إرشاداتصحافة

الموروث الحضاري الزراعي عامل جودة حاسم للمنتجات الزراعية اليمنية

د. يوسف المخرفي

يتمثل الموروث الحضاري فيما يتم توارثه عبر الأجيال من الآباء والأجداد إلى الأحفاد من جوانب حضارية مادية ومعنوية، وفي مقدمتها سبل العيش والقوت، وبالذات الزراعة والاصطياد السمكي.
ونؤكد على الترابط الزماني والمكاني بين ثلاثية الحضارة والثقافة والزراعة، فحينما وحيثما وجد الإنسان التربة الخصبة والمياه العذبة، استقر عن التنقل والترحال، ومارس الزراعة، وبنى الحضارة، وأوجد ثقافة خاصة به والتي تميزه عن غيره من البلدان والحضارات.
ونمتلك في اليمن موروثاً حضارياً زراعياً وسمكياً تعلمناه من الطبيعة، وعلمناه للبشرية جمعاء، فأهل اليمن أول من بنوا سد مأرب العظيم لحصاد المياه في بيئة مطرية غير نهرية، وشيدوا المدرجات الزراعية في السفوح الغربية للاستفادة من بيئتها المطرية الرطبة، وشيدوا البرك في كل ناحية وزاوية منها، كما رسموا معالم الدورة الزراعية السنوية، وأوجدوا لها تطبيقات زراعية حازت على منتجات ذات جودة عالية وعالمية.
ولكن هل تم حصر وتوثيق كل هذا الموروث الحضاري الزراعي من خلال إجراء مئات، بل وآلاف الدراسات العلمية والأكاديمية، ليس بغرض الحصر والتوثيق، بل واستدامة التنفيذ والتطبيق.
وأجدني موضوعياً مجبراً هنا لأسوق ثلاثة أمثلة جديرة بأن يضرب بها المثال الحضاري بطول الدنيا وعرضها، وبقامة التاريخ ماضي وحاضر ومستقبل، فهناك من الآليات المتبعة في زراعة وحصاد وتجفيف وفصل البن عن قشوره، لا تستطيع تقليدها الآلات الحديثة هي التي جعلت منه الأجود عالمياً على الإطلاق، وتستدعي منا حفظ هذا الموروث وتناقله عبر الأجيال والعمل به يدوياً لا آلياً.
والمثال الثاني الذي يضرب به المثال زراعة الأعناب بدورة وآليات مثل القبس والتحطيب والظل والتغطية الحمائية تضمن بأن يكون الأجود عالمياً.
ومثال ثالث وما أكثر الأمثلة في ذلكم الموروث الزاخر بسماوات من الإبداع، تجفيف الأعناب لصناعة الزبيب بآليات مرتبطة جميعها بالتجفيف الذي يجعل منه الأجود عالمياً أيضاً.
وأخيراً، نوصي، ونؤكد على ضرورة حصر وتوثيق الموروث الحضاري الزراعي وتنفيذه واستدامة تطبيقه، وحمايته من التجارب الدخيلة التي لن يكتب لواحدة منها النجاح في بلاد زاخر بالتجارب الموروثة والفعالة.

*أستاذ العلوم البيئية والتنمية المستدامة المساعد بجامعة 21 سبتمبر للعلوم الطبية والتطبيقية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى