، واللجنة الزراعية والسمكية العليا تبذل جهوداً كبيرة بالنهوض بالتعليم الزراعي والبيطري، وقد قدمت للكلية الدعم من انشاء القاعات وتأثيثها، إضافة إلى تكاليف التدريب الصيفي للطلاب وهي تترجم توجهات القيادة السياسية على أرض الواقع، وقدمت الكثير للتعليم الزراعي والبيطري في المعاهد المهنية وكليات الزراعة.
■ تمتلك اليمن ثروة حيوانية كبيرة تزيد عن 20 مليون رأساً من الأغنام والماعز والأبقار والأبل ولكنها تستورد معظم احتياجاتها من الحليب والزبادي والجبن والسمن .. ما السبب؟
السبب الرئيس في تدني الانتاج للسلالة المحلية هو غياب الوعي بالطرق الصحيحة للتربية والتغذية، وإذا توفرت لها الظروف المثلى على أقل تقدير سيتضاعف الانتاج إلى الضعف، وقد كانت لنا تجارب، حيث ارتفع فيها الإنتاج إلى 9 لتر للحليب كمتوسط، و بعض الأبقار أنتجت 16 لتراً، والبعض الآخر أقل من ذلك، لهذا تعد التغذية الجيدة والمتزنة هي أساس زيادة الانتاج اضافة إلى المسكن والماء المناسب.
■ ما مدى اسهام الطب البيطري في تنمية الثروة الحيوانية؟
يسهم الطب البيطري اسهاماً كبيراً في تنمية الثروة الحيوانية من خلال الآتي:
-1 تقليل انتشار الأمراض بين الحيوانات من خلال الترصد الوبائي للأمراض داخل البلد، أو العابرة للحدود.
-2 تقديم الرعاية الصحية والتوعية في المجال البيطري للوصول إلى منتجات حيوانية صحية وخالية من الملوثات المرضية، وكذا المضادات الحيوية.
-3 تنظيم استيراد الحيوانات والمنتجات الحيوانية ومنع تنافسها مع المنتج المحلي.
-4 حماية الصحة العامة للمستهلكين والمربين على حد سواء، وبالتالي مجتمع سليم وفعال في جميع مجالات الحياة.
■ تواجه الثروة الحيوانية العديد من الأمراض والأوبئة.. برأيكم ماهي أسبابها وكيف يمكن الحد منها؟
أسباب انتشار الأمراض الحيوانية تنشأ من عدم الوعي لدى المزارعين بالأمراض الخطيرة والابلاغ عنها للجهات المختصة لاتخاذ الاجراءات اللازمة لمنع انتشار المرض، وقصور مسؤولي الترصد الوبائي بسبب قلة الامكانات أو الاهمال، وعدم تحمل المسئولية، ووجود بعض أمراض النفوس وعديمي الضمير من يحارب المربي في قوت يومه من خلال تهريب الحيوانات الحية أو عدم إجراء الحجر الصحيح للحيوانات المصرح باستيرادها، وكذا عدم وجود تنظيم لانتقال وتنقل الحيوانات بين المحافظات والذي يسهم في انتشار المرض من منطقة إلى أخرى.
■ قطاع الدواجن قطاع اقتصادي كبير وقد ربما يواجه مؤامرات للقضاء عليه.. حدثنا عن هذا القطاع وأهميته الاقتصادية؟
قطاع الدواجن وصناعتها يمثل رافداً اقتصادياً كبيراً للبلد، وهناك مؤامرات مختلفة على هذا القطاع، حيث تعتبر الضرائب والجمارك والجبايات التي تطال هذا القطاع إحدى أهم المؤامرات التي تجعل شركات كبيرة تفكر في الخروج من البلد، وعدم وجود التسهيلات الحقيقية كل الوعود حبر على ورق، ولا وجود لها على الواقع، حقيقة أن استيراد الدجاج المجمد يعد مشكلة للدجاج المربى في البلد، ولا أقول هنا محلي؛ لأن كل مقوماته من تغذية وكتاكيت هي خارجية، والمحلي فقط هو العامل والماء والأرض حتى الهناجر من الخارج، لكن إذا نظرنا إلى الخدمات والخدمات المصاحبة التي تساهم فيها من حيث العاملين واستيعاب العاملة في هذا القطاع يجعلنا نغض الطرف عن تسميتها بالمحلية؛ لأن شريحة كبيرة من العاملين فيها ينتمون إلى الفئات الأكثر ضعفاً في البلد، وبالتالي يجعلنا نقف إلى جانبهم، ونقول يجب على الدولة توفير التسهيلات لهم من توطين هذه الصناعة وايجاد البدائل العلفية ومحاولة تربية الأجداد، ولكن هذا يحتاج إلى قرار سياسي قوي يمنع تسلط المسؤولين على المنتجين في هذا القطاع، والدجاج المجمد هو وسيلة سريعة لتنظيم العرض والطلب ومنع تدهور قيمة المنتج المحلي، ويجب أن يتم توطين الدجاج المثلج من خلال تحويل الدجاج وقت انخفاض الأسعار، وتنظيم السوق وقت الارتفاع.
■ هل تمتلكون رؤية وطنية لتنمية قطاع الدواجن، ومن ضمنها السلالات المحلية؟
تنمية قطاع الدواجن يحتاج إلى توجه من قبل الدولة بشكل حقيقي لتوطينها من خلال البدء بدراسة السلالة المحلية واجراء برامج الانتخاب والتهجين، والاستفادة من تجارب الآخرين للوصول إلى ايجاد قطعان الجدود المختلفة، نحن بدأنا بشكل متواضع وبحسب امكانياتنا ولكن هذا العمل يحتاج الى انشاء مراكز تحسين سلالات متخصصه على الأقل مركز في تهامة لدراسة السلالات التهامية ومركز في المرتفعات وخاصة سلالات محافظة إب، والتي تعتبر من الخطوط الواعدة في الإنتاج، ويحتاج العمل فيها إلى سنوات، وأنتم تعرفون طبيعة بلدنا ومسؤولينا يحتاجون إلى نتائج سريعة والا أنت فاشل ولا صبر لنا في مثل هذه المشاريع، وبالتالي تنتهي مشاريعنا بالفشل.
لدينا استعداد على التعاون مع جميع الجهات والقطاع الخاص للبدء بمثل هذه المشاريع التي تعتبر مشاريع قومية تنتهي بالاكتفاء الذاتي لا محالة.
■ كيف يمكن التغلب على هذا التحدي وتحويله إلى فرصة يمكن استثمارها للنهوض بواقع الثروة الحيوانية؟
الأعلاف تكلمنا أن مشكلتنا في اليمن هي الأعلاف، وتدهور الإنتاج بسبب نقص التغذية السليمة للحيوانات، لدينا مناطق شاسعة لزراعة الأعلاف، ولكن مشكلتنا أننا لا نحفظ هذه الأعلاف بشكل جيد، مما يصل الفاقد فيها إلى 50% اذا ما أضفنا الفقد عند المربي وبالتالي حفظ هذه الأعلاف بشكل جيد ونقلها بشكل مناسب سيؤدي إلى وجودها طول الموسم بشكل دائم وبسعر مناسب، الشيء الآخر عدم الوعي بالطرق الحديثة لرفع القيمة الغذائية للأعلاف مثل السيلاج، أو المعاملة باليوريا، التقطيع وتحويلها إلى بالات سهلة الحفظ، ولا تأخذ حيزاً كبيراً للخزن، كل هذه التحديات تحول إلى فرص استثمارية ترفع من قيمة الأعلاف الغذائية، وتقلل من الفاقد.
هذا بالنسبة للأعلاف الخضراء، وبالنسبة للمركزات لدينا كميات كبيرة من الحبوب الذرة الصفراء والحمراء والغرب وغيرها نحتاج إلى تجارب لمعرفة كميات الاستبدال بالذرة الصفراء وفي بعض الأبحاث في افريقيا والتي تزرع السورجم، أو الذرة الصفراء والغرب والدخن تجارب ناجحة للاستبدال إلى 100%.
نحتاج إلى اجرائها على ظروف بلدنا واستغلال هذه الحبوب والتوسع في زراعتها، إذا نجحت في الميدان، كما أنه ممكن عمل تجارب لاستبدال الصويا بالدجرة والكشري والبقوليات الأخرى.
■ العلاجات واللقاحات الخاصة بالثروة الحيوانية والتي نستودرها بنسبة قد تصل إلى 100٪ .. هل لديكم خطط أو دراسات لتوطينها محلياً سواء من قبل الدولة أو القطاع الخاص؟
العلاجات واللقاحات البيطرية يمكن توطينها، فدول مثل بنجلادش وفيتنام وغيرها من الدول تنتج هذه الأدوية واللقاحات، ونحن لسنا أقل منهم، لكن أنظمة الاستثمار لدينا معيقة للاستثمار في هذا المجال، والبعض قد يصل به الحد إلى أن يفرض شروطاً تعجيزية كما كان من قبل شريك في الحماية، لابد أن يتم التخلص من عقدة حب السيطرة والمصلحة الشخصية والتحول إلى روح التعاون.. علينا أن نتيح المجال للمستثمرين، يا أخي نحن نعتبر التجار أعداء، بينما عهد الإمام علي -عليه السلام- لمالك الاشتر جعلهم ركيزة البناء والتنمية لكن المسؤولين يكملون محاضرات العهد، ويخرجون يبطشون بالتجار، وأصحاب الصناعات.
■ ماذا يحتاج الطب البيطري في اليمن حتى يحقق أهدافه؟
نحن في اليمن نحتاج إلى توعية بأهمية الطب البيطري، وكذا تعزيز الأخلاق والقيم لدى خريجي الطب البيطري بدورهم في مساعدة المربين والالتزام والتحلي بالأمانة والاخلاص والصدق والمسئولية؛ لأنه مسؤول عن كل الأمة ويكونون قدوة لغيرهم في خدمة المجتمع.
■ لو نتطرق لموضوع الأبحاث والدراسات المتعلقة بالطب البيطري والثروة الحيوانية.. ما واقعها؟
هناك توجه كبير في توجيه الأبحاث في المجال الزراعي والبيطري إلى أبحاث للوصول إلى حلول لمشاكل المربين وبالتالي مساعدتهم في اتخاذ الاجراءات السليمة للتعامل مع مشاكلهم للوصول إلى أعلى إنتاج وبأقل كلفة.
■ من خلال عملكم وارتباطكم بالثروة الحيوانية.. ماهي أبرز المشاكل والتحديات التي تواجها الثروة الحيوانية في اليمن وكيف يمكن حلها؟
المشاكل كثيرة، لكن الأعلاف والتغذية وتوفرها بشكل كافي خلال العام هو الكفيل بحل كل المشاكل، ومنع استيراد الحيوانات من الخارج ووضع حد للتهريب القانوني للحيوانات من الخارج.
كلمة أخيرة
أتوجه بالشكر الجزيل لكم، وأقول لطلابنا من خريجي الثانوية العامة أن الطب البيطري هو طب الانسانية والطبيب البيطري هو طبيب الإنسانية، وأن الطبيب البشري لا يمكن أن يكون طبيباً بيطرياً، لكن الطبيب البيطري يمكن أن يكون طبيباً بشرياً.
وكذلك التعليم الزراعي هو التعليم المرتبط بالتنمية والذي مجاله واسع ومستقبلة واعد.
السبب الرئيس في تدني الإنتاج للسلالة المحلية وانتشار الأمراض هو غياب الوعي بالطرق الصحيحة للتربية والتغذية، وعدم إدراك مدى خطورة الأمراض وسرعة الابلاغ عنها
عزوف الطلاب عن التعليم البيطري سببه سياسات سابقة ظلت تروج لمفهوم خاطئ عنه
قطاع الدواجن وصناعته رافد اقتصادي كبير للبلد، ويواجه عدة مؤامرات والعلاجات واللقاحات يمكن توطينها