صحافةمقالات

بارقة أمل حقيقية لفرص واعدة

مشروع زراعة الصحراء

بوتيرة عالية، وخطوات متسارعة، انطلقت عجلة الحراك الزراعي التنموي في ربوع اليمن السعيد، ليغدوا الجميع أمام خيار خوض معركة الصمود في مرحلة فارقة يمر بها البلد، وصولاً إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي.
ويمثل مشروع “زراعة الصحراء والكثبان الرملية” بارقة أمل حقيقية لفرص واعدة، سعياً نحو تحقيق تقدم ملموس في الأمن الغذائي، وترجمة لموجهات قائد الثورة لحشد الموارد والطاقات للتوسع في زراعة المحاصيل في مناطق السهل التهامي بالاستفادة من موسم الأمطار.

اليمن الزراعية – درهم سيف

ويُعول على المشروع الذي تنفذه الجمعيات التعاونية الزراعية لإحداث نقلة نوعية في مسيرة التغيير والبناء، وتحقيق آمال وتطلعات الشعب اليمني لمواصلة صموده واستبساله في مواجهة العدوان والحصار.
وتسعى الجمعيات عبر هذا المشروع إلى تفعيل دور المجتمع، وتذليل الصعوبات أمام المزارعين، وتوفير البذور، ومعدات الحراثة، وللاستفادة منها في زراعة مختلف أنواع الحبوب، ما يدعو لتسليط الضوء على مشروع زراعة الصحراء، والكثبان الرملية كمشروع استراتيجي وُضعت لبناته الأولى للانطلاق نحو استهداف صحراء السهل التهامي وزراعتها على امتداد مساحتها الشاسعة، لتحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي للبلاد.

تمكين المجتمع هدف استراتيجي
ويوضح وكيل وزارة الزراعة المهندس سمير الحناني، أن خطة زراعة الخبوت -مساحات صحراوية واسعة- في مناطق السهل التهامي في كل من محافظتي الحديدة وحجة، من قبل اللجنة الزراعية والسمكية العليا، ووزارة الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية.
ويشير إلى أن الخطة تتركز على تحديد الأهداف، والهدف الاستراتيجي كان فيها هو تمكين المجتمع عبر الجمعيات التعاونية لزراعة الأراضي غير المزروعة سابقاً، وحددت فيها 13 خبتاً في المديريات، وحددت المساحة التقريبية للخبوت، وقدرت بحوالي 522 ألف معاد، وتم استهداف 50% من تلك المساحة ما يقارب 226 ألف و956 معاد ما يعادل 113 ألف و478 هكتار.
ويلفت الحناني إلى أنه تم تحديد كميات البذور التي ستتم زراعتها في الخبوت من الدخن والدجرة، على أساس احتياج الدخن للهكتار 6 كيلو، يخلط مع 2 كيلو من الدجرة، وتتم زراعته في هذه الخبوت، كما يتم حساب كمية الحراثات اللازمة للزراعة على أساس 41 يوماً، يحتاج إلى 200 حراثة، وحسبت تكاليف الديزل والحراثة، والبذور، وتكاليف المتابعة على أساس أنه تكون المتابعة 200 ريال على كل ساعة.
ويؤكد المهندس الحناني أن عملية توزيع البذور للمزارعين، تتم عبر الجمعيات الزراعية، ويتم توفيرها من خمسة مصادر رئيسية، وهي:

  • مؤسسة اكثار البذور المحسنة.
  • مؤسسة تنمية وإنتاج الحبوب.
  • وحدة البذور المجتمعية.
  • الهيئة العامة للزكاة.
  • ومن السوق.
    حيث يتم توزيع كميات البذور، وفق آلية تضمن استردادها من المزارعين مقابل كيس.
    ويوضح بأن هناك جمعيات بدأت العمل بشكل مبكر، منها جمعية عبس، وكانت تجربة ناجحة مع كل من جمعيات كعيدنة، وقفل شمر، وخيران، وأسلم ومستبأ، حيث حققت نجاحات من خلال استئجار أراضي المواطنين من قبل جمعية عبس، وكان نموذجاً ناجحاً تم تعميمه ليكون أنموذجاً للتوجه إلى المناطق الأخرى.
    ويؤكد الحناني أنه تم عمل خطة متكاملة استهدفت تجميع الجمعيات التعاونية الزراعية الفاعلة، وتم توعية رؤساء الجمعيات، وأعضاء الهيئة الإدارية فيها، بإجراءات، ومسارات الدعم، والتمويل وجعلهم شركاء في عملية التخطيط والتنفيذ انطلاقاً من أهمية العمل التعاوني الزراعي باعتبار التعاونيات العمود الأساسي للزراعة في أي بلد.
    ويتطرق إلى محددات، ووسائل الدعم التي تم توفيرها لدعم الجمعيات التعاونية من خلال توفير الحراثات وتمويل الجمعيات عبر قروض مقدمة من وحدة التمويلات الزراعية، والمبادرات المجتمعية في محافظة الحديدة، حيث تم تمويل جمعيات الحديدة التي ستتعامل مع بقية الجمعية على أساس شركاء في العمل، وسيتم اعطاؤهم قروضاً لعملية التشغيل لعملية الحراثة.
    ويواصل: “كما تم توزيع لهم كميات من الديزل في المحطات، وتقدير عدد الحراثات، وتم عمل ميزانية تشغيلية لعمل الحراثة لجمعيات الحديدة، وإلى الآن تقريباً جمعيات الجراحي، وبيت الفقية، والدريهمي، والتحيتا، والمنيرة، والزهرة، واللحية، ولايزال العمل جارياً لاستكمال واعطائهم القروض.
    وبخصوص زراعة الصحراء في الجوف يؤكد الحناني أن هناك رؤية على أساس التنفيذ عبر مكتب الزراعة بالمحافظة من خلال دعمه بـ 20 حراثة لمؤسسة تنمية وإنتاج الحبوب، بالإضافة إلى أنه سيتم إعطاء البذور الموجودة ما يقارب 800 كيس بذور ذرة، وسيتم كذلك التنفيذ مع مكتب الزراعة بالتنسيق مع مؤسسة الحبوب.

سلسلة تدخلات
ويعتبر مشروع “زراعة الصحراء والكثبان الرملية” من وجهة نظر مدير عام مكتب الزراعة بالجوف مهدي الظمين من أهم المشاريع الزراعية؛ كونه يتضمن سلسلة من التدخلات تضمن تنفيذه بكل سهولة ويُسر، ويقدم خدمات نوعية للمزارعين المستفيدين أبرزها دعمهم بقروض بيضاء، وتتم زراعة المحصول الذي يتم اختياره وتحديده من قبل المشروع بهدف تجاوز المعوقات التي ظهرت في التجربة السابقة لتنفيذ المشروع في الموسم الزراعي الماضي.
ويشير الظمين إلى أن مشروع زراعة الصحراء في محافظة الجوف يستهدف ثلاث مديريات ” السيل، الخلق، الحزم” كمرحلة أولى، وهي من المديريات التي لها نصيباً كبيراً من المياه المتدفقة من مياه السيول، مبيناً أنه تم إعداد الآلية والخطة التنفيذية لهذا المشروع، والذي سيتم تنفيذه عن طريق مكتب الزراعة في الجوف بمساندة مؤسسة الحبوب وتفعيل وحدة الحراثة المجتمعية في المحافظة.
ويلفت إلى أن المشروع يستهدف حالياً ما يقارب عشرة آلاف هكتار من المساحات لزراعتها بمحاصيل الذرة الرفيعة، والذرة البيضاء، والذرة الشامية، وكذلك محصول الشعير البكور الذي ينتج خلال فترة قصيرة، وسيتم الاستفادة من مياه السيول.

موسم زراعي مُبشر
بدوره يؤكد مدير عام هيئة تطوير تهامة المهندس فواز العذري أن مشروع “زراعة الصحراء والكثبان الرملية” في سهل تهامة تم تدشينه خلال الأيام الأخيرة في مناطق السهل التهامي بشكل عام بتوجيهات القيادة الثورية والقيادة السياسية، وذلك بالتزامن مع تدفق السيول بشكل غير مسبوق، وبكميات كبيرة على مختلف الأودية والقيعان لم تشهدها المنطقة منذ عقود، وتوقع أن تشهد تلك المناطق موسماً زراعياً خصيباً ومبشراً.
ويشير إلى أن كل تلك المقومات بحاجة إلى تضافر الجهود للاستفادة من هذه النعمة بالتوجه نحو التوسع في زراعة مختلف السهول والكثبان في تهامة بمحاصيل الحبوب المختلفة، تجاوباً لتوجيهات السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، الذي دعا إلى استغلال هذه النعمة، وزراعة كل متر موجود، وأرض زراعية موجودة في سهل تهامة، وفي الوطن ككل.
ويبين العذري أن زراعة “الصحراء والكثبان الرملية” مجدية ورخيصة ومنخفضة التكاليف وليست معقدة الحراثة، ولا تحتاج إلى بذر آلي، تكون الأمور في زراعتها ميسرة تحتاج فقط إلى مدخلات تدعم بها الدولة والجمعيات المزارع البسيط، ويقوم بإنتاج كميات كبيرة بمدخلات قليلة، وتكلفة صغيرة وسيكون مردودها وفيراً، كما أنها لا تحتاج إلى خدمة كبيرة عند الزراعة مثل الحشائش التي تنافس المحاصيل.
ويوضح أن مشروع “زراعة الصحراء والكثبان” في سهل تهامة سيشهد تنوعاً محصولياً من خلال زراعة محاصيل الحبوب، كالدخن الذي يُعتبر المحصول الرئيسي، ويزرع في كل المديريات الصحراوية والساحلية في تهامة، ومحافظة الحديدة، وله قيمة غذائية وصحية منفردة عالمياً، كما أنه غذاء رئيسي في تهامة، وتعتمد عليه أغلب العائلات والمزارعين.
ويزيد: “سيتم زراعة البقوليات أيضاً، والمحاصيل العلفية والقطنية، والتي تستمر بالنمو بعد حصاد الدخن، وتغطي جزءاً كبيراً من حاجة الحيوانات العلفية، وتتميز بأنها مرتفعة البروتين، وفيها فائدة كبيرة للمواشي.
ويشير إلى أن هناك نسبة أقل تزرع بعض الحبوب مثل الذرة البيضاء والرفيعة، والتي تتركز زراعتها شرق الكثبان الرملية في الأحواز بجوار الجبال، فضلاً عن المحصول الرئيس، وهو السمسم، والذي يعتبر من المحاصيل المطرية.

قروض تشجيعية
من جانبه يؤكد المدير العام التنفيذي لجمعية عبس الزراعية ماجد العظابي أنه توجد في مديرية عبس العديد من الأراضي الصالبة التي لا يتم زراعتها من قبل أهلها بسبب قلة الإمكانيات وكبر المساحة.
ويوضح أن جمعية عبس قامت بالتدخل عن طريق تمكين أصحاب الأرض من زراعة جزء من أراضيهم على أن تقدم لهم الجمعية قرضاً بنصف التكلفة من قيمة الحراثة والبذور، والنصف المتبقي يتم سداده وقت الحصاد نقداً أو عينياً.
ويشير إلى أن الجمعية أيضاً قامت باستئجار باقي الأراضي الصالبة من أصحابها على أن تعطي جمعية عبس لأصحاب الأرض ربع المحصول، وتم زراعة مساحة تقدر بحوالي 10آلاف معاد كمرحلة أولى، ثم قامت الجمعية بدراسة تكلفة زراعة المعاد الواحد وتوزيعها على المزارعين، وفق آلية مشجعة تحفز على الاستفادة من الأراضي في زراعة المحاصيل خاصة الحبوب.

حلول ومعالجات
وفي السياق يقول المدير التنفيذي للمؤسسة العامة لإنتاج البذور المحسنة المهندس عبد الله الوادعي إن الزراعة هي الشريان الرئيسي للشعب اليمني، ويعتمد عليها اقتصادياً، بحيث أنه لو تم معالجة مشكلة الزراعة لتم معالجة ما نسبته 75% من مشاكل اليمن.
ويفيد بأنه تنفيذاً لتوجيهات القيادة الثورية و السياسية والقيادة الزراعية ممثلةً باللجنة الزراعية والسمكية العليا، ووزارة الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية، تم تكليف أغلب طاقم وزارة الزراعة المرتبطين بهذا العمل من مؤسسة اكثار البذور، وهيئة تطوير تهامة، والوكيل سمير الحناني، وتم النزول وعمل العقود وتوفير البذور .
ويضيف أن المؤسسة حرصت على توفير البذور، وتوصيلها لكل جمعية، منوهاً بالعمل التكاملي في إطار مشروع زراعة الصحراء، وذلك ما بين الجانب السياسي والجانب المجتمعي، ممثلةً بوزارة الزراعة واللجنة الزراعية والسمكية العليا، والاتحاد التعاوني الزراعي مع الجمعيات الزراعية في سهل تهامة.
ويبين الوادعي أن نطاق عمل المشروع توسع من خلال تشبيك الجمعيات التي في المناطق الجبلية مثل محافظة ذمار وحجة وصنعاء مع جمعيات من الساحل ومن المناطق الجبلية، بحيث أنه يحصل استغلال الأرض الزراعية قدر الإمكان.
وينوه إلى أنه تم إنزال حراثات من المناطق الجبلية لكي يتم سد العجز في الاحتياج، لأن المساحة المستهدفة كبيرة جداً، تقدر بأكثر من مائة ألف هكتار.
وفي هذا الجانب يؤكد المدير التنفيذ للمؤسسة العامة لإكثار البذور المحسنة أن حوالي 35 جمعية من السهول التهامية التي تفاعلت، وحوالي 6 جمعيات من مناطق المرتفعات، تم التنسيق والربط ما بين الجمعيات، وإنزال حراثات، وهي حالياً تعمل في الميدان حوالي 136 حراثة ومرشحة للزيادة.
ويوضح الوادعي أن المؤسسة، وبتعاون عدد من المؤسسات الزراعية تمكنت من توفير نحو 5 آلاف كيس من البذور، تم توريدها إلى مخازن الجمعيات لتغطية الاحتياج المتزايد من البذور، مبيناً أن السلطة المحلية بالمحافظة عبر وحدة التمويل هي التي تلتزم بالتكاليف، إلى جانب توفير قروض بيضاء للمزارعين.
ويشيد الوادعي بالمواطنين سواءً المنتسبين للجمعيات، أو العاملين بصفة فردية على تعاونهم وتحملهم المسؤولية وتفهمهم لنوعية الزراعة التعاقدية الموجودة في أرض تهامة هذه الأيام، داعياً القطاع الخاص للدخول في مضمار الزراعة التعاقدية، والاستثمار الزراعي في ظل فرص ومزايا الاستثمار المواتية والمتاحة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى