فتحي الذاري
يُعتبر الموروث الزراعي جزءًا أساسيًا من التراث الثقافي لأي مجتمع، وهو يمثّل مجموعة المعارف والممارسات والتقاليد التي تم تطويرها عبر الأجيال في مجال الزراعة، وتتداخل اقتصاديات الموروث الزراعي مع القضايا الاجتماعية والبيئية، حيث تساهم الممارسات الزراعية التقليدية في كفاءة وزيادة الإنتاج الزراعي.
ويستخدم المزارعون في المجتمعات المختلفة في بلادنا المعارف التاريخية لاستدامة إنتاجهم الزراعي للتخفيف من مخاطر الاعتماد على المحاصيل المعتمدة على أنظمة الزراعة الحديثة، والاعتماد على الأسمدة والمبيدات التي يعتبرها المزارع اليمني دماراً للتربة، وخطراً استراتيجياً.
ويزود الموروث الزراعي المجتمعات المحلية بفرص العمل والدخل، فمن خلال الحرف الزراعية التقليدية التي توارثوها من الآباء والأجداد، تصبح هذه الحرف عبارة عن ميكنة زراعية تقليدية، وبذلك يضمن المزارع لمنتجاته التسويق العادل، مما يعزز اقتصاد المزارعين الخاص والاقتصاد العام للبلاد.
كما يمكن أن تُحسّن هذه الأنشطة من الدخل الأسري وتساهم في تخفيف الفقر، وتعتبر طرق الزراعة التقليدية غالباً أكثر استدامة مقارنة بالأساليب الحديثة، حيث تعتمد على استخدام الموارد الطبيعية بشكل أكثر فعالية كما ذكرنا سابقاً من خلال استخدام الأسمدة العضوية والتقنيات التي تحافظ على التربة والمياه. يساند الموروث الزراعي الحفاظ على البيئة، وتقليل التأثيرات الضارة الناتجة عن الزراعة الصناعية.
نستطيع القول إن الموروث الزراعي لا يؤكد فقط الجوانب الاقتصادية، بل أيضاً يعزز الهوية الثقافية للمجتمعات، فتقاليد الزراعة في مواسم الحصاد، والعادات المرتبطة بالأغذية تساهم في تشكيل هوية المكان وتقاليده.
من خلال الحفاظ على هذه الممارسات يمكن تعزيز التراث الثقافي، وتعزيز الإحساس بالانتماء للمجتمع، وتكون الممارسات الزراعية التقليدية مصدر إلهام للابتكار في مجال الزراعة الحديثة من خلال دمج المعارف التقليدية مع التقنيات الحديثة، ووضع استراتيجيات جديدة تساهم في تحسين الإنتاج، وتلبية احتياجات السوق.