تقاريرصحافة

زراعة الدخن في تهامة

مــــوروث ثـقــافـــــي واقـتـصــــادي

يشكل الدخن ركيزة أساسية في حياة سكان تهامة، حيث يزرع هذا المحصول الهام على مساحات شاسعة من أراضي المنطقة، ويعتمد عليه السكان بشكل كبير كمصدر دخل رئيسي وفي توفير الغذاء والعلف للحيوانات.

اليمن الزراعية – أيوب أحمد

ويقول مدير المنطقة الزراعية الوسطى المهندس يحيى حاتم إن زراعة الدخن تتجذر في تهامة منذ القدم، وهي جزء لا يتجزأ من التراث الثقافي للمجتمع المحلي، مضيفاً أن هذا المحصول يرتبط بالعديد من العادات والتقاليد، ويعتبر موسم زراعته مناسبة اجتماعية مهمة تجمع الأهالي من مختلف المناطق في ساحة واحدة أو يسمى “الخبت”.
ويسرد حاتم التحديات التي تواجه مزارعو الدخن، مؤكداً أن الكثيرين يعانون تحديات كثيرة، أبرزها:

  • الاعتماد على الأمطار: حيث يعتمد نجاح موسم زراعة الدخن بشكل كبير على الأمطار الموسمية، والتي قد تتفاوت من عام لآخر، مما يعرض المزارعون لخسائر فادحة في حال حدوث جفاف.
  • قلة الاستثمارات: لا يحظى قطاع زراعة الدخن بالاهتمام الكافي من حيث الاستثمارات الحكومية، مما يؤدي إلى تراجع الإنتاجية.
  • انتشار الآفات والأمراض: يتعرض محصول الدخن لهجوم العديد من الآفات والأمراض، مما يقلل من جودته وإنتاجيته.
  • تغير المناخ: يؤثر تغير المناخ سلباً على زراعة الدخن، حيث يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة وتغير أنماط هطول الأمطار.
  • قلة الوعي الزراعي: يعاني الكثير من المزارعين من غياب الدعم الفني والإرشاد اللازم الذي يمكنهم من استخدام المعاملات اللازمة لما بعد الحصاد أهمها انتخاب البذور وغياب هذا الجانب يجعل المزارعين يعتمدون على الأسواق في توفير بذور الزراعة والتي قد تأتي بجودة منخفضة وإنتاجية قليلة.

حلول ومقترحات
ويبين أن هناك العديد من الحلول التي يمكن اتخاذها لتعزيز زراعة الدخن في تهامة، منها:

  • تطوير أصناف محسن من الدخن مقاومة للجفاف والآفات والأمراض، ذات إنتاجية عالية.
  • إدارة التربة: تطبيق أساليب إدارة التربة السليمة للحفاظ على خصوبتها وتحسين قدرتها على الاحتفاظ بالماء.
  • مكافحة الآفات والأمراض: استخدام المبيدات الحشرية والبيولوجية لمكافحة الآفات والأمراض التي تصيب محصول الدخن.
  • التوعية الزراعية: توفير برامج تدريبية للمزارعين حول أحدث التقنيات الزراعية وأساليب الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية.
  • الدعم الحكومي: تقديم الدعم الحكومي للمزارعين من خلال توفير البذور المحسنة والأسمدة والمبيدات الحشرية بأسعار مناسبة، وتقديم القروض الزراعية.

آمال في المستقبل
ويشير حاتم إلى أن مزارعي الدخن في تهامة يأملون في توفير الدعم الحكومي اللازم لتطوير قطاع الزراعة، من خلال توفير البذور المحسنة، وتقديم الإرشادات الفنية، وتوفير كل التسهيلات اللازمة في زراعة المحصول، كما يطمحون إلى تسويق منتجاتهم بشكل أفضل، والحصول على أسعار عادلة للحد من الكساد.
من جانبه يقول ضابط سلسلة القيمة لمحاصيل الحبوب المهندس شمسان المنيري إن محاصيل الحبوب تشكل ركيزة أساسية للأمن الغذائي في اليمن، والدخن على وجه الخصوص له أهمية تاريخية واقتصادية كبيرة في منطقة تهامة، فهو يعتبر محصولاً استراتيجياً نظراً لتكيفه مع الظروف المناخية القاسية، وقدرته على النمو في الترب الفقيرة، مما يجعله مصدراً غذائياً أساسياً للسكان المحليين.
ويؤكد أن أهمية محصول الدخن لا تقتصر على الجانب الثقافي فحسب، بل تمتد إلى الجانب الاقتصادي أيضاً، فإلى جانب توفير الغذاء، يمكن الاستفادة من الدخن في الصناعات الغذائية المختلفة، مما يفتح آفاقاً جديدة لتسويقه كونه يمثل مصدراً للدخل بالنسبة للكثير من الأسر، ويساهم في تحقيق الأمن الغذائي، كما أنه مرتبط بالتراث الثقافي للمجتمع المحلي.
ويشير المنيري إلى أن هناك الكثير من الأسر في تهامة تعمل على بيع منتجات الدخن بشكل يومي سواء على شكل أقراص جاهزة “الكدر” أو بشكل مطحون أو ما يسمى “الرهي” ويتم استخدامها في تحضير أطباق محلية شهية كفتة الدخن الحارق، أو فته الدخن مع اللبن، أو مع الموز والعسل وكذلك في تحضير وجبة الزوم، وهناك من يستخدم طحين الدخن في صناعة الكعك واللحوح.
من جانبه يوضح رئيس جمعية اكتفاء بمديرية المروعة محمد عطية حدال إن محصول الدخن يعتبر كنزاً ثميناً لسكان تهامة، وهو موروث ثقافي واقتصادي لا يقدر بثمن، موضحاً أن من الضروري العمل على الحفاظ على هذا المحصول، وتقديم الدعم اللازم لمزارعيه، لضمان استمرارية هذا الإرث الزراعي.
ويشير حدال إلى أن الجمعية لعبت دوراً محورياً في دعم مزارعي الدخن، من خلال مشروع زراعة الصحراء والكثبان الرملية، حيث سعت جاهدةً لزيادة إنتاجية هذا المحصول الهام، وتوفير الدعم اللازم للمزارعين لضمان استمرارهم في هذا النشاط الزراعي الحيوي.
وينوه إلى مجموعة واسعة من الخدمات التي قدمتها الجمعية لمزارعي الدخن، منها:

  • توفير البذور المحسنة وعالية الجودة ومقاومة للأمراض والآفات، بالتعاون مع وحدة البذور باللجنة الزراعية والسمكية العليا وذلك بهدف زيادة الإنتاجية وتحسين جودة المحصول، بالإضافة إلى توفير قروض صغيرة للمزارعين لمساعدتهم على توفير المستلزمات والامكانيات الزراعية، منوهاً إلى أن لدى الجمعية خطط طموحة لتطوير قطاع زراعة الدخن، تشمل ما يلي:
  • تنظيم دورات تدريبية وتوعوية للمزارعين حول أحدث التقنيات الزراعية، وكيفية مكافحة الآفات والأمراض، والحفاظ على التربة.
  • مساعدة المزارعين في تسويق منتجاتهم، من خلال إنشاء قنوات تسويق فعالة لزيادة قوة المزارعين التفاوضية وتحسين قدرتهم على الوصول إلى الأسواق والحصول على أفضل الأسعار.
  • البحث عن أسواق جديدة لمنتجات الدخن، وتطوير منتجات غذائية جديدة تعتمد على الدخن.
  • تعزيز التعاون مع الجهات الحكومية لتوفير الدعم اللازم للمزارعين، وتطوير البنية التحتية الزراعية.

مهنة قديمة متجددة
وفي السياق يقول المزارع شكري علي هادي من مديرية المراوعة : “أنا أزرع الدخن منذ أن كنت صغيراً، وورثت هذه المهنة عن أبي وأجدادي، حتى أصبح الدخن جزءاً لا يتجزأ من حياتنا، فهو يربطنا بأرضنا وتراثنا”.
ويضيف: “يعتبر الدخن هو قوتنا اليومي، فهو مصدر غذائي أساسي لنا ولحيواناتنا، كما أنه يمثل مصدر دخل مهم، خاصة في مواسم الجفاف عندما تتأثر المحاصيل الأخرى، بالإضافة إلى ذلك، الدخن مرتبط بالعديد من العادات والتقاليد في مجتمعنا، فهو جزء من هويتنا”.
ويواصل: “نواجه العديد من التحديات، أهمها اعتمادنا الكلي على الأمطار، ففي حال قلت الأمطار أو تأخرت، فإن محصولنا يتأثر بشكل كبير، كما أننا نحتاج إلى بذور محسنة ومقاومة للآفات، خصوصاً بعد تعرضنا في الموسم السابق إلى العديد من الآفات التي سببت لنا خسائر فادحة من خلال تأخر نمو المحصول مما أدى إلى قلة الإنتاج.
ويأمل أن تحظى زراعة الدخن بالدعم الكافي من الحكومة، من خلال توفير البذور المحسنة، وتقديم الإرشادات الفنية، كما يأمل أن يتم تسويق منتجاتهم بشكل أفضل، والحصول على أسعار عادلة خلال هذا الموسم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى