تقاريرصحافة

الفاكهة الذهبية

البـرتقـال بين وفـرة الإنتـاج وزيـادة التصديـر

يعمل المزارع يحيى بن عبيد بلا كلل، ولا ملل، في مزرعته الواقعة في محافظة الجوف. ويقول إنه يزرع 6 هكتارات من البرتقال، والتي تنتج قرابة 2500 سلة، ويُقدر بيعها من 13 مليوناً إلى 15 مليوناً في سوقٍ حر غير منتظم، الأمر الذي يجعله مع مزارعين يرفعون أصواتهم عالياً، مطالبين بتنظيم تسويق البرتقال، إما بالوزن، أو بأي طريقة تؤدي لرضا كل الأطراف في حلقة التسويق. أما المزارع علي مقبل، فيقول إنه يزرع 200 لبنة، تنتج 1000 سلة، مشيراً إلى أن أبرز المشاكل التي تواجهه، هي عدم وجود إرشاد زراعي، لافتاً إلى أنهم يواجهون صعوبات في تكاليف الإنتاج من عمال، الذين يعملون في الحرث، وتقليب الأرض، ورش الأشجار، وسقيها، والحصاد.

اليمن الزراعية – الحسين اليزيدي

ويقول المزارع مقبل: “هذا العام توجهت للتوسع في زراعة البرتقال، وقمت بشراء الشتلات، وبدأت في الزراعة.. بين كل شتلة وشتلة قرابة 3 أمتار لإتاحة النفس، والأكسيجين بعد ارتفاعها عن الأرض.
ويضيف: “خسرت أكثر من 15 مليوناً قيمة الشتلات، وغرسها، والاهتمام بها، وتكاليف الماء والعمال.
ويواصل: ” على الرغم أنني مزارع إلا أنني توجهت للتجارة في البرتقال، حيث أقوم بشراء عدد كبير من المساحات المزروعة للتخفيف من معاناة المزارعين في النقل، ولكن نحن نواجه صعوبة كبيرة في التسويق في صنعاء، في سوق ذهبان المركزي، وما نتعرض له من ابتزاز، بداية من البوابة على كل شاحنة نقل ندفع 2500 ريال، ويأخذ الدلال 500 ريال على كل سلة، وتذهب 5% من قيمة البيع للمكتب المسؤول عن السوق، وعلى خدمات لا نرى لها أي أثر، منوهاً إلى أنها مبالغ يتم فرضها عليهم، دون وجه حق، ولا سندات رسمية.
ويشير إلى أنهم ناشدوا الجهات المعنية لكن لم يتلقوا جواباً، أو توضيحاً.
وبحسب كتاب الإحصاء الزراعي للعام 2022م، فقد بلغت المساحة المزروعة بالبرتقال في اليمن 8093 هكتاراً، وبلغت كمية الانتاج 128476 طناً.
وبحسب المصدر نفسه، فقد جاءت محافظة مأرب في المرتبة الأولى، بمساحة تقدر بحوالي 4602 هكتاراً، وكميات الإنتاج 78234 طناً، وتليها محافظة الجوف بمساحة 1648هكتاراً، وكمية الإنتاج 23636 طناً، كما جاءت محافظة صعدة في المرتبة الثالثة، بمساحة تقدر بحوالي 314 هكتاراً، وبلغت كمية الانتاج 6374 طناً.
أما اليوسفي، فقد بلغت المساحة المزروعة للعام 2022 في 1500هكتاراً، وبلغت كمية الانتاج 23025 طناً، حيث تتصدر محافظة مأرب المحافظات المنتجة لليوسفي بمساحة 370 هكتاراً، وبكمية إنتاج بلغت 5906طناً، تليها محافظة صعدة بمساحة 230 هكتاراً، وبلغت كمية الإنتاج 5520طناً، فيما احتلت محافظة الجوف ثالثاً بمساحة 340 هكتاراً، وبلغت كمية الانتاج 4080 طناً.

الجمعيات التعاونية
وبحسب مدير مكتب الزراعة في حريب القراميش بمأرب وممثل جمعية حريب القراميش التعاونية الزراعية قاسم ربيح فإن الجمعية قدمت للمزارعين الارشاد الزراعي، وبدأت بخطوات جادة نحو الزراعة التعاقدية، إذ أن الجمعية وعدت التجار بمواصفات معينة، وجودة عالية للإنتاج من البرتقال على أن يلتزم التجار بالشراء من الجمعية، ولكن ذلك لم يتم .
ويضيف: “بدأنا بتفعيل الزراعة التعاقدية، ولكن التجار أخلَّوا بالاتفاق”، وبدأوا بالشراء من السوق الذي لا يتم فيه البيع بشكل منتظم، و الذي يحتكم على المضاربة في الشراء من المزارعين.
ويؤكد ربيح أن الجمعية بصدد إعداد خطط لتكون لاعباً فاعلاً في حلقة السلسلة للبرتقال واليوسفي لتنظيم التسويق والتوسع في الزراعة للتصدير.

من الاستيراد إلى التصدير
التاجر عبد السلام الصمدي التاجر، الذي بدأ نشاطه التجاري في الزراعة بتوريد المنتجات من الخارج، يتحدث عن تحوله من استيراد البرتقال إلى تصديره.
ويقول : “في البداية كنت أستورد البرتقال، وبعض الفواكه من الخارج، ولكن مع التوجه نحو الاكتفاء الذاتي، قررنا أن نركز على الإنتاج المحلي من البرتقال واليوسفي، حيث قمنا بإصلاح الثلاجات الكبيرة في الستين بأمانة العاصمة لتخزين المنتجات، وبدأنا بالبرتقال، والتفاح.
ويؤكد التاجر الصمدي أنه الوحيد الذي نجح في شراء المنتج المحلي من البرتقال، وأن هذا من دواعي فخره وسروه، قائلاً: “أنا الوحيد الذي نجح في التعامل مع المنتج المحلي من البرتقال رغم أن بعض التجار أبدوا ترددهم، وفضلوا العمل بالاستيراد خصوصاً العام الماضي، إلا أنني فضلت على العمل محلياً، والآن لدي 14 مخزناً في أمانة العاصمة لتخزين الفواكه أهمها البرتقال”.
وخلال هذا الموسم توجه الصمدي لشراء مزارع برتقال في محافظتي مأرب والجوف، مؤكداً أن هذا الاستثمار ساعده على دخول مجال التصدير.
ويواصل: حالياً، نحن نصدر منتجاتنا، واشترينا العام الماضي أكثر من 3 آلاف طن من البرتقال المحلي، كما قمنا بتوسيع عمليات التسويق في مختلف المحافظات، والآن عدت من الاستيراد إلى التصدير، وأعمل على تعزيز هذا الاتجاه، وأتوقع أن اشتري هذا العام 4 آلاف طن من البرتقال واليوسفي.

مشكلات التسويق
وفي السياق يؤكد مدير إدارة التسويق في الاتحاد التعاوني الزراعي بكيل طاهر أن مشكلات التسويق الزراعي في اليمن تؤثر بشكل مباشر على المزارعين والمستهلكين على حد سواء.
ويرى أن أبرز التحديات التي تواجه مزارعي البرتقال تتمثل في سوء تنظيم الأسواق، وهيمنة الوسطاء والدلالين، مما يؤدي إلى تضخم الأسعار على حساب المزارع والمستهلك.
ويقول: “يتعرض المزارعون لتأخيرات في تسديد مستحقاتهم من قبل الوكلاء، التي قد تمتد لأشهر، إضافة إلى رسوم باهظة تُفرض في الأسواق، مثل الرسوم المرتفعة التي تصل إلى خمسة أو ستة آلاف ريال لدخول السوق فقط”، مشيراً إلى أن السوق يعاني من هيمنة الدلالين والوكلاء الذين يسيطرون على تسعير المحاصيل من خلال مجموعات مغلقة في تطبيقات مثل “واتساب”، ما يجعل المزارع مجبرًا على القبول بأي سعر يُعرض عليه.
ويضيف أن الوكلاء يسيطرون على معظم البسطات داخل الأسواق، مما يحقق لهم أرباحًا كبيرة دون وجود منافسة عادلة.
ويتحدث عن الجهود التي يبذلها الاتحاد التعاوني الزراعي بالتنسيق مع الإدارة العامة للتسويق الزراعي ووزارة الزراعة، حيث تم التوافق على تقليص الرسوم المفروضة، وإلزام عمليات البيع بالوزن لضمان حقوق المزارعين، موضحاً أن هناك مساعٍ لخلق وعي لدى المزارعين بأهمية البيع بالوزن وهو الحل لكل اشكاليات التسويق لضمان سعر عادل، مشيرًا إلى أن أرباح الوسطاء قد تصل إلى 100% أو أكثر، وهو أمر يتطلب تدخلاً حكوميًا لضبط السوق.
ويشدد على ضرورة تحسين البنية التحتية للأسواق الزراعية، من خلال إنشاء أسواق حديثة تتبع المعايير البيئية والصحية، لافتاً إلى أن الأسواق الحالية تفتقر إلى التنظيم والنظافة، داعياً إلى إنشاء لجان عادلة لتحديد أسعار المحاصيل بما يحقق الفائدة للمزارعين ويجذب المشترين.
ورغم هذه التحديات، عبّر عن تفاؤله بموسم البرتقال لهذا العام الذي شهد إنتاج أصناف ذات جودة عالية، مما يفتح آفاقًا جديدة للتصدير، ويعود بفوائد كبيرة على الاقتصاد الوطني، إذا تم تنظيم العملية بشكل صحيح.
ويختتم حديثه بالتأكيد على ضرورة اتخاذ خطوات جدية لحل هذه المشكلات وتحقيق التوازن في السوق بما يخدم المزارعين والمستهلكين على حد سواء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى