نموذج ناجح للتغلب على الصعاب
أهالي قرية المدمن بمديرية زبيد
اليمن الزراعية – أيوب أحمد هادي
عندما تضرب الأزمات المجتمعات المحلية، قد ينظر البعض إلى الوضع على أنه مأساة لا يمكن تخطيها، ولكن في قرية “المدمن”، كان رد أهالي القرية مختلف تمام.
في قلب بلاد الرقود، في مديرية زبيد بمحافظة الحديدة، تقع قرية المدمن، وبسبب الأمطار التي تسببت في تدفق السيول الجارفة والتي غمرت معظم القرى والمباني في تهامة عامة وكان لمديرية زبيد النصيب الأكبر منها حيث الخسائر الكبيرة في الأرواح، والممتلكات، وحتى الطرقات.
ومن بين الطرقات المتأثرة بالسيول حظيت الطريق التي تصل قرية المدمن بالحروب على نصيب الأسد من الخراب والدمار، و عانى أهالي القرية من انقطاع الطريق الرئيسي الرابط بينهم وبين المناطق المجاورة، بعد أن جرفته السيول والأمطار الغزيرة.
أصبح طريق القرية في حال متردية للغاية، فانقطاع الطريق زاد من عزلتهم وحرمهم من الوصول إلى الخدمات الأساسية والأسواق.. كان الأمر تحديًا كبيرًا للسكان، لا سيما في الحالات الطارئة والظروف الصعبة، مما بات يشكل خطرًا على سلامتهم، وبدلاً من الاستسلام أو الاتكال على الحكومة، قرر سكان القرية أن يتحركوا بأنفسهم لإصلاح الطريق.
بقيادة الدكتور عمر سالم المعصلي والتنسيق مع الإعلامي مهند مكرم ومجموعة من الشباب، بدأوا بالتخطيط فيما بينهم لتنفيذ مشروع ترميم الطريق المتضرر، فجمعوا التبرعات من أفراد المجتمع، وأصحاب الأعمال المحليين، وعقدوا اجتماعات لتنظيم الجهود، ومن خلال تلك التحركات تطوع العديد من أهالي القرية للمساعدة في المشروع.
شارك الجميع بحماس – من الشباب إلى كبار السن – في أعمال الترميم والبناء، وقدم البعض الموارد المالية ومواد البناء، بينما ساهم آخرون بالجهد البدني.
لم يكن المشروع سهلاً، إلا أن عزيمة أهالي “المدمن” وإصرارهم على التغيير جعلهم ينجحون، وأصبح الخط الرابط بين القرية والجروب صالحًا للاستخدام مرة أخرى.
ومن خلال هذه المبادرة المجتمعية اكتسب سكان القرية مهارات قيّمة في التخطيط والتنسيق والتنفيذ، وما هو أهم، اكتشفوا قدرتهم على إحداث التغيير الإيجابي بأيديهم.. هذا النجاح شجعهم على المضي قدمًا في مشاريع تنموية أخرى تخدم قريتهم لا سيما في ظل ما أحدثته السيول من أضرار جسيمة.
قصة قرية “المدمن” توضح أن المجتمعات المحلية، عندما تتعاون وتتكاتف، يمكنها التغلب على التحديات وتحقيق إنجازات مذهلة.. إنها دليل على أن الإرادة والعمل الجماعي هما أقوى من أي عائق.
وستبقى هذه القصة مثالاً ملهماً على قوة المبادرات المجتمعية، وكيف يمكن للناس، بالتعاون والتضامن، أن يحدثوا فرقًا إيجابيًا في حياتهم.. إنها قصة نجاح تستحق الاحتفاء والاقتداء بها.