إرشاداتصحافة

التعليم الزراعي ودوره في تحقيق أهداف التنمية الزراعية المستدامة

الدكتور/ يوسف المخرفـي

يدور الحديث كثيراً حول التعليم الزراعي الذي يعني إكساب المتعلمين المعارف والمهارات والاتجاهات والاهتمامات الزراعية، لتعديل مواقفهم وسلوكهم تجاه الأنشطة والممارسات الزراعية، مما يعني أن التعليم الزراعي عملية نظامية مؤسسية تعنى بها المدارس والجامعات التي تقع على عاتقها مسؤولية الإعداد للحياة.
والزراعة ليست مجرد نشاط اقتصادي فحسب؛ بل هي نشاط حياتي يومي يمارس بطريقة علمية تعلمية في المنزل وفي الحقل، ففي المنزل الأخضر المعاصر تزرع الأحواش والشرفات والأسطح بالنباتات المزهرة والمثمرة لتحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي والاقتصاد المنزلي.
وهذا يعني أن النشاط الزراعي لم يعد تقليدياً، بل علمي وتعلمي لا علاقة له بالأمية، كما أصبح شرطاً أساسياً للتمدن والاخضرار لا نشاط تقليدي مرتبط بالقرى والأرياف، حيث باتت المدن الخضراء والمدن الحدائق أحدث الطرازات المعمارية لمدينة اليوم تشترط مساحات خضراء، واخضراراً في حوش وشرفات وأسطح البناء لكي يمنح تصاريح الإنشاء.
ثم إن ممارسة الأمي للنشاط الزراعي مهما كانت خبراته المتراكمة تجعل نشاطه يدور في حلقة مفرغة لا تحقق له غاية تحسين مستوى حياته ومعيشته على المستويات الصحية والاجتماعية والاقتصادية.
كما أن التعليم الزراعي لا يرتبط بكليات الزراعة والبيئات الزراعية فحسب، بل بجميع مراحل التعليم بدءاً بصفوف وحلقات التعليم الأساسي والثانوي من خلال تضمين المفاهيم الزراعية في مناهج المواد والكتب الدراسية الدينية واللغوية، والعلمية والرياضية، والاجتماعية بلا استثناء وبصورة تتابعية ومستمرة.
كما تتحقق غايات التعليم الزراعي بتظافر جهود المؤسسات الاجتماعية ممثلة في المؤسسات الدينية والاعلامية ومنظمات المجتمع المدني، فخطبتي الجمعة جدير بها تخصيص خطباً دينية شهرية حول المعارف والمعلومات الزراعية وحث الناس على ممارستها في المنزل والحي والحقل.
وفي برامج التعليم الجامعي ينبغي إفراد محاضرات في مقرر الثقافة الوطنية تتضمن معلومات ومعارف ومهارات واتجاهات واهتمامات زراعية.
وبكل أسف يمكن القول إن القائمين على هذا المقرر المهم غير واعين ومستوعبين لذلك.
وقد قدر لكلية الزراعة بجامعة صنعاء أن تقبع في وسط متمدن ويحيط بها حوش كبير لم تتفضل باستزراعه أو زراعته بالنباتات المثمرة، مما أرداها في واقع منفصل عن المحيط الزراعي والتطبيقات الزراعية.
إن القيعان الزراعية التي تقبع على سطحها جامعات أكاديمية صعدة وعمران وذمار لتفتقر إلى كليات الزراعة، كما كان مقدراً لكلية عبس بموجب خطة أكاديمية واقعية للراحل الدكتور/ عبد العزيز المقالح رئيس جامعة صنعاء الأسبق أن تكون كلية للزراعة تردف إقليم تهامة بمخرجات بشرية متخصصة زراعية مؤهلة، لكن تم تحويلها إلى كلية للتربية بقرار سياسي عبثي لسنة 2000، ليردي مخرجاتها في صفوف البطالة، وهو ما أدركته القيادة حالياً بإعلان إنشاء كلية الزراعة والطب البيطري عبس التابعة لجامعة حجة. وتعنى كليات الزراعة اليوم بتقديم العلوم الزراعية المستدامة المعتمدة على الطاقة النظيفة والري المحوري والتنقيط والأسمدة العضوية الطبيعية لا النتروجينية والتخصصية في الانتاج الزراعي، والمتبعة للدورة الزراعية والاعتماد على التقنيات والتكنولوجيات الحديثة في إنتاج البذور والحصاد، والطرق الحديثة في الإرشاد الزراعي وتسويق المنتجات الزراعية وغيرها من مبادئ الزراعة المستدامة للحفاظ على التربة والمياه وصحة وسلامة المنتجات الزراعية.

*أستاذ العلوم البيئية والتنمية المستدامة المساعد بجامعة 21 سبتمبر للعلوم الطبية والتطبيقية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى