إرشاداتصحافة

أشجار النخيل مظهر حضاري لمدينة ومدنية اليوم

د. يوسف المخرفي

تتميز أشجار النخيل بمظهر جمالي مثمر ودائم الاخضرار.. هذه المميزات الثلاث أهلتها لأن تصبح مظهرا جماليا حضاريا معاصرا لمدينة ومدنية اليوم.
هذا المظهر الجمالي الحضاري كان ولا يزال يتراءى لنا في مدن محافظة حضرموت الوادي والصحراء الغناء التي تغنى بها شاعر اليمن الكبير الراحل/ أبو بكر المحضار، وغنى لها فنان اليمن الكبير الراحل/ أبو بكر سالم بالفقيه، طيب الله ثراهما.
ويمكن القول إن أشجار النخيل في حضرموت الوادي والصحاري تكاد تكون الملمح الطبيعي المديني الشجري الأخضر الوحيد لمدن وحضر وقرى وبدو حضرموت الوادي والصحراء.
وكان من الممكن أن تشكل حزاما شجريا للنخيل بطول وعرض محافظات المهرة وحضرموت وشبوة ومأرب والجوف وصعدة، وتهامة الغرب والجنوب عموما، أي بطول وعرض الإقليم الصحراوي في اليمن، بل والإقليم شبه الصحراوي الممتد من صعدة شمالا، وحتى محافظتي الضالع والبيضاء في الجنوب، كأحزمة شجرية تحيط بالقيعان من جهة، والحقول من جهة ثانية، والشوارع من جهة ثالثة.
فبمثل هكذا أحزمة شجرية نخيلية يمكن تحقيق الاكتفاء الذاتي لمعظم، المحافظات اليمنية الصحراوية، وشبه الصحراوية، كما حقق المواطن الحضرمي اكتفائه الذاتي منها بكمية إنتاج سنوي زاد عن 70 ألف طن.
الجدير بالذكر أن مدينة اليوم العربية واليمنية الصحراوية، وشبه الصحراوية، كسمة مشتركة لها، وغالبة عليها، باتت تعاني من التلوث البيئي ومظاهر تغير المناخ، وفي مقدمتها الاحتباس الحراري، وفي الوقت ذاته تبحث عن أشجار الزينة، أو جميلة المظهر الحضاري، وأشجار النخيل واحدة منها، كما اتجهت المدن العالمية نحو زراعة الأشجار المثمرة بدلا عن الحراجية، فكان خيار أشجار النخيل مطابق للمواصفات، وكذا نحو الأشجار دائمة الاخضرار، فكان النخيل أيضا، كما باتت المدن العربية تتعرض لموجات حارة تنعدم عندها فرص الحياة النباتية والغطاء النباتي، كتلك التي سجلتها مدينة الكويت 70.6 درجة مئوية، وبالتالي كانت أشجار النخيل الوحيدة القادرة على تحمل الظروف الجهنمية تلك.
كما تجدر الإشارة إلى أن الظروف الحرارية لمدينة البصرة الزراعية في العراق تشبه الظروف الحرارية لمدينة الكويت الرملية الصحراوية، فعمد المزارع العراقي إلى الزراعة الكثيفة لأشجار النخيل لتوفر الظل المواتي لنمو النباتات الزراعية تحتها.
من هنا لابد من التوسع في زراعة النخيل، كأحزمة شجرية للمدن والحقول والبساتين والشوارع الرئيسية بالمدن الرئيسة والثانوية لتحقيق الأهداف الجمالية والمناخية والكربونية والحرارية والتغذوية، وتفعيل استراتيجية التنمية الزراعية لأشجار النخيل في وادي خب بمحافظة الجوف الذي نالته المؤامرات السعودية بالثأرات الاجتماعية التي قضت على الأخضر واليابس، وحقق غاية الشقيقة الكبرى في استيراد اليمن لأكثر من نحو 3 مليون طن من التمور سنويا منها، كغاية سعت من أجل تحقيقها بأساليب إجرامية يتعين علينا مواجهتها اليوم قبل غدا.

*أستاذ العلوم البيئية والتنمية المستدامة المساعد بجامعة 21 سبتمبر للعلوم الطبية والتطبيقية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى