الحسين اليزيدي:
تعد الزراعة منذ القدم أحد المصادر الرئيسية لتغذية السكان، حيث تعتمد جميع الدول سواء النامية أو المتقدمة على الزراعة لتأمين الغذاء لشعوبها.
ويعد الاستثمار الزراعي سلاح ذو حدين، فهو قادر على إنعاش الأرض أو إلى هدمها، فعندما تكون أولوية المزارع عند زراعة واستثمار أرضه هي التنوّع البيولوجي يؤدي ذلك إلى تربة خصبة غير معرضة للانجراف مع استثمار أفضل لمصادر المياه المتوفرة، كل هذه العوامل وغيرها تساعد في الحفاظ على البيئة، ويجعل من الزراعة جزءاً من دورة الحياة البيئية، لكن الاستخدام العشوائي للمبيدات والأسمدة الزراعية وغيرها وهدر المياه، كل هذه العوامل وغيرها تؤثر سلباً على الزراعة وتهدد الأمن الغذائي للدولة وبالتالي الاقتصاد.
وتتوفر في اليمن العديد من المميزات في مجال الاستثمار الزراعي، منها اتساع الرقعة الجغرافية الصالحة للزراعة، واختلاف المناخ في كافة أنحاء الجمهورية، وتوفر الأيادي العاملة المتميزة والماهرة، إضافة إلى سقوط الأمطار بكميات كبيرة في بعض محافظات الجمهورية.
ويرى مدير الإدارة العامة للاستثمارات الزراعية المهندس حسين الشامي إن أهم ما تتميز به اليمن هي الطبيعة والتضاريس المتنوعة، والتي أدت إلى مناخ متنوع، أدى إلى توفر المنتجات الزراعية في كل الفصول، وأدى إلى التكامل الزراعي، ورفد الأسواق بالمنتجات الزراعية طوال العام، فمثلاً في الصيف يتم انتاج الطماطم في المرتفعات والقيعان، وفي الشتاء يتم انتاجه في السهول الساحلية وبذلك يحدث تكاملاً زراعياً.
ويضيف أن اليمن يمتاز بأنه موطن زراعي حضاري، حيث شيد الأجداد المدرجات الزراعية، وبذلك كسو الجبال الخضرة والنظارة، وقد بنى ذلك النظام إلى المحافظة على الموارد الطبيعة مثل التربة والمياه، وبذلك تحولت التلال والجبال، إلى حدائق معلقه خضراء، حيث بنيت المدرجات بنظام هندسي فريد، فاذا رأيت المدرجات وكيفية سقي المدرجات، فستلاحظ أن الماء يدخل إلى القطعة الوحدة حتى تمتلأ بالمياه، ثم تفيض المياه الزائدة إلى القطعة الأخرى، وبذلك كان يتم توزيع المياه على المدرج بانتظام، وحمايه للجدران للقطعة، ومن ثم للمدرج من الانهيار، وهذا يعتبر من أفضل طرق الحصاد لمياه الأمطار.
ويشير إلى أن اليمن تمتاز أيضاً بالقيعان الخصبة، وهذه القيعان كانت تزرع لموسمين على مياه الأمطار، وكان هنالك ري تكميلي، وتمتاز هذه القيعان بزراعة أجود أنواع الحبوب مثل القمح والذرة والبطاط وغيرها4، كما أن الوديان وهي ذات خضره طوال العام تزرع الحبوب بأنواعها، ولعل أهمها الذرة الرفيعة والشامية، وهي ذات تربه خصبه.
ويبين أن السهول الساحلية، إذا ما تحدثنا عنها، نجد أن السهل الساحلي التهامي على وجه الخصوص، يعتبر سلة غذائية لليمن الواحد، ويمتاز بخصوبة التربة، وتوافر المياه، ويزرع الحبوب والمنجا، والأعلاف وغيرها.
ولا يكتف المهندس حسين الشامي بسرد كل ما سبق عن المميزات لليمن في مجال الاستثمار الزراعي، بل يؤكد أن اليمن تمتاز بتوافر المياه من الأمطار، ومن العيون والغيول والآبار، ومن السيول، وتوفر المياه، كما يمتاز اليمن بامتلاك إرثاً زراعياً، وهذا أدى إلى وجود تناغم بين التراث الزراعي وهوية اليمن الزراعية، وأدى هذا التناغم إلى أن أصبح الموروث الأخضر لليمن، وكسوة الجبال والوديان بالاخضرار أساساً في خلق بيئة خلابة ذات جمال بيئي، وكأسس لاستثمار بيئي وسياحي.
وتمتاز اليمن بحسب المهندس الشامي بأنها تمتلك أصولاً وراثيه نباتية وحيوانية ذات جودة عالية، كما تمتاز بأن المنتجات ذات ميزة نسبية وتنافسية عالية، فعلى سبيل المثال المنجا تم احضار بذوره إلى اليمن، وتم زراعته في اليمن، والملاحظ بأن المنتج اليمني أفضل من المنتج في بلده الأصل، وهذا يعود إلى التربة الزراعية، وأيضاً المناخ الملائم.
وإضافة إلى ما سبق تمتاز اليمن بتوافر الأيادي العاملة، والماهرة، والتي توارثت المعاملة الجيدة عند الانتاج والحصاد، والكلام للمهندس الشامي.
معوقات وإشكاليات
لكن وعلى الرغم من كل هذه المقومات الهامة لنجاح أي استثمار زراعي في اليمن إلا أن هناك عدد من المعوقات والإشكاليات تحول دون وجود بيئة استثمارية ناجحة في القطاع الزراعي.
ويعدد مدير الإدارة العامة للاستثمارات الزراعية المهندس حسين الشامي أبرز هذه المعوقات ومنها:
1-التلوث البيئي: بمخلفات الأكياس والمخلفات البلاستكية، وخصوصاً في الأراضي الزراعية المجاورة للمدن، والحل في هذا هو ضرورة عمل صرف صحي جيد يحافظ على البيئة، وعمل اصحاح بيئي عن طريق المبادرات المجتمعية.
2-الاسراف من المياه: ونرى ضرورة ترشيد المياه واستخدام الري الحديث كالري المحوري في ري محاصيل الحبوب، كالقمح وغيرها، والري باستخدام شبكات الري بالتنقيط للخضروات، وتشجيع الزراعة المائية والزراعات التي لا تحتاج مياه الا بنسب صغيرة.
3-تدهور بعض المدرجات: ونرى إعادة بناء المدرجات عن طرق المبادرات المجتمعية للمحافظة عليها، وبذلك المحافظة على المياه والتربة.
4-تدهور الأصول الوراثية النباتية والحيوانية، كالبذور وغيرها، ونرى انتخاب البذور بشكل جيد، والعمل على مكاثرتها والمحافظة عليها.
5-من المعوقات أيضاً البناء في الأراضي الزراعية، ونرى يتم منع وتحريم البناء في الأراضي الزراعية الا عند الضرورة.
6-من أبرز المعوقات أيضاً ذبح صغار واناث الحيوانات ونرى بضرورة منع ذلك.
7-نرى أن يتم الترشيد في استخدام المبيدات الزراعية، واستخدام الاصحاح البيئي، والمحافظة الطبيعية، لما لها من فوائد في انتاج زراعي خالٍ من استخدام المبيدات.
اجراءات لتطوير الاستثمار الزراعي
وللوصول إلى استثمار زراعي ناجح، لا بد من معالجة كل المشاكل والمعوقات السابقة، والتي تحدث عنها المهندس الشامي بإسهاب، إضافة إلى تحرك رسمي وشعبي كبير للاهتمام بالقطاع الزراعي، وتشجيعه، وتنميته، وخلق فرص متعددة لتشجيع المستثمرين على الدخول بجدية في هذا الجانب.
ويتحدث المهندس نافع العبسي عن بعض الاجراءات التي يمكن أن تتخذ لتشجيع الاستثمار الزراعي في اليمن، منها زيادة استزراع محصول القمح في الجوف والذرة الشامية وغيرها من المحاصيل الحقلية في تهامة، و أيضاً زيادة توفير مستلزمات الانتاج الخاصة بالحبوب والبقوليات، وتنشيط عمل زراعة تعاقدية بين المزارعين والجمعيات والشركات في مجال انتاج الحبوب والبقوليات، مشيراً إلى أنه بالنسبة للتمور تم عمل سلسلة قيمة خاصة بالتمور في مناطق تهامة والجوف، وتم استهداف المزارعين لزراعة تعاقدية مع مصانع للتعبئة والتغليف وانزالها لخفض فاتورة الاستيراد خصوصاً في المواسم كرمضان.
وفيما يخص الألبان وصل انتاج الألبان ل75 ألف لتر يومياً، وتم تزويد مصنع نانا بخطوط إنتاج الألبان السائل بدل خطوط الانتاج حليب البودرة، ما أدى لارتفاع كمية الانتاج من 15 ألف لتر إلى 75 ألف لتر قابلة للزيادة في هذه السنة والسنة القادمة.
ومن ضمن الاجراءات كذلك، عمل دراسات مع الغرفة التجارية بالشراكة مع قطاع الاستثمار لإنتاج لب المانجو لعمل مصانع خاصة خصوصاً في موسم الوفرة لتحويل لب المانجو إلى لب المانجو المركز لسد فجوة فاتورة الاستيراد.
ويوضح أن هناك توجهات لدبس الرمان والطحينية وزيت السمسم، لتكون هناك زراعة تعاقدية في تهامة، وفي الجوف لإنتاج كميات كبيرة في السمسم.