
الـتفـاح الـيمنـي يكتسـح الأســواق
جهود رسمية مكثفة لإنشاء مراكز تسويق نموذجية
تتميز اليمن بتنوع مناخها المناسب في زراعة مختلف المحاصيل الزراعية والثمار الطيبة والفواكه المتنوعة، وفي مقدمتها التفاح الذي يعتبر ملك الفاكهة.
وتنتشر زراعة التفاح في عدة محافظات يمنية، أبرزها محافظة صعدة التي تحتل المركز الأول من حيث المساحة المزروعة، فهي من أكثر المحافظات اليمنية زراعةً وانتاجاً لمحصول التفاح لامتلاكها بيئة مناسبة ومؤهلة لزراعته؛ ولذا فإن هذه المحافظة تغذي أسواق اليمن بهذه الثمرة بشكل رئيسي.
ويتفرد التفاح اليمني عن سائر المنتجات الخارجية من حيث نوعه النادر ومذاقه الرائع، فهناك العديد من أنواع التفاح المزروعة في اليمن، والتي تختلف في اللون والحجم والطعم والنكهة؛ ومما يميز التفاح اليمني أنه معروف بجودته العالية، وهناك الكثير من المميزات التي لا يتسع المجال لذكرها.
اليمن الزراعية – أيمن قائد
جهود رسمية ملموسة لكنها غير كافية
وفي السياق يشير المزارع حمود سالم، وهو أحد مزارعي التفاع بمحافظة صعدة إلى أن الدولة تقوم بجهود كبيرة في تطوير وتثقيف المزارعين حول العملية الزراعية، لافتاً إلى أنها تركز على توجيه المزارعين بغرس الأصناف من منتج التفاح لاسيما تلك التي تكاد أن تختفي من الحقول والمزارع الجديدة، موضحاً أنها قامت بتشتيل غرس سكري بصنفه الأحمر والأصفر وذلك في إطار التوجه العام للقيادة الثورية والسياسية في دعم المنتجات المحلية وصولاً إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في جميع المحاصيل الزراعية.
وبطبيعة الحال؛ فإن المزارع اليمني خلال قيامه بأنشطته الزراعية، لابد أن يواجه إشكاليات وتحديات؛ حيث يقول المزارع سالم بأن المشاكل التي تواجههم كثيرة أبرزها قلة المياه الجوفية وقرب نضوبها في أغلب المناطق نتيجة الحفر العشوائي للآبار، إضافة إلى عدم وجود حواجز مائية لتغذية المياه الجوفية.
ويضيف أن من ضمن المشاكل هو عدم وجود توازن بين العرض والطلب في وقت ذروة الموسم، مطالباً بفتح أسواق خارجية لاستيعاب المنتج خصوصاً مع كثرة الإنتاج، متبعاً: كذلك ارتفاع أسعار الأسمدة والمبيدات حتى أصبح المزارع ينفق نصف انتاجه على هذا الجانب وأكثر من ذلك؛ كما أن المبيدات ذات جودة رديئة جداً لا تتمكن من القضاء على الآفات الزراعية، وكذا وجود مبيدات منتهية الصلاحية أو مهربة؛ يقول المزارع حمود سالم.
أما بشأن الأمراض التي تصيب التفاح، يقول المزارع حمود سالم إنها متعددة أبرزها حشرية مثل الجربة والمن بجميع أنواعه وعناكبه وتتمثل في جميع أنواع العناكب وكذلك أمراض فطرية، وأبرزها البياض الدقيقي واللفحة.. الخ.
ومن ناحية وفرة المنتج لهذا العام؛ يشير سالم إلى أن المنتج أصبح يغطي جميع المحافظات اليمنية؛ لأنه في الآونة الأخيرة اتجه المواطنون لزراعة الأراضي الزراعية بتشجيع من الجهات المختصة، حيث تكونت ثورة زراعية، واقبال منقطع النظير في التوجه إلى إحياء مناطق زراعية كبيرة، مما أدى إلى وفرة المنتج، وبجودة عالية، وكذلك تكدس الفائض في الثلاجات المركزية حتى أصبحت ممتلئة من منتج التفاح المحلي، مما يضمن كفاية المواطن من فاكهة التفاح طوال العام.
أصناف التفاح
وعلى صعيد متصل؛ وللتوضيح والدخول في تفاصيل أكثر حول هذا الجانب يقول مدير إدارة الإنتاج النباتي بمكتب الزراعة والري بمحافظة صعدة المهندس أحسن حنبوش أن الظروف الجوية هي من أهم العوامل التي تؤثر في زراعة وإنتاج التفاح حيث أن احتياجات الأشجار من البرودة خلال فصل الشتاء ذات أهمية كبيرة من أجل انتظام التوريق والتروية والإثمار.
ويقول حنبوش في حديثه لصحيفة اليمن الزراعية أن أكثر أصناف التفاح نجاحاً في اليمن هي الأصناف ذات الاحتياجات القليلة من البرودة الشتوية التي تحتاج إلى أقل من 400 ساعة، أقل 7,2 درجة من حيث تتفتح براعمها، ويبدأ إزهارها طبيعياً في أوائل الربيع.
ويذكر أن أهم الأصناف المزروعة في اليمن ذات الاحتياجات المنخفضة من البرودة هي:
1 – صنف الأنا: ويمتاز هذا الصنف بأن احتياجاته من البرودة قليلة تصل إلى 300 و350 ساعة أقل من 7 درجة م؛ لذلك نجحت زراعته في اليمن وازدادت مساحته المزروعة منه في السنوات الأخيرة، كما نجحت زراعته في الأراضي المستصلحة تحت نظام الري بالتنقيط حيث زرعت مساحات كبيرة منها، وهو الصنف المستمر “الأكثر انتشاراً في محافظة صعدة”.
ويوضح أن صنف الأنا يبدأ تزهيره من الثلث الثاني من شهر مارس، ويصل محصول الشجرة في عمر أربع سنوات إلى 30 و40 كجم وحيوية حبوب اللقاح تصل إلى حوالي 75% وتنضج ثماره في خلال شهر يونيو وأوائل يوليو، ويستمر الجمع حتى نهاية شهر يوليو، والثمار ذات أحجام كبيرة إلى متوسطة، حيث يصل وزنها في المتوسط إلى 120 و150 جرام، وتميل الثمار إلى الاستطالة، واللون الأحمر يكون غالباً على معظم أجزاء الثمرة، وتصل نسبة المواد الصلبة الذائبة إلى حوالي 11,5 والحموضة إلى 63% والثمار ذات طعم جيد.
ويشير إلى أن صنف الأنا المطعوم على أصل مالنج 106 يبكر في النمو الخضري والزهري بحوالي 7 و10 أيام عن المطعوم على أصل مالنج 111 أو الأصل البذري المسمى بالمالص أو الأصل البلدي.
2 – صنف عين شيمر: حيث يقول المهندس حنبوش إن هذا الصنف يمتاز بأن احتياجه للبرودة قليلة،كما في صنف الأنا 400 و 450 ساعة أقل من 7درجة م ، ويعتبر أحد الأصناف الملقحة للأنا ، وحيوية حبوب لقاحة مرتفعة تصل إلى 89% ويتقارب في معدل تحرك البراعم الخضرية والأزهار من صنف الأنا المطعوم على أصل مالنج 111وإن كان يتأخر في ميعاد التزهير حوالي أسبوع ، وتعطي الشجرة محصولاً يقدر بحوالي 40 كجم في عمر أربع سنوات في المتوسط ، ويصل متوسط وزن الثمرة إلى حوالي 125 جراماً ،وهي ذات لون أصفر، وتصل نسبة المواد الصلبة الذائبة إلى 11و 11,5 % والحموضة 82% ، ويبدأ نضج الثمار في الأسبوع الثاني من شهر يونيو.
3 – صنف دورست جولدن: وهذا الصنف يوضحه المهندس بأن أخذت بذوره وزرعت عام 1953م، ثم حدث لها انتخاب عام 1959م، وأنتج هذا الصنف في ولاية فلوريدا بصفة تجارية عام 1961، وهو من الأصناف التي تمتاز بأن احتياجاتها للبرودة حوالي 300 ساعة، أقل من 7درجة م، وهو من أنسب الأصناف الملقحة لصنف الأنا، والصفات الثمرية لهذا الصنف جيدة، فتصل نسبة المواد الصلبة الذائبة إلى 12 و13 %، ووزن الثمرة يصل في المتوسط إلى 100 جرام، والثمرة ذات لون أصفر، قد تميل للحمرة الخفيفة في بعض الأحيان وتميل للاستدارة.
ويشير إلى أن هذا الصنف يماثل في تحركه الخضري والزهري الصنف أنا المطعوم على أصل مالنج 106 ولحم الثمار قارش، وتنضج من الأسبوع الأول من يونيو؛ وهو صنف مناسب للتصدير، واتجه المزارعون في السنوات الأخيرة في محافظة صعدة إلى هذا الصنف حيث أصبح منافساً لصنف الأنا.
كما يمكن التمييز بين الأصناف كالتالي:
-1 أصناف الصيف ذات الجني المبكر (يونيو ويوليو وأغسطس) آنا، دورسيت جولدن، عين شيمر، الفيستابيلا.
-2 أصناف الخريف ذات الجني المتأخر (سبتمبر وأكتوبر) جونا جولر.
وفيما يتعلق باختيار الأصناف يقول المهندس حنبوش إنه يجب على الفلاح أن يختار الصنف، أو الأصناف التي سيعتمدها بطريقة عقلانية ومناسبة مع أهداف الإنتاج المتوقعة، وقد يعمد إلى تنوع الأصناف من أجل تخفيف الأخطار المتعلقة بتقلبات السوق، معتبراً اختيار شتلات الغرس السليمة والمعتمدة عاملاً أساسياً لضمان حياة أطول جيدة للأشجار، مشدداً على ضرورة أن يولي الفلاح أهمية كبيرة لاختيار الأصناف الملقحة، ومدى ملائمة فترة إزهارها مع فترة إزهار الأصناف الأساسية.
طرق التطعيم
وهو ما يتفق معه في ذات السياق الباحث المهندس أحمد الهزبر، حيث يقول إن هناك الكثير من الأصناف لفاكهة التفاح وأن الأصول المستخدمة لإكثار التفاح هي أصول تم اكثارها في مزرعة البحوث، وكذا في مشاتل مكتب الزراعة بصعدة، موضحاً أن تطعيم أصناف التفاح يتم على هذه الأصول، وأن من ميزات هذه الأصول أنها تتوافق كثيراً مع الأصناف المطعمة عليه.
ويضيف الباحث الهزبر عبر صحيفة اليمن الزراعية أن عملية التطعيم لها عدة طرق من أهمها التطعيم بطريقة الدرعية T.Loudoing ، أو اللصق أو الرقعة أو الشقا ، وأن التطعيم يبدأ في فصل الربيع، أو عندما يكون الأصل مهيأ للتطعيم والعصارة، أو النسخ سهل الانفصال، ويسهل عملية التطعيم ، كما يمكن القيام بعملية التطعيم في إبريل ـ مايو وحتى يونيو ويمكن التطعيم في شهر يوليو ـ أغسطس( تطعيم سكون).
وفيما يتعلق بإنشاء البستان يوضح الباحث أحمد أنه عند انشاء البستان يجب التأكد من صلابة التربة لزراعة التفاح، كالتأكد من مياه الري الخالية من الأملاح، وزراعة وحدات رياح قبل الزراعة، وكذلك يجب حرث الأرض تعامدياً مع إضافة (20ـ 25 م3) سماد بلدي، ويقلب بالتربة، مضيفاً أنه عند الزراعة لأشجار التفاح يجب ملاحظة أن التفاح عقيم ذاتياً وبحاجة الى أصناف ملقحة لضمان التلقيح والعقد والاخصاب؛ وهذا يؤدي إلى إنتاج كبير، مبيناً أن الصنف المزروع “دورست جولد ” يعتبر صنفاً ملقحاً للصنف آنا.
بينما يشير إلى ما يخص الري بقوله إنه يجب أن يكون ماء الري خالي من الأملاح وكذا عدم الإسراف في الري لأنه يؤدي إلى اختناق الغراس، وأنه وفي حالة ري الأشجار بالغمر أثناء فترة التزهير يجب أن تكون الرية الأولى ريه غزيرة لضمان تفتح البراعم إضافة إلى التزهير لضمان توفر الرطوبة في التربة، وأنه يفضل عدم الري أثناء التزهير، وأن العقد إذا لزم الأمر يجب أن يكون رياً خفيفاً.
برامج إرشادية لإنتاج التفاح
ولهذا نجد أن اللجنة الزراعية والسمكية العليا ووزارة الزراعة تقومان بتكثيف البرامج الإرشادية لتوعية المزارعين بمناطق زراعة التفاح بالأساليب الحديثة والطرق السليمة في زراعة الأشجار من خلال تعريف المزارعين بكيفية غرس الأشجار وأهمية الالتزام بالمواعيد الزراعية وطرق الري الحديث وكذا كيفية مكافحة الآفات النباتية التي تصيب الثمار وعمليات التعشيب والتقليم وغيرها من المعاملات الزراعية.
وعلى ذات المنوال وفيما يتعلق بالإرشاد التسويقي لهذا العام؛ يقول نائب مدير عام التسويق والتجارة الخارجية علي الهارب بأنه قد تم إعداد برامج تسويقية لمعظم المحاصيل الزراعية كالتمور والمانجو والرمان والخوخ والتفاح.
ويضيف الهارب : “فيما يتعلق بمنتج التفاح بأنه تم إعداد المادة الإرشادية من الموسم الماضي، وأنه تم تحديثها لهذا الموسم، وإضافة بعض النقاط الأساسية بناءً على المعلومات الميدانية، لافتاً إلى أنه تم إرسالها إلى الجمعيات الزراعية والارشاد الزراعي لتعميمها وتدريب المزارعين عليها.
أما فيما يتعلق بالإجراءات والاستعداد لموسم حصاد التفاح لهذا العام 2024م / 1446هـ ؛ يقول علي الهارب بأنهم قاموا بعدة خطوات للاستعداد لموسم التفاح لهذا العام تمثلت في إعداد دليل إرشادي متكامل عن التفاح يوضح الطرق المثلى في العمليات الزراعية، ومعاملات الحصاد، وما بعد الحصاد، وأنه تم تسليمه للإرشاد الزراعي لتعميمه، وتنفيذ البرنامج ؛وذلك بما يساهم في رفع جودته ويقلل فاقد الحصاد ، موضحاً أن ضمن البرنامج نزول ميداني لإقامة أيام حقلية تستهدف المزارعين في المديريات المنتجة للتفاح، وكذلك توجيه القطاع الخاص لدعم المزارعين عن طريق شراء مزارع التفاح، بالإضافة إلى الشراء المباشر من الأسواق للحفاظ على مستوى الأسعار، وتنظيم التوزيع بين الأسواق، وكذا وضع خطة مع القطاع الخاص تضمن التسويق العادل للتفاح بما يسهم في امتصاص الفائض من ضمنها إنشاء مراكز تسويق نموذجية.
وبخصوص جانب التخزين لمنتج التفاح لهذا العام؛ يؤكد الهارب بأن هناك طاقة استيعابية للتخزين تصل لأكثر من مليون سلة خلال هذا العام، وأن في محافظة صعدة تم تجهيز كل مخازن التبريد لاستقبال محصول التفاح أثناء الذروة، وأن هناك محاولات لتخزين كميات كبيرة في بعض الثلاجات في أمانة العاصمة.
وعن أسباب تدني أسعار التفاح في هذا الموسم؛ يفسر ذلك نائب مدير عام التسويق علي الهارب بقوله: “إن تنوع محاصيل الفواكه الموجودة في هذا الموسم كالرمان والعنب والتمور والموز البطيخ وغيرها هي تعتبر سلعاً بديلة، وأن إقبال المستهلك على واحدة منها قد تغنيه عن الأخرى، معتبراً ذلك هو الحاصل دائماً في جميع السلع المتجانسة سواء في المنتجات الزراعية أو الصناعية.

