يعتبر التسويق الزراعي عاملاً رئيسياً وضماناً أساسياً لتحقيق النهضة الزراعية، وبناء الاقتصاد الوطني، إذا ما تم تفعيله بالشكل الصحيح، وفق رؤية حقيقية واقعية.
في بلادنا كان التسويق الزراعي شبه غائباً نتيجة للسياسات القائمة على الاستيراد، واهمال المنتجات والمحاصيل الزراعية المحلية، بالإضافة إلى غياب الرؤية القرآنية الصحيحة القائمة على العمل والتوكل.
اليمن الزراعية – أيمن قائد
و ما إن جاءت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر جعل السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- جل اهتمامه في العمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي وفق موجهات عملية تُرجمت ونُفذت من خلال عدة أعمال وإجراءات جميعها تصب لهذا الهدف المنشود للوصول إلى تحقيق نهضة زراعية عظيمة، ولذا كان من ضمن الأولويات هو تفعيل التسويق الزراعي، والتوسع في إنشاء الأسواق الزراعية، وبما يتناسب مع الزيادة في كميات الإنتاج وإيجاد الحلول المناسبة التي تعود بالفائدة للمزارع وللمنتج وللمستهلك، والتي من أبرزها حل الإشكالات التي تواجه المزارع والمنتج والمستهلك بطرق سليمة ونافعة.
وفي سبيل ذلك يجري الآن العمل على تطبيق آلية البيع والشراء بالأوزان، وذلك لما لها من فائدة مشتركة للجميع تضمن الحقوق، وتحمل عدة فوائد قيمة.
يقول نائب مدير عام التسويق والتجارة الزراعية علي الهارب بأنهم يعملون حالياً على تطبيق آلية بيع وشراء المنتجات الزراعية بالوحدات القياسية الكيلوجرام في أسواق أمانة العاصمة، والمحافظات وفقاً للقرار المشترك بين وزارتي الزراعة والصناعة، وذلك تنفيذاً لتوجيهات القيادة الحكيمة والحكومة لتعزيز الأمن الغذائي والرقابة على المنتجات الزراعية.
ويوضح الهارب عبر صحيفة “اليمن الزراعية” بأن آلية البيع بالوزن تهدف بدرجة أساسية إلى ضمان حقوق المزارع والمسوق والمستهلك ومنع التلاعب بالأسعار أثناء البيع والشراء من مكان إلى آخر، مشيراً إلى أن هذه الآلية تأتي في إطار حرص الدولة على تطبيق شرع الله تعالى الذي أمر عباده بالبيع بالوزن والمكيال، وتوعد المخالفين بالخسران المبين، قال تعالى: [ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إلا وسعها]، كما أنها تمنع الغش الذي نهى عنه الرسول -صلى الله عليه واله وسلم.
ويضيف أن آلية البيع بالوزن لها فوائد عديدة على المزارعين، ومنها تقليل فاقد ما بعد الحصاد؛ لأن البيع بهذه الطريقة يحقق زيادة في دخل المزارع، حيث كانت تذهب لصالح التجار والوسطاء، فضلاً عن رفع جودة المنتجات نتيجة تحسن معاملات الحصاد وما بعده، وإنهاء تلاعب الوكلاء والدلالين بالسعر والذي يخدم المزارع أيضاً.
ويتابع:” هذه الآلية منصفة للجميع سواءً للمزارع من خلال تحسين دخله، أو الوكلاء، والوسطاء بحصولهم على منتج ذي جودة عالية وضمان عدم الغش من قبل المزارع، إلى جانب تقليل فاقد العرض والتداول نتيجة التعبئة الزائدة”، مضيفاً أن هذه الآلية تمكن المستهلك من الحصول على منتجات زراعية ذات جودة عالية وبدرجات متفاوتة تلبي قدراته الشرائية وتسهم في توفير المنتج لفترة أطول.
ويرى أن آلية بيع وشراء المنتجات الزراعية بالوزن لها دور في تحفيز المزارعين على إتباع أساليب وممارسات سليمة وصحيحة منها القطف المناسب وقت نضج الثمار والنقل والتعبئة الجيدة التي تحافظ على جودة ومظهر المنتج وتساعد على إطالة عمره التسويقي.
ويؤكد الهارب أن بيع المنتجات الزراعية بالكيلوجرام سيسهم في ضمان استمرار التعبئة المناسبة للحفاظ على المنتج وجودته وتحسين سمعته لدى المستهلك بما يؤدي إلى زيادة الطب والإقبال عليه ورفع قيمته الشرائية، معتبراً تطبيق ومتابعة تنفيذ القرار مسؤولية الجميع دون استثناء، متمنياً بأن يكون هناك دور لوسائل الإعلام المختلفة في نشر الوعي للمجتمع وتعريفه بأهمية الشراء بالوزن بالكيلو جرام.
وفيما يتعلق بضمان تنفيذ آلية البيع والشراء بالأوزان التي هي من أولويات وزارة الزراعة بالتطبيق حسب قوله، وذلك من خلال الاعتماد على الفريق الميداني المتخصص، ومكاتب الزراعة في المحافظات والتي ستتولى المتابعة والرفع بتقارير دورية عن نسبة الإنجاز، معتبراً بيع المنتجات الزراعية بالوزن يضمن استمرار التعبئة الكفيلة بالحفاظ على جودة المنتج، وسلامته وتحسين سمعته، مما يجعله منافساً في الأسواق محلياً وخارجياً. ويضيف أن البيع والشراء بالوزن يضمن منافع وحقوق المزارع والمسوق والمستهلك وتسويق المنتجات وبأوزان ثابتة وموحدة في جميع الأسواق.
ويؤكد الهارب على أهمية الوعي بدور الآلية الجديدة في تلبية رغبات وأذواق المستهلكين، وحصولهم على منتجات متجانسة وذو أوزان موحدة تزيد من العائد الاقتصادي، وتجنيب المزارع والمسوق والمستهلك الخلافات التي تحدث أثناء عملية البيع والشراء.
ويقول إن الآلية ستمكن الجهات المعنية من حساب كميات الطلب والعرض وموازنة الكميات المعروضة في الأسواق واتخاذ القرارات اللازمة بشأن ذلك، كما تعطي المنتج سعره المستحق، وتحقق الربح الكافي للمزارع، وتمنحه القدرة على التفاوض في السعر، ومنع الاحتكار والتلاعب بالأسعار من قبل المسوقين.
كما يرى أن تطبيق قرار البيع بالوزن يمثل خطوة إيجابية تحفظ للمزارع منتجه في مواسم جني الفواكه، وتقلص فاقد ما بعد الحصاد الذي يصل إلى 30% بسبب عشوائية التعبئة جراء تراكم السلال عليها وإصابتها بخدوش وتشوهات وتلف الكثير منها؛ وأن لها فوائد عدة يكسبها التجار والمزارعون.
وبخصوص تطبيق آلية البيع والشراء بالوزن يقول علي الهارب: “سيتم تطبيقها بعد تنفيذ حملة إعلامية واسعة وبعد أن يفهم الأهداف جميع الفئات في المجتمع من المستهلكين والمسوقين والمنتجين ويوصل الوعي الكامل بعدها يبدأ التنفيذ -إن شاء الله- وستكون نسبة نجاح الآلية كبيرة جداً، لاسيما إذا تم تنفيذ الحملة الإعلامية بشكل واسع، وبتعاون جميع الجهات، وجميع المستفيدين حسب قوله.
التسويق ووعي المجتمع
ويلفت إلى مدى الاستهداف الذي تعرض له التسويق الزراعي خلال الثلاثة العقود الماضية، حيث كان هناك استهداف مباشر وآخر غير مباشر، وبشكل كبير جداً منها عدم اصدار قوانين، وأنظمة تنظم أعمال التسويق المحلي أو الخارجي وفتح المجال لاستيراد المنتجات الخارجية والتي ننتج منها محلياً وبشكل كبير وجودة عالية، ولكن تسهيل إجراءات الاستيراد للمنتجات الخارجية كان بهدف ضرب المنتج المحلي، وتدمير الحراك الزراعي.
ويبين أن التسويق الزراعي في اليمن ينقصه وعي المجتمع باستهلاك المنتج المحلي، وكذلك إصدار بعض القوانين التي تحفظ مكانة وسمعة المنتج المحلي، وتحافظ عليه، وكذا توفير بعض البنية التحتية في الأسواق الزراعية، مؤكداً أن أهم وسيلة لتخفيض فاتورة الاستيراد هي تنفيذ الزراعة التعاقدية بشكل صحيح وكذا وعي المجتمع باستهلاك المنتجات المحلية، ووعي المزارع بتحسين جودة منتجاته.
ويشير إلى أن دور القطاع الخاص كبير جداً ومهم في إحداث تحرك كبير ومؤثر في جانب التسويق الزراعي، ويكمن ذلك في إنشاء معظم البنية التحتية التسويقية مثل الثلاجات المركزية ومعامل الصناعات التحويلية والانضمام والمساهمة في شركات الزراعة التعاقدية، وكذلك في الشركات التصديرية وفي إنشاء شركات تسويقية محلية ودولية، وكذا دورهم مؤثر في مجال الاستثمار الزراعي في تبني معظم المشاريع الزراعية والتي تساهم في دعم وتطوير جودة المنتجات المحلية.
أما فيما يتعلق بالتسويق الإلكتروني يقول الهارب : “نعمل حالياً على تطوير التسويق الالكتروني الذي مازلنا في أول مراحل تطوير وتحديث التسويق المحلي لكن هناك جهات أخرى تعمل على هذا المشروع سوف يكون بالتنسيق مع المؤسسات والادارات المتخصصة في وزارة الزراعة وكذلك مع المؤسسات التي تقدم الخدمات التسويقية.
ويرى أن النهوض بالتسويق الزراعي يكمن من خلال عدة اجراءات منها إصدار قوانين وأنظمة تسهل إجراءات تصدير المنتجات المحلية وكذا تنظم عملية الاستيراد للمنتجات التي يمكن إنتاجها محلياً وكذلك تنفيذ مشروع الزراعة التعاقدية ووعي المستهلك باستهلاك المنتجات المحلية والتزام المزارعين بتنفيذ مراحل التسويق السليمة، وإنشاء أسواق زراعية نموذجية مركزية، وتنظيم التسويق في الدول الأخرى وفتح نقاط توزيع جديدة خارجية ، مردفاً كذلك مشاريعنا الحالية في التسويق الزراعي إنشاء أسواق زراعية مركزية نموذجية في المحافظات تتوافر فيها كل مقومات الأسواق النموذجية، وتنفيذ مشروع الزراعة التعاقدية ؛ حسب رؤيته.
حلول مرضية للجميع
وعلى صعيد متصل يؤكد التاجر صدام الشرع بأن آلية البيع والشراء بالأوزان هي الطريقة الأنسب لحل الإشكالات التي تواجههم في الأسواق في حال تطبيقها بالشكل الصحيح، مشيراً إلى أهمية تطبيق هذه الآلية ودورها في التجنب للغش الذي يحصل عند وضع المحصول المتدني أسفل السلة فيما أن المنتج القيم يكون في أعلى السلة مما يحقق الغش.
ويقول التاجر الشرع عبر اليمن الزراعية أن تطبيق آلية البيع بالكيلو هي الحل المرضي للجميع والذي يعطي قيمة مادية عالية، موضحاً بأن تُقسم السلة لثلاثة أصناف بحيث يكون هناك صنف أكثر جودة وطيب، وبعده بدرجة متوسطة، ويليه بدرجة أقل وكلاً بسعره وقيمته.
ويشير إلى أهمية تطبيق هذه الآلية من الجميع دون استثناء ليتسنى النجاح لجميع الفئات ولكل المنتجات الزراعية بمختلف أصنافها، داعياً الجهات ذات العلاقة لمراقبة الوضع باهتمام كبير وبالغ بشكل مستمر.