الميزان هو العدل الذي لا يجور
الحسين اليزيدي
يشتري منصور أحمد دجاجة بشكل شبه دائم بسعر ثابت من 2000 إلى 3 آلاف ريالا دون نقصان في السعر، في الوقت الذي تتدنى أسعار الدجاج بين الفترة والأخرى، الأمر الذي خلق حالة من الاستنكار لدى منصور أحمد ومستهلكو الدجاج بطرح العديد من التساؤلات منها إلى متى تستمر عشوائية تسويق الدواجن بعدم البيع بالوزن.
يؤكد المستهلك منصور أحمد أن أسعار الدجاج الحي مرتفع في السنوات الأخيرة ولا تتغير بتغير حجم الدجاجة وأن هذا السعر يحدده المسوقين باجحاف كبير في حق المستهلكين.
ويدعو، الحكومة إلى اتخاذ خطوات جادة وحقيقية لتثبيت أسعار الدجاج بالوزن بدلا من هذه العشوائية في التسويق التي ضحيتها المستهلك.
خسارة
يشكو كبار وصغار منتجو الدواجن من عشوائية التسويق الحاصلة الآن، يقول محمد الزاهري أحد منتجي كبار الدواجن، أنهم يتعرضون للخسارة في كل فترة وأن العديد من المستثمرين العاديين في الدواجن يتركون هذه المهنة بسبب الخسارة التي تلحق بهم واصبحت الكثير من هناجر الدواجن خالية تَعرض مُلاكها للخسارة بسبب العشوائية في البيع.
ويضيف الزاهري أن الحل الوحيد هو تنظيم التسويق في كل سلاسل القيمة ولن يكون ذلك إلى بالبيع بالوزن.ويوضح، “البيع بالوزن يضمن رأس المال لنا ككبار المنتجين ويتيح لنا هامش ربح بالمعقول، كما يضمن حقوق المسوقين”الدلالين” بهامش ربح حقيقي دون المساس بحق المستهلك.
ويشير، إلى أن ارتفاع تكاليف إنتاج الدواجن لدى كبار منتجي الدواجن يفرض عليهم زيادة في سعر الدجاجة بهامش ربح مجزي،يقول: هذا الأمر لا يتم وفق هامش الربح الذي وضعناه إنما يتحكم بالسعر المسوق بشكل مباشر وغير مباشر.
بدوره نبيل الوادعي من صغار منتجي الدواجن”، وبائع دجاج منذ سنوات طويلة، يرى أن الميزان هو العدل الذي لا يجور يقول: الميزان بالنسبة لي هو العدل الفاصل الصادق بين المنتج والمستهلك، بين المزارع والتاجر، فعندما أبيع الدجاج بالوزن، أكون عادل مع المزارع الذي تعب وربى الدجاج، ومع الزبون الذي يدفع مقابل الكمية الحقيقية من اللحم، بدون غش ولا استغلال.
يضيف الوادعي، “المزارعين الصغار يعانون، إذ أن أسعار البيع في الجملة تكون متدنية، بدون رحمة ولا إنصاف، وبعض المسوقين والموزعين يضغطون عليهم ويشترون الدجاج بأسعار بخسة، بينما يبيعون للمستهلك بأضعاف مضاعفة، ويحققون أرباح تتجاوز 100%، ما تسبب عدم البيع بالوزن بحالة من الكساد المفتعل وأثر على صغار المزارعين، وجعل كثير منهم يتخلون عن تربية الدواجن.
ويستطرد: إن البيع بالوزن يحفظ حق الجميع، بدءا بالمزارع الذي يحصل على تعبه بإنصاف، والتاجر يحقق ربحًا معقولًا، والمستهلك يحصل على منتج طازج ومضمون بدون زيادة أسعار غير مبررة، وبهذه الطريقة، يكون السعر عادل للجميع، ويُساهم في الحفاظ على صغار المزارعين واستمرارهم في الإنتاج.مضيفا، إلى أن البيع بالوزن يساعدنا في التقليل من احتكار الشركات الكبيرة المستوردة للدجاج المجمد، فعندما يشتري المستهلك دجاج طازج بالوزن، يعد ذلك تشجيع للسوق المحلي ودعم لصغار المنتجين، وهكذا نساهم في دعم الاقتصاد الوطني وتقليل الاعتماد على المنتجات المستوردة.
عرضة للاحتكار
وفي هذا الصدد يشير المهندس هلال الجشاري ضابط سلسلة قيمة الدواجن، إلى أهمية قطاع الدواجن للاقتصاد الوطني في بلادنا نظرا لفاتورة الاستيراد الباهضة من الدواجن، التي تتطلب الاهتمام بكل مراحل سلسلة القيمة.
ويوضح، أن سلسلة القيمة للدواجن تتكون من منتجي صيصان أمهات دجاج اللحم والبياض ومنتجي صيصان دجاج اللحم والبياض، ومن منتجي دجاج اللحم ومنتجي بيض المائدة، ثم إلى الوسطاء والتعبئة والتخزين والتبريد، ثم لمرحلة جديدة وهي عمليات الشحن والنقل، وتنتقل لأسواق الجملة والبيع المباشر، وتستمر السلسلة للمسالخ الآلية واليدوية ثم تنتقل لمحلات بيع المفرق والمطاعم والفنادق وتنهتي السلسلة إلى المستهلك النهائي.
وينوه ضابط سلسلة الدواجن إلى أزمة ارتفاع أسعار الدواجن التي باتت تنافس الأسعار العالمية، مع تزايد الفجوة بين العرض والطلب على المستوى المحلي، يقول: في بلادنا يتسم سوق الدواجن بتذبذب الأسعار؛ إذ قد تصل الزيادة إلى 80% في ظل شح المعروض وارتفاع تكاليف الإنتاج، ما يبرز أهمية البيع بالوزن كأحد الحلول التي قد تخفف من هذه الأزمة.
يضيف، يرتبط ارتفاع الأسعار بتحديات عدة، منها اعتماد البلاد على مجموعة محدودة من المستثمرين الذين يسيطرون على مختلف مراحل سلسلة الإمداد، بدءًا من فقس البيض واستيراد الأعلاف، وحتى الذبح والتسويق. هذه السيطرة جعلت القطاع عرضة للاحتكار، ما أسهم في استنزافه وإضعاف فرص نموه بشكل مستدام.
ويؤكد المهندس الجشاري، أن البيع بالوزن يعزز الشفافية ويحدّ من التلاعب الذي يمارسه بعض الوسطاء في السوق، كما يوفر خيارًا تنافسيًا يدفع المنتجين لتحسين جودة الدواجن وزيادة الأوزان، مما يسهم في استقرار الأسعار وتلبية احتياجات المستهلكين.
مستطردا، بجانب الإصلاحات على مستوى البيع، تبرز الحاجة إلى تطوير الاستراتيجيات الإنتاجية المحلية عبر تفعيل الزراعة التعاقدية، وتشجيع الإنتاج المحلي للأعلاف واللقاحات، والعمل على تطوير سلالات محسنة من الدواجن لخفض التكلفة على المدى البعيد.
وعن الجهود المبذولة في قطاع الدواجن يقول المهندس هلال الجشاري ضابط سلسلة القيمة للدواجن، بدأنا بتشكيل وحدات دواجن على مستوى كل جمعية وكل مديرية وتشبيك هذه الوحدات مع مربي الدواجن وبدأنا بتنفيذ مسح منشئآت الدواجن على مستوى المحافظات الحرة وقد تم استكمال المسح في الحديدة، التي يوجد فيها أكبر تجمع للدواجن بنسبة 80% من اجمالي الدواجن في البلاد، كما بدأنا المسح في حجة وكل مناطق تهامة.
يضيف، أن الخطوة التالية ستكون بتفعيل الزراعة التعاقدية وتوفير أعلاف الدواجن عبر وحدات الدواجن والجمعيات الزراعية وخفظ فاتورة الاستيراد من الأعلاف وتوجيه المستوردين لدعم المنتج المحلي. كما نطمح لتنفيذ كثير من البرامج والمشاريع ضمن سلاسل القيمة وفق مسارين أساسيين الأول تنظيم وإدارة قطاع الدجاج التجاري، وعلى مسار آخر تحسين واكثار الدجاج البلدي.
ويشير، المهندس الجشاري إلى انه قد تم تنفيذ العديد من النزولات الميدانية وعمل دراسة متكاملة للوضع الراهن لقطاع الدواجن في البلاد، وبناء مصفوفة متكاملة تضم جميع الشركاء في السلسلة.وأنه خلال الأيام القادمة سيتم جمع الشركاء وعقد ورشة عمل لتنفيذ هذه المصفوفة ضمن برنامج سلاسل القيمة للدواجن.
الحلول
يرى خبراء اقتصاديين أن سياسة استيراد الدواجن المجمدة من الخارج تضاعف المشكلة وتخلق فجوات أكبر، ومن هنا تأتي الدعوة إلى تعزيز الإنتاج المحلي من خلال إجراءات إصلاحية، تشمل تحسين سلسلة الإنتاج، وفتح السوق أمام المزيد من صغار المنتجين، وتفعيل مبدأ البيع بالوزن الذي يمنح المستهلك القدرة على الحصول على القيمة الفعلية للدجاج، ويوسع المنافسة العادلة ويقلص من استيراد الخارجي المثلج الأمر الذي سيعود بالفائدة على الاقتصاد الوطني خصوصا أن فاتورة البلاد من الدجاج ومدخلات الإنتاج، تتجاوز 600 مليون دولار كثاني فاتورة بعد القمح.
المهندس هلال الجشاري ضابط سلسلة القيمة للدواجن