درر بلادي…منتجات ذات قيمة صحية وغذائية
استخلاص زيت بذور التين الشوكي والسدر لأول مره في اليمن
اليمن الزراعية – خاص
لم تكن الظروف التي تعانيها اليمن جراء الحرب والعدوان والحصار السعودي الأمريكي عائقاً أمام أسرة البتول والزهراء، بل كانت دافعاً وحافزاً للبحث عن المساهمة في تحقيق الاكتفاء الذاتي، ورفع الاقتصاد الوطني الذي يسعى إليه كل مواطن يمني حر.
قبل ثلاث سنوات بعد أن تخرجت البتول وأختها الزهراء من الثانوية العامة كن يحلمن كبقية البنات أن يدرسن في الجامعة، ويرسمن ملامح المستقبل، اجتمعت الأسرة وناقشت أي الكليات أفضل للمساهمة في النهضة الاقتصادية التي تتطلع اليها في هذه المرحلة التي تمر بها في الوطن الغالي، وكيف تستطيع أن نكون عوناً للأسرة، وتسهم في رفع الاقتصاد الذاتي للأسرة وللمجتمع، وتوفير فرص عمل لأفراد الأسرة، وآخرين لأجل الإسهام في خدمة الوطن.
، وبينما الفتاتان تبحثان وتفكران.. هنا جاء دور الأب الواعي المهتم بما تمتلكه بلادنا من موارد طبيعية كناصح لهن وليس فارضاً عليهن، فنصح ابنتيه البتول والزهراء أن يسجلن في كلية الزراعة، وهي الكلية التي كانت مستبعدة، ولم تكن ضمن الخيارات، قبلن بنصيحة والدهن، وذهبن للتسجيل في كلية الزراعة.
البتول تخصص بساتين، والزهراء تخصص علوم أغذية.
اجتهدت الفتاتان، واستفدن كثيراً مما تعلمنه في الكلية، ومع الأزمة والظروف الصعبة بدأت الأسرة تبحث عن المشروع الذي يحقق اكتفاء ذاتياً، وتنمية اقتصادية، واستغلالاً لخيرات البلاد، و هو كذلك مصدر دخل يعين الأسرة على مواجهة صعوبات الحياة الاقتصادية، وهنا وقع الاختيار على نبات التين الشوكي، حيث أن هذا مشروع جديد، ونادر ومواده الخام محلية، ومتوفرة ومالها من فوائد كثيرة صحية وغذائية، فتم عمل دراسة على أنواع التين الشوكي، وأماكن تواجده ومواسمه، وما يمكن أن يستخلص منه، فكانت النتيجة للدراسة أنه يمكن الاستفادة من بذوره، و لبه وقشوره، في الكثير من المنتجات الغذائية، والدوائية مثل « زيت بذور التين، وخل التين» ويستفاد حتى من قشوره في الكثير من الصناعات، وهذا من المشاريع النادرة على مستوى العالم، وكذلك بذور السدر.
تم الوصول إلى هذه النتائج بتعاون، وتكاتف أفراد الأسرة؛ لأن العمل بدأ بأيادي أفراد الأسرة، وبإمكانيات بسيطة، والأدوات المنزلية، وبذلت الأسرة جهوداً ذاتية في عدة تجارب فشل بعضها، ونجاح البعض منها.
كانت البداية بالعصارة الكهربائية، وفصل اللب السائل عن البذور واستغلاله لإنتاج الخل العضوي، واستمر العمل رغم كل الصعوبات التي واجهتها الأسرة بعد تجفيف البذور، تم البحث عن معاصر، تقوم بعصر بذور التين، ولكن الجميع كان يرفض بسبب قساوة البذور.
استمر البحث عن آلة لعصر بذور التين، حتى تم استيراد عصارة من الخارج، ولكنها لم تتمكن من عصر بذور التين نظراً لقوتها، فلم تيأس الأسرة، وظلت تبحث عن آلة لعصر البذور، وكانت النتيجة أن الحصول على آلة هيدروليك لعصر البذور واستخراج الزيوت.
وكانت بداية المشروع الذي أطلق عليه اسم «درر بلادي» الذي استطاعت الأسرة من خلاله إنتاج زيت بذور التين الشوكي النادر، وزيت السدر.
لم تكن الطريق مفروشة بالورود أمام هذا المشروع، لكنه واجه العديد من الصعوبات والعوائق والتي لازالت حتى الآن، ومنها عدم توفر الآلات، والعبوات المناسبة، وقلة وعي المجتمع بالقيمة الصحية والغذائية لهذا المنتج، مما أضعف الإقبال من قبل المستهلكين على الشراء، وثمنه عالمياً يصل سعر اللتر إلى قرابة 1000دولار.
مشروع «درر بلادي» يعد نموذجاً للمشاريع الرائدة ذات المستقبل الواعد، لدخوله في الكثير من الصناعات الدوائية والغذائية.. هذا المشروع يحتاج دعم وعناية من قبل الجهات الرسمية، وتسهيل المعوقات حتى يكتمل المشروع ويتم تصديره للخارج ، نظراً لما تميز وتفرد به الزيت المنتج محلياً، بعد فحصه أنه عالي الجودة مقارنه بما ينتج عالمياً، وهذا حال معظم خيرات البلاد، كالبن اليمني والعسل اليمني والزبيب اليمني.