استعــدادات مكثفــة لنجـاح الموسـم الزراعـي
مزارعون: نحرص على القيام بالعمليات الزراعية قبل موسم البذار
تمتلك محافظة الحديدة العديد من المناطق الخصبة والمهمة زراعيًا، ومساحات شاسعة من الأراضي التي يعتمد عليها المزارعون لزراعة مختلف المحاصيل، كالدخن، والسمسم والدجرة، وأعلاف القَطن خلال موسم الأمطار السنوي، حيث يحتل الدخن أعلى نسبة من تلك المساحات.
و تشكل الزراعة المعتمدة على الأمطار في تهامة، القاعدة الاقتصادية الرئيسية لسكان المنطقة، ويقوم المزارعون بإجراء العديد من الأنشطة التحضيرية قبل بدء موسم البذار، بهدف ضمان نجاح زراعاتهم واستفادتهم القصوى من موسم الأمطار. ويأمل سكان تهامة في أن يكون هذا موسمًا جيدًا خاصة بعد هطول الأمطار مؤخرا.
اليمن الزراعية – أيوب أحمد هادي
وفي السياق يقول المزارع سليمان مفتاح حمزة، وهو من مديرية المراوعة: “قبل بدء موسم البذار، نقوم بعدة عمليات زراعية تمهيدية مثل تنظيف الأراضي من الأعشاب، والنباتات الضارة والتخلص منها من خلال حرقها، ومن ثم حرث الأرض وتنعيمها لإعدادها لعملية البذر”، مشيرا إلى أنهم يقومون بهذه العمليات من أجل الحصول على محاصيل وفيرة وعالية الجودة، ويضيف أنه بعد ذلك نبدأ بزراعة الأرض بمحصول الدخن ثم القَطن والدجرة وهناك من يزرع السمسم والذرة الرفيعة كما في المناطق المحاذية للوادي.
ويؤكد أن موسم الزراعة المطرية يعد موسما رئيسيا يعتمد عليه أبناء تهامة كمصدر أساسي للدخل، لأنه يزرع فيه الدخن والدجرة والقطن التي تأتي في موقت متأخر، لكننا نعتمد عليها من خلال بيعها كأعلاف، وكذلك نقوم بقطف قرون الحبوب، وتجفيفها وبيعها، أما بالنسبة للدخن بعد الحصاد نقوم بتخزينة وبيعه كلما اشتدت الحاجة علينا لنسد حاجتنا، وهكذا حتى يأتي الموسم الآخر.
ويترقب مزارعو تهامة موسم الأمطار السنوي بشغف، حيث يعتمدون عليه اعتمادًا كبيرًا في نجاح زراعاتهم.
ويقول المزارع سعيد غجوف من أبناء الزيدية: “نتوقع بعد هذه الأمطار الكثيرة هطول أمطار متوسطة إلى جيدة خلال موسم هذا العام، ونتطلع خلال هذا الموسم بأمل كبير في الحصول على محصول وفير”.
ومع دخول التقنيات الزراعية والآلات الحديثة اتجه معظم المزارعين في تهامة إلى إستخدام الحراثة الآلية بدلا عن الحراثة التقلدية أول عملية التتجيل اليدوي خلال موسم الزراعة المطرية.
ويرى المزارع حسين واصل، وهو من أبناء الجراحي أن الطرق التقليدية تعتبر أفضل من الطرق الآلية بالنسبة لزراعة الخبوت، من حيث جودة ووفرة المحصول وحيوية التربة، موضحا أنه يعتمد في موسم الزراعة المطرية على الطرق التقليدية باستخدام القدوم اليدوي،والتي اكتسب هذه الطريقة من والده وجده اللذان ما استخداما الحراثات يوماً قط في زراعة الخبت.
موسى شجاب أحد مالكي الحراثات في مديرية المراوعة يقول: “مع بدء إستعداد المزارعين لاستقبال موسم الزراعة المطرية أقوم بإجراء عمليات صيانة وتفقد الحراثة الخاصة بي وتهيئتها إستعدادا لموسم الحرث”.
ويضيف: “هناك أمل كبير في نجاح الموسم الزراعي نظراً لوفرة الأمطار هذا الموسم”.
من جانبه يستعرض مختص الإرشاد الزراعي بالمنطقة الزراعية الوسطى محمد صغير شامي العمليات الزراعية التي يتم تنفيذها من قبل مزارعي الأراضي المطرية، والتي تتمثل في:
1/تحضير الأرض :
ويقصد بذلك عملية التعشيب والتي تشمل ازالة جميع النباتات غير المرغوب فيها، والتي تمت بعد حصاد المحصول في الموسم السابق بما فيها شجيرات الموسكيت، أو ما يعرف بالسول الخارجي التي يتم جمع هذه الأعشاب في أكوام وحرقها للاستفادة من رمادها، وتنفذ هذه العملية في الأغلب النساء ( زوجة المزارع والأولاد)،وتستمر هذه العملية عدة أيام، وتسبق موسم الأمطار الموسم الخريفي.
2/الحراثة :
بعد هطول الأمطار يستأجر المزارع الحراثة، لتقوم بالخرش والبذر، وتتم بعد هطول الأمطار في اليوم التالي.
وفيما يتعلق باختيار البذور يشير شامي إلى أن مصادر البذور بالنسبة لمزارعي الأراضي المطرية متنوعة منهم من يحتفظ بالبذور من المحصول السابق لكن دون أي اجراءات للاصطفاء والانتخاب وهذا ما قد يتسبب في تدهور الأصناف، ومنهم من يقوم بشراء البذور من مناطق أخرى غير منطقته، وعلى الأغلب من القناوص، أو بيت الفقيه بالنسبة لمزارعي الأراضي المطرية في المراوعة مثلا.
ويشير شامي إلى أن الأصناف تتوزع في السهل التهامي، بحسب طبيعة التربة، وبحسب المتوارث من الآباء للأبناء، وخاصة المنطقة الوسطى منها، وعلى سبيل المثال لا الحصر في مناطق المديرية الواحدة، فمثلا تزرع مناطق الخبت ( الكثبان الرملية) محصول الدخن، وكباً بالقدوم ومنهم بالمخرش حرثا.
ويواصل: “ومنهم من يزرع الذرة البيضاء، ويسمى الشاحبي.. هذا بالنسبة للأراضي( الكثبان الرملية) أو الخبت، وهناك كذلك أراضي الوادي، أو مايسمى بالضاحي، وفيها يزرع صنف الذرة الحمراء، أو الزعر وكذلك الذرة الشامية.
وينوه إلى أن هذه المحاصيل تتخللها زراعة محاصيل بينية تتبع البقوليات كاللوبياء، وتسمى الدجرا، وكذلك القَطن ( بفتح القاف)، مؤكدا أن العمليات التي تسبق البذر تعتبر من أهم العمليات الزراعية التي تساعد على تهيئة التربة وتحسين خصوبتها، وإعداد البنية التحتية الزراعية لاستقبال موسم الأمطار والبذار، وقد تعلمناها من أجدادنا القدامى.
وفي السياق ذاته يقول إبراهيم العمار المدير التتفيذي لجمعية زبيد إن موسم الزراعة المطرية يُعتبر الحدث الأهم والأكثر أهمية بالنسبة للمزارع التهامي، مشيرا إلى أهمية موسم الزراعة المطرية بالنسبة للمزارع، حيث تتمثل في الآتي:
- الاعتماد الرئيسي على الأمطار، حيث تعتمد الزراعة في تهامة بشكل كبير على هطول الأمطار الموسمية، وبالتالي فإن نجاح الموسم الزراعي مرتبط ارتباطًا وثيقًا بوفرة الأمطار.
- ضمان الإنتاجية: هطول الأمطار الجيد خلال الموسم يضمن للمزارع إنتاجية عالية للمحاصيل وحصاد وفير، وهذا يشكل ضمانًا لتوفير الغذاء والدخل للأسرة.
- الاستعداد والتخطيط: قبيل موسم الأمطار، يقوم المزارع بالعديد من الأنشطة التحضيرية كتنظيف الحقول. وهذا يتطلب وقتًا وجهدًا كبيرين من المزارع لضمان استعداد الأرض لاستقبال موسم البذار.
- الطقس والتوقعات: يتابع المزارع باهتمام بالغ توقعات هطول الأمطار والتنبؤات الجوية، حتى يتمكن من التخطيط والتنسيق الزراعي على أكمل وجه.
- التسويق والدخل: محصول الموسم الزراعي المطري هو المصدر الرئيسي للدخل للمزارع وأسرته. لذلك يعتبر هذا الموسم مصدر الأمن الغذائي والاقتصادي للمزارع.
6.توفير إنتاج محلي من الحبوب الأساسية كالدخن والذرة الرفيعة والسمسم : - الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي:
الإنتاج المحلي للدخن والذرة الرفيعة يساهم بشكل كبير في تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي في المنطقة. هذا يضمن توفر احتياجات السكان من هذه الحبوب الأساسية طوال العام،ويقلل من الاعتماد على واردات الحبوب من الخارج. - الاستدامة البيئية:
الزراعة المطرية للدخن والذرة الرفيعة تتوافق مع البيئة المحلية وتتناسب مع موارد المياه المتاحة.هذا يساهم في الحفاظ على الموارد الطبيعية وضمان استمرارية الإنتاج الزراعي في المنطقة.
على وجه العموم ، يعتبر موسم الزراعة المطرية في تهامة بمثابة الحياة والرزق للمزارعين، ويشكل محور اهتمامهم وتركيزهم الرئيسي طوال العام. كما يعتبر محوريًا لتوفير الإنتاج المحلي من الحبوب الأساسية كالدخن والذرة الرفيعة والسمسم، مما يساهم في تحقيق الأمن الغذائي والاستدامة الاقتصادية والبيئية للمنطقة.